الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الاقتصاد: قانون التشاركية سيحول الشركات الخاسرة إلى رابحة

الاقتصاد اليوم:

العديد من الهواجس التي أثارها –ويبدو أنه لا يزال يثيرها- قانون التشاركية يتعلق بالدرجة الأولى بالخصخصة وبيع أملاك القطاع العام، وأخرى لها علاقة بحقوق العاملين في الشركات العامة المزمع طرحها للتشاركية، يضاف إليها ارتفاع تكلفة الخدمات والسلع الناتجة كمخرجات عن هذه التشاركية. ورغم التأكيدات الحكومية المستمرة باتجاه تبديد هذه الهواجس، وكان آخرها على لسان رئيس "مجلس الوزراء" المهندس "عماد خميس" –من منبر الاتحاد العام لنقابات العمال- الذي دحض كل ما يُشاع حول الخصخصة أو التفريط بأملاك الدولة، إلا أن الهواجس لا تزال تتملك بعضهم..!.

في المقلب الآخر يرى مؤيدو هذا القانون أنه لابد منه ولاسيما في مرحلة الإعمار، لاعتبارات تتعلق أولاً بتأمين الموارد المالية، وثانياً بتغيير نمط الإدارة في بعض المؤسسات العامة الخاسرة، وثالثاً بتطوير جودة الإنتاج وبأسعار تنافسية.

ولعل توضيح ماهية هذا القانون ومراميه الاستثمارية الحقيقية يكمن بصدور التعليمات التنفيذية الكفيلة بوضع النقاط على الحروف، وفي هذا السياق تؤكد مديرة السياسات في "وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية" يمنى شعيب" أن التعليمات التنفيذية لم تقرّ بعد، وقد تم رفع النسخة الأخيرة منها إلى رئاسة "مجلس الوزراء" لإقرارها، مفضّلة عدم الخوض بتفاصيلها لأنها قد تتغيّر في أية لحظة، إلا أنها أكدت أن الفكرة الأساسية في التعليمات التنفيذية هي تجاوز أي غموض أو صعوبة أو عدم وضوح ورد في القانون، لوضع الأخير على السكة الصحيحة.

شعيب التي بدت متحمّسة للقانون أوضحت أن هناك خيارين لتأمين الموارد المالية للإعمار، إما من خلال الاعتماد على رأس المال الداخلي، وإما على نظيره الخارجي، وفي ظل تعذر الأخير –وخاصة في هذه المرحلة- فالأول مطروح بقوة، ولعل أهم طريقة لتشجيع رؤوس الأموال الداخلية للاستثمار هي التشاركية في مشاريع قائمة أو مزمع إحداثها، ويمكن أن تكون هذه التشاركية بالإدارة أو بالملكية، وقد حدّد القانون هذه الأشكال بشكل واضح، مبيّنة أنه من خلال هذه التشاركية يمكن الاستفادة من خبرة ومرونة القطاع الخاص بمجالات محدّدة وخاصة الإدارية منها، وفي الوقت نفسه الاستفادة من مشاريع قائمة. فمثلاً إذا كان لدينا –على سبيل المثال- مشروع نسيج متوقف لأسباب إدارية، أو مادية، يمكن طرحه للتشاركية والاستفادة من القطاع الخاص ونجاحه في مجال الإدارة ومرونته وخبرته، فللقطاع الخاص طريقته في التعامل التجاري، وللعام نظامه الذي يخضع لقوانين معينة، وبالتالي يمكن من خلال التشاركية تحويل المشاريع الخاسرة والحدّية إلى رابحة عبر الاستفادة من مرونة القطاع الخاص وملاءته المالية، معتبرة أن هذه المشاريع يمكن أن تكون قاطرة للنمو.

وفي تعليقها على التخوّفات المثارة حول التشاركية ولاسيما باتجاه أن تأخذ شكل الخصخصة لمؤسسات وشركات القطاع العام، اعتبرت شعيب أنه لو كان الهدف هو الخصخصة فعلاً لكان من الممكن طرحها بطريقة مباشرة، فالفكرة أعمق من ذلك، وتتمثل بفكرة الإدارة والتشغيل، مشيرة إلى أنه كان هناك تجارب باتجاه التشاركية إلا أن مشكلتها تكمن بعدم تأطيرها بإطار قانوني، فالعقد المبرم لتشغيل مصفاة بانياس على سبيل المثال لم يكن مؤطراً بإطار قانوني، وغير منظم، إذ إن هذا الموضوع يخضع لإرادة المتقاعدين دون أطر عامة، فجاء قانون التشاركية لوضع الأطر والأسس لكيفية طرح المشاريع للتشاركية، كما أنه أصبح لدينا أولويات لطرح المشاريع للتشاركية حسب القطاعات المهمة. وهنا يأتي دور مكتب التشاركية ومجلس التشاركية، والإطار القانوني التنظيمي الذي أخضع القانون لهذه العملية ونظمها.

فكل التجارب العملية –حسب شعيب- تؤكد أنه إذا لم يكن هناك إطار تشريعي واضح ينظم جميع الأعمال ويضع حدوداً للمسؤوليات والصلاحيات، فسيكون العمل فاشلاً، لذلك قانون التشاركية نظّم هذه العلاقة لتكون واضحة. فالمطلوب اليوم هو إقرار التعليمات التنفيذية حتى يمكن تحديد القوائم وتكون المشاريع المطروحة للتشاركية واضحة.


واستشفّت شعيب من الرؤية العامة أن التشاركية ستلقى اهتمام القطاع الخاص، لأنه لن ينطلق من الصفر، بل سينطلق من منشأة قائمة ولها حصة في السوق، معتبرة أنه وبعد إصدار التعليمات التنفيذية وطرح قوائم التشاركية سيكون هناك مستثمرون مهتمون، وهذا سيحقق موارد مالية، وهذه هي الخطوة الأولى لتحريك الاقتصاد في هذه المرحلة التي نفتقد فيها للاستثمار، وهذا ما يعوّل عليه كثيراً في المرحلة القادمة، مؤكدة أن القانون ليس في مصلحة طرف على حساب الطرف الآخر، فهو يحفظ حق الدولة بأملاكها، ولم يتجه نحو الخصخصة، وفي الوقت نفسه يعطي مزايا للقطاع الخاص ويشجّعه باتجاه الاستثمار، لافتة إلى أن القانون يحتوي على مادة مهمة تؤكد أنه يحق للمستثمر تحويل أرباحه ورأس المال المستثمر دون معوقات وبشكل قانوني بعيداً عن السوق السوداء.

يذكر أنه وبعد إقرار التعليمات التنفيذية وتوضيح الرؤية حول مبدأ العمل بالتشاركية سيطلب من كل جهة قوائم بالمشاريع التي ترغب بطرحها للتشاركية، ومجلس التشاركية برئاسة رئيس مجلس الوزراء هو من يقرّر ذلك، مع الإشارة إلى أن هناك قطاعات ذات أولوية وذات قيمة مضافة، فوزارة الصناعة لديها مجموعة مشاريع ولديها رؤية لإعطاء هذه المشاريع قيمة مضافة، كما سيتم تشكيل مكتب للتشاركية تكون له طبيعة تنفيذية، ويتواصل مع الجهات المعنية، فهو نقطة الوصل بين مجلس التشاركية وبين المشاريع المطروحة للتشاركية.

البعث

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك