الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

بقلم الباحث محمد الرويم: سياسة ترشيد الاستيراد..ما لها وما عليها

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

ترشيد الاستهلاك سياسة استخدمتها الحكومة في ظل الازمة وتهدف حسب تصريحات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية إلى أمرين أساسيين :

أولاً- إدارة الطلب على القطع الاجنبي . حيث يشكل الاستيراد ضغطاً كبيراً ومتصاعداً على سعر صرف العملة الوطنية ويقوم المصرف المركزي بتمويل ما يقارب /10-12/% من قيمة إجازات الاستيراد والتي بلغت قيمتها في عام /2015/ بين /14-17/ مليون يورو يومياً .

ثانياً- الاحتكار والمستوى العام للأسعار. فمنح كمية كبيرة من إجازات الإستيراد لتاجر واحد يعني قدرته على التحكم الاكبر بالسوق ومنع دخول المستورد الصغير.

وزاد من حدة هذه السياسة مؤخراً صدور القرار رقم /703/ لعام /2015/  والذي فرض على المستوردين إيداع مبالغ مالية كمؤونة لدى المصرف تعادل قيمة إلاجازة المطلوبة لقائمتين من السلع . والذي تم تعديله مؤخراً ليخفض قيمة المؤونة المالية إلى /25/% ويستثني بعض المواد من تطبيقه. وكان هذا التعديل جيداً وجاء تلافياً لبعض أخطاء القرار  وتجاوباً مع متطلبات السوق وهو أمر تشكر عليه وزارة الاقتصاد التجارة الخارجية . والقرار رقم  /145/ لعام /2016/ والذي حضر شحن أكثرية المواد إلى المناطق الحرة وأشترط الحصول على موافقات مسبقة لشحن بضائع أخرى . والذي نأمل الوزارة إلغائه أو تعديله لما احدثه من ضرر بالغ في سير العمل الاستثماري فيها والذي أنعكس على المستثمرين والايدي العاملة لديهم وعلى إيرادات المؤسسة العامة للمناطق الحرة والتي تصب في النهاية في خزينة الدولة وفي مصلحة الاقتصاد الوطني بشكل عام.

ولكن ما هي مخاطر سياية ترشيد الاستيراد:

1- تؤدي سياسة ترشيد الإستيراد إلى شح المواد في الاسواق الداخلية وبالتالي إرتفاع أسعارها وزيادة الاعباء المالية على المواطن المنهك أصلاً في ظل إنخفاض شديد في مستويات الدخل.

2- سياسة الترشيد تؤدي إلى عرقلة وتباطؤ عجلة الانتاج المحلي وتؤذي الصناعة المحليه بسبب بطئ تدفق المواد الاولية ومستلزمات الانتاج.

3- تؤدي إلى حرمان الخزينة العامة للدوله من الرسوم والضرائب الجمركية وبالتالي تناقص إبرادات الدولة و إضعاف قدرتها على الإنفاق.

4- تشميل المناطق الحرة بسياسة الترشيد أدى إلى شبه شلل في عملها الاستثماري وإنخفاض في إيراداتها الناجمة عن حركة التجارة ( الترانزيت- الاسواق المحلية )والاضرار بقطاع الاعمال الخاصة فيها وما لذلك من منعكسات على معدل البطالة  وضعف قدرتها على جذب الاستثمارات.علماً أنها تعتبر من أعمدة الاقتصاد الوطني ومن أكبر الحواضن الاستثمارية في سوريا والشرق الاوسط.

5- يخشى من أن تؤدي سياسة الترشيد إلى نتائج عكسية بترسيخ الاحتكارات وحصر حركة الاستيراد بأيدي عدد قليل من التجار الكبار وإزاحة عدد كبير من المستوردين من المنافسة بشكل مجاني وبرعايه رسمية الامر الذي يؤدي إلى تقليص الخيارات أمام المستهلك من حيث كم ونوع المواد المعروضة والموجودة في الاسواق.

6- على الرغم من أن هذه الساسية مطبقة منذ بداية الازمة إلا اننا لا نزال نشاهد كميات كبيرة من السلع الكمالية المستوردة تملئ الاسواق ( البسكويت - العاب الاطفال- صناعات بلاستيكية واكسسوارات- اجهزة الهاتف المحمول- السيارات- الادوات والتجهيزات الحاسوبية...الخ ). الامر الذي يثير التساؤل حول نجاعة هذه السياسة وصحة تطبيقها.

مقترحاتنا لجعل سياسة ترشيد الاستهلاك أكثر جدوى وموائمة للاقتصاد الوطني والمواطن:

- إخراج وإستثناء المواد الاستهلاكية الاساسية للمواطن والمواد الاولية اللازمة للصناعة ومستلزمات الانتاج والمواد التي تدخل إلى المناطق الحرة بقصد إعادة التصدير من معادلة الترشيد بشقيها المال والاداري.

- إستبدال الوسائل الادارية المستخدمة في الترشيد بوسائل مالية فقط أي التخفيف من تعقيد المعاملات والموافقات لصالح زيادة الرسوم الجمركية وبما يتفق مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تلتزم بها الجمهورية العربية السورية في المجال الجمركي والاقتصادي.وبحيث يؤدي ذلك إلى زيادة إيرادات الدولة ويخفف قدرة المواطن على إستهلاك بعض المواد والسلع الكمالية.

- ضمان شفافية وتوحيد شروط ومعايير منح الاجازات من أجل تأمين النزاهة في العمل والعدالة بين جميع التجار والمستوردين مهما كانت ملائتهم المالية . أي تقرير مبدأ المنافسة النزيهة وبما يخدم مصلحة المواطن في النهاية .

- إرفاق سياسة الترشيد بحملة وطنية شاملة تساهم فيها وسائل الإعلام الوطنية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات الاجتماعية والاقتصادية بهدف توضيح معنى هذه الاجراءات ومبتغاها وتوعية المواطنين بأهمية الترشيد في الاستهلاك في المرحلة الحالية وإمتناع المقتدرين منهم عن الهدر والإسراف وتشجيع شراء وإستهلاك المنتج المحلي وتشجيع مشاريع إعادة التدويروالاستخدام ( تدوير مواد التغليف - البلاستيك - الورق - الكرتون - المعادن وكل مادة قابلة للتدوير).

- ربط ساسة ترشيد الاستيراد بسياسة تشجيع التصدير ( إعفاء الصناعيين الذين يقومون بتصدير منتجاتهم إلى الخارج من رسوم إستيراد المواد الداخلة في صناعة هذه المنتجات على سبيل المثال).

- أن تستهدف إجراءات الترشيد نوعية المواد المستوردة وليس كميتها فقط . فلا يسمح بدخول البضائع ذات النوعية الرديئة والتي تضطر المواطن إلى استهلاكها بكثرة بسبب ردائتها وعدم جدواها لمدة طويلة من الزمن. وخصوصاً الادوات الكهربائية ووسائل الانارة وملحقاتها وقطع الغيار وما إلى ذلك .فإستخدام المنتج الجيد والذي يخدم لفترة طويلة هو نوع من التوفير والاقتصاد حتى لو كان ثمنه مرتفع عن المنتج الرديئ.

وأخيراً نوجه الدعوة إلى أن تظل سياسة ترشيد الاستيراد مجرد إجراء مؤقت وعلاج موضعي لا أكثر وأن لا تتحول إلى استراتيجية لدى الحكومة . بل أن يظل الهدف الاساسي والاستراتيجية الطويلة هي إعادة تدوير وإطلاق عجلة الانتاج المحلي وبكامل طاقتها الممكنة. فذلك أسلم للاقتصاد الوطني وأنفع للمواطن.

الباحث الاقتصادي : محمد الرويم

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك