الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

باحث اقتصادي: الصراع الحقيقي في سورية بين قوى الفساد ودولة المؤسسات

الاقتصاد اليوم:

لا يخلو يوم إلا ونقرأ عبر وسائل الإعلام المحلية، أن وفدا وزاريا قام بجولة على مرفق خدمي للاطلاع على واقع العمل به، والوقوف على أخطاءه وتصويبها، وسبق ذلك أن قام رئيس الحكومة المهندس عماد خميس بعدة زيارات مفاجئة لعدد من القطاعات الحيوية الاقتصادية، لترتسم له الرؤية حول واقع الخدمات في تلك المرافق بوضوح مباشر دون تشويش، هذه الخطوات التي يقوم بها رئيس الحكومة وبعض الوزراء، رغم أهميتها، إلا أن المواطن لا يزال ينتظر إجراءات تحد من صعوبة وضعه المعيشي، وترهل الخدمات التي وضعت لأجله، وتضع النقاط على الحروف بشكل صحيح.

الدكتور "سنان علي ديب" رئيس فرع اللاذقية لجمعية العلوم الاقتصادية، أوضح أن المراقب والمتابع للحكومة المتجددة ونشاطاتها فيما تجددت به بخصوص الخدمات الاجتماعية والسياسات الاقتصادية، يرى نشاطات متتالية وبعض التغيرات في الآلية واستمرارية المتابعة والملاحقة، وهي فأل خير إن حصد الوطن والشعب بركة هذه الحركة، مشيرا إلى أن أي نشاطات لا تنتهي لما يخدم المواطن من حيث الاستفادة من الخدمات المختلفة وجودة هذه الخدمات وبما يحسن مستوى معيشته وينشله من الفقر والعوز، فهي تبقى من نوع “ديكورات” لذر الرماد بالعيون وتثبيط وتنويم همته للمطالبة المتكررة بالوصول إلى سوية معيشة منسجمة مع الوضع الذي وصلت له البلد، ولكن ضمن مبدأ الجود بالموجود وليس ضمن مبدأ التستر وراء الأزمة لتبرير الفساد والنهب والهدر المتزايد وللمزاودة بالشعارات الوطنية لحرف مرصاد المتابعة والمراقبة.

وعن تقييمه للأداء الحكومي منذ تشكيل الحكومة الجديدة وحركة الإعفاءات والتعيينات التي تحدث، قال الدكتور ديب: “ما يلاحظ على الأداء الحكومي هوتميزه عما سبقه من حيث الاستماع لمطالب الشعب والخبراء والسير بما كان حوله إجماع، وإن كان بوتائر مختلفة لمشاكل مختلفة, فكان الغالب على السلوك الجديد هوالنزول للشارع ورصد المطالب والأخطاء مباشرة من العين والأذن وترافق ذلك ببعض القرارات والإجراءات والتي كانت بداية خير ولكنها غير كافية إن لم تدعم باستمراريتها وكذلك شموليتها, فصحيح إن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك كان من الأنشط عبر زيارات ميدانية ومتابعة ولكن هوامش الفائدة مما يقوم به تظل صغيرة ما لم تتغير العقلية وإمكانية تغيير الواقع من حيث العمل على تدعيم نشاطه بأدوات قادرة على السير بنهج جديد همه المواطن ومواجهة الفساد والاحتكار والقدرة على فرض سياسات منظمة تكون وقائية ومحيطة بما أفسده الماضي.

ولفت الدكتور ديب إلى أن سياسة تدوير الزوايا وتغيير القبعات لا تنفع ضمن منظومات همها الاستفادة والنهب ولوعلى حساب صحة المواطن وتفقيره وتجويعه, فمبدأ التسعير الإداري المتدحرج لم ولن ينجح ليس لصعوبة تنفيذه وإنما لعدم توفر النية والإرادة وعدم تجديد دماء الوزارة بأدوات جديدة لم تنشأ على المنفعية الشخصية مهما حصل وضم هؤلاء لبعض الموظفين ذوي السمعة الجيدة والتاريخية النظيفة, وأكيد لن يستطيع الوزير ضمان نجاح أهدافه نحوتحسين مستوى المعيشة في معزل عن تكاملها مع وزارة الاقتصاد، والتي تتناغم مع موجات وزيرها والذي تعودنا على تغيراتها المفاجئة بين المد والجذر من خلال المصرف المركزي وجنون سعر الصرف والذي جنن الأسعار والمواطن والمراقب وصولاً لتنفيذ مقولة: “قولوا ما تريدون ونحن نفعل ما نريد”، وبالتالي فرض سعر يفوق ما يجب أن يكون.

تقلبات الحاكم القديم والوزير الجديد

وقال أيضا: “استمر الحاكم القديم والوزير الجديد في تقلباته، فيوم يسمح بتصدير الأغنام ويليه بمنع، ويوم يعوم إجازات الاستيراد لتعود للمحتكرين في التنفيذ، والمحصلة استمرار الاحتكار ومنع مؤسسات التجارة الخارجية من استيراد المواد لتصبح مؤسسات التدخل الايجابي بلا فعالية وبلا تدخل وغالباً أسعارها أكبر من سعر السوق وليغتني القلة على حساب شعب مدمى جريح صامد وصابر , وليطل علينا رئيس اللجنة الاقتصادية بنغمة جديدة لتصبح عنوان الأغاني القادمة وهي مصطلح التشاركية لإصلاح القطاع العام كمبدأ لجذب الاستثمارات وإعادة عجلة الإنتاج، ولكن تشاركيته أبعد ما تكون عن مفهوم التشاركية والغاية منها، فتشاركيته تخص الإدارة”.

وسأل الباحث ديب: “هل نستنتج من كلام وزير الصناعة السابق بأن 60% من خسائر القطاع العام بسبب فساد الإدارة، بأننا بحاجة للمجيء بكوادرجديدة غطاء لإفادة بعض المتنفذين واستمرارية التبذير بمقدرات القطاع العام الذي دفع الشعب من مدخراته وجهوده للوصول لها.. أم المطلوب تعيينات على أسس فاعلة وبناءة وفق شروط وقوانين تحقق خطط إنتاجية وترفد الخزينة وتحسن معيشة الموظفين، ومخرجات تخدم المواطن بسلع بديلاً من الاستيراد؟.. مؤكداً، أن هذا السلوك هو العلاج لأغلب الأمراض التي عانى ويعاني منها الاقتصاد السوري، فالتعيينات على أساس المحسوبيات والواسطات والتي الغاية منها خدمة الداعم ولو خسرت المنشأة وخسر الوطن.

تجفيف التصنيع واحتكار الاستيراد!

وبين ديب أن رئيس اللجنة الاقتصادية لمح للمشاركة بأراض لمعامل متوقفة ولمعامل دمرت ولا نية بإصلاحها، وهنا تكمن الغاية الأهم لصندوق النقد الدولي، ألا وهي تحجيم القطاع العام وسحب يده من إدارة العملية الاقتصادية ويتناغم مع غرائز أدوات البنك وتجار الأزمة وإرهابيي الاقتصاد، حيث أن تجفيف التصنيع واحتكار الاستيراد يؤدي لثلاث خدمات: أولاً مضاعفة الأرباح, ثانياً: مسك الدولة من اليد التي توجعها بالتهديد بالانهيار الاقتصادي، وثالثاً مراضاة للولايات المتحدة ولأدواتها, وقد كانت تجربة محطات الحوايا ومعمل إسمنت طرطوس في ظروف السلم خير مثال عما لحق بمداخيل الدولة من غبن عبر عدم الالتزام بالاتفاق وعدم تحصيل حقوق الدولة، فكيف الآن في ظروف الحرب والفوضى والابتزاز، وفي ظل ظروف يجب أن تكون هناك إدارة للاقتصاد ضمن خطط وبرامج اقتصاد الأزمات والكوارث.

ولفت ديب إلى أن سلوكيات وتصريحات وزير الاقتصاد ترافقت مع عدم النية لمصرف سورية المركزي بإجراء أي تغير في سياسات الحاكم السابق، وفي سلوك يخيل للمتابع أن الحاكم السابق هو المشرف العام على سعر الصرف وهو المعرقل والكابح لأي تغيير فيه حتى لا يعري سلوكياته السابقة والتي كان لإجراء شعبي وحكومي خارج أدواته الدور الأبرز في تعريته عندما هبط سعر الدولار من 620 ليرة لحدود 300 ليرة قبل أن يتدخل الحاكم السابق للمصرف ليتدخل سلبياً بحدود 470 ليرة مخالفاً كل الأدوات والسياسات وليصعق من بقي برأسهم عقل.

نية صادقة ولكن؟

وأضاف الباحث ديب: “بالمحصلة, إن نهج وسلوكيات رئيس الحكومة الجديد تدل على نية صادقة، راهن الكثير من السوريين عليها ونتمنى أن تستمر بما يخدم الوطن والمواطن، ولكن أي نهج لا ينعكس على تحسين مستوى معيشة المواطن وتحسين جودة الخدمات وإعادة المنصب لمكان لخدمة المواطن وليس لاغتناء من يسكنه وصولاً للإحاطة بالفساد المتزايد والمعفن، فسيكون حركة بلا بركة، وكل هذه الأمور ما لم تنعكس على سياسات اقتصادية تعيد لليرة سعرها الطبيعي وينعكس على سعر المحروقات وبالتالي تعيد عجلة الإنتاج وإعادة البناء، فلن تصلنا لبر الأمان واستمرارية تحصين المجتمع واستمرارية دعمه وبكل قوة للمؤسسة العسكرية الضامن الحقيقي لوحدة الأرض والدم وحماية العرض.

مشيرا إلى أنه للوصول لبر الأمان لابد من سياسة تعيينات جديدة تقوم على الكفاءة والمهنية والتاريخية الوطنية ونزاهة السلوك ولا تعتمد على تغيير القبعات, مؤكدا أن الصراع الحقيقي في سورية هوبين قوى الفساد ودولة المؤسسات، مشيرا إلى أن هناك تفاؤل برئيس الحكومة الجديد خلال تنشئته المؤسسية وسلوكه القويم, حيث وجدنا بسلوكه نغمة جديدة قد تطرب الشعب والوطن، ونتمنى أن تستمر وبنفس أقوى يقوي المؤسسات ويحيط بالفساد ويحسن مستوى المعيشة وبعقل الفريق الذي يتولى إدارته والتنسيق بينه وتكريس العقل الجماعي فيه, وأخيراً إن لم تعد للمؤسسات فعاليتها وقوتها وإن لم تحدد صلاحيتها فلن نصل لبر الأمان.

المصدر: هاشتاغ سيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك