الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الصدمة ثم التكيف فمحاولة للنهوض.. خارطة الاقتصاد السوري منذ بداية الأزمة

الاقتصاد اليوم:

يمثل الناتج المحلي الإجمالي GDP أحد أبرز المجاميع الرئيسة للحسابات القومية، ويُستخدمُ في قياس النمو الاقتصادي لأي بلد حيث يعكس القيمة المضافة المتحققة في الاقتصاد المحلي نتيجة استخدام عوامل الإنتاج المتوفرة خلال فترة زمنية معينة.

وبحسب ما ذكره تقرير المركز السوري للبحوث والدراسات “مداد”، فقد حققت سورية خلال الفترة الممتدة من العام 2005 إلى العام 2010 معدلات نمو اقتصادي جيدة وصلت إلى + 5 % سنويا ، وصنفت ضمن الدول التي حققت أعلى معدلات النمو الاقتصادي على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك نظراً لما تمتعت به البلاد من استقرار سياسي واقتصادي وخطط اقتصادية طموحة. بالإضافة إلى وجود إمكانيات اقتصادية كامنة وكبيرة في شتى المجالات. لكن ونتيجة للأزمة التي تمر بها البلاد تعرض الاقتصاد الوطني للتدمير الممنهج على صعيد البنى التحتية كالطرق والجسور والسكك الحديدية وخطوط نقل الطاقة الكهربائية وأنابيب نقل النفط والغاز، كما تعرضت معظم حقول النفط والغاز للنهب والتخريب على يد الجماعات المسلحة. وتعرض القطاع الزراعي إلى انتكاسات كبيرة تمثلت في تقلص المساحات المزروعة وتدهور الإنتاج الزراعي، كما تعرضت السدود وشبكات الري ومنشآت القطاع الزراعي للتخريب والسرقة. وتأثر الاقتصاد بشدة نتيجة للعقوبات الاقتصادية الجائرة التي فرضها كلٌّ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية. وقد أدت هذه الأسباب كافة، إلى تراجع كبير وغير مسبوق في الناتج المحلي الإجمالي، فتدهور النمو الاقتصادي السنوي من + 5 % في العام 2010 إلى حوالي – 11.5 % وسطيا خلال سنوات الأزمة 2011 – 2015 .

ثلاث مراحل مر بها الاقتصاد السوري

بداية من العام 2012 بدأ الناتج المحلي الإجمالي بالانكماش والتراجع، ففي نهاية هذا العام سجل الناتج المحلي انكماشا بنسبة  – 15.97 %  وازداد الوضع الاقتصادي سوءا في العام 2013 ليتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة –  22.6 % وذلك بسبب تصاعد الأزمة بشكل كبير في ذلك العام. لكن وبداية من العام 2014 استطاع الاقتصاد السوري تقليص الانكماش إلى – 5.30 %  ثم إلى – 1.94 % في العام 2015 ، ذلك بسبب تكيف الاقتصاد السوري مع الأزمة وإيجاده للحلول البديلة إن كان لمدخلات أو لمخرجات العملية الإنتاجية.

وفي الحقيقة يمكن القول بأن الاقتصاد السوري مر بثلاث مراحل خلال الأزمة، وهي :

المرحلة الأولى: بدأت من منتصف العام 2011 وحتى نهاية العام 2012 وعرفت هذه المرحلة بمرحلة الصدمة للاقتصاد السوري. وتميزت بحدوث شبه انهيار وشلل اقتصاديين، خاصة في المناطق الساخنة، وبدأت هجرة الكفاءات ورؤوس الأموال للخارج، وتم تدمير وسرقة معظم المنشآت العامة والخاصة، وقطع طرق النقل الدولية .

المرحلة الثانية: خلال العام 2013 تميزت هذه المرحلة بمحاولة الاقتصاد امتصاص الصدمة، والسعي إلى النهوض الجزئي رغم تفجر الأوضاع السياسية والأمنية. حيث بدأ الاقتصاد بمحاولة التكيف مع الأزمة والتحول إلى اقتصاد الحرب، فتم إيجاد طرق بديلة للنقل والسعي لكسر الحصار والعقوبات الدولية الجائرة. كما قام القطاع الخاص بإعادة تشغيل جزء من المنشآت الاقتصادية المتوقفة بعد نقلها لمناطق آمنة، أو من خلال تأمين مصادر بديلة للطاقة واليد العاملة. كما أعطت الدولة الأولوية لتأمين المواد الأساسية كالوقود والغذاء والدواء بعدما أدركت أن انتهاء الأزمة سيستغرق وقتا طويلا ، وتميزت هذه المرحلة ببدء عودة بعض الأنشطة الاقتصادية للدوران تدريجيا ، وسط تراجع في نشاط العديد من القطاعات الإنتاجية .

المرحلة الثالثة: وامتدت من بداية العام 2014 وحتى الآن، كان هناك نوع من محاولات السير نحو الأمام، والنهوض الواضح على جميع المستويات، بما فيها التصدير، لكن بنسبة لم تتجاوز بأي حال من الأحوال 35 % من الوضع القائم قبل الأزمة وهذا طبعا ينطبق على المناطق الآمنة فقط.

لذا يمكن القول: إن تداعيات الأزمة لم تعد تفرمل العمل الاقتصادي، رغم أن البنية الاقتصادية ما زالت ضعيفة، نتيجة التدمير والخسائر والأضرار الهائلة، التي سببتها الحرب على الاقتصاد الوطني .وبسبب غياب الإحصاءات الرسمية للناتج المحلي الإجمالي للأعوام: 2012 ، 2013 ، 2014 ، و 2015 فقد تم تقديرها من خلال نموذج إحصائي، تم بناؤه بالاعتماد على البيانات الفعلية للمتغيرات الثانوية الداخلة في تكوين هذه القطاعات، المكونة بدورها للناتج المحلي الإجمالي “مؤشرات بديلة” والتي سيتم التطرق لها لحقاً بالتفصيل.

لولا الأزمة لكان معدل النمو بلغ 5.7%

وُضِعَ سيناريوهان لقياس أثر الأزمة في الناتج المحلي الإجمالي: السيناريو الأول هو السيناريو الفعلي للناتج المحلي والذي تم تقديره بناء على نماذج إحصائية. أما السيناريو الثاني السيناريو الأساسي فهو السيناريو الخاص بتقديرات الناتج المحلي الإجمالي في حال عدم وجود للأزمة في سورية.

ووفق السيناريو الأساسي كان من المفترض أن يحق الناتج المحلي الإجمالي معدل نمو وسطي يصل إلى + 5.7 % سنويا خلال الفترة من عام 2011 إلى عام 2015 ، وذلك وفقا لمتوسط معدلات النمو التاريخية ولأهداف الخطة الخمسية الحادية عشرة، في حين حقق الناتج المحلي الإجمالي وفقا للسيناريو الفعلي معدلا وسطيا قدره  – 16 % في العام 2012 و – 22.6 % في العام 2013 و – 5.3 % في العام 2014 و – 1.94 % في العام 2015 . وبالتالي يمكن قياس إجمالي الخسارة التي تعرض لها الاقتصاد السوري نتيجة للأزمة من خلال قياس الفجوة Gap بين السيناريو الأساسي والسيناريو الفعلي.

وعليه، فقد وصل إجمالي الخسارة في الناتج المحلي الإجمالي نتيجة للأزمة إلى 4061 مليار ليرة سورية بالأسعار الثابتة للعام 2000 حوالي 81.2 مليار دولار أمريكي موزعة على القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتعادل هذه الخسارة حوالي 2.2 ضعفا من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام2015.

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك