التأمين.. أرباح على حساب الجيوب المستباحة!
الاقتصاد اليوم:
لم تنقطع البشائر الصادرة عن السورية للتأمين الموجهة للعاملين، وعلى حسابهم، حيث أقر مجلس إدارة المؤسسة تعرفة جديدة للعاملين في جهات القطاع الاقتصادي.
فقد كشف مدير عام المؤسسة العامة السورية للتأمين، عبر إحدى وسائل الإعلام، نهاية شهر تموز، أنه تم إقرار تعرفة جديدة لبوليصة التأمين الصحي، الفردي والجماعي، للعاملين في جهات القطاع الاقتصادي.
تعقيدات غائمة!
حديث المدير العام للسورية للتأمين كان فيه الكثير من الشروحات، حول الآلية التي سيتم اتباعها من أجل اعتماد التعرفة الجديدة، حيث تم اعتماد التوزيع حسب (نوعية القطاعات، والتوزع الجغرافي، والشرائح العددية، والشرائح العمرية) ولكل من هذه التبويبات تعرفتها المرتبطة بحجم التغطية والخدمات المقدمة مقابلها، مع عدم إغفال وجود بعض المعايير المرتبطة ببيئة العمل، والأخطار المتعلقة بهذه البيئة، كون بعض بيئات العمل نسب الأمراض فيها مرتفعة.
ووفقاً للأسس والمعايير والتبويبات السابقة، فإنه من الطبيعي أنه سيتم زيادة التعرفة عند الانتقال من شريحة عمرية إلى أخرى، كما سيجري مقابلها تعديل بالتغطيات والخدمات المقدمة لقاء عقد التأمين، وبناء عليه، فإن كل جهة مؤمنة ستترتب عليها أقساط مختلفة اعتماداً على الشرائح العمرية والعددية، كما ستختلف نوعية الخدمات والتغطيات.
بناء على كل ما سبق، يتضح بأن هناك الكثير من التشابكات والتعقيدات، التي لا يمكن للعامل معرفة تفاصيلها، وستبقى غائمة بالنسبة له، بمقابل ما سيتم فرضه عليه من أقساط، وما يمكن أن يستفاد منه على مستوى الخدمات والتغطيات الصحية المقابلة، على الرغم من مساعي الشرح على لسان مدير عام السورية للتأمين.
مصالح على حساب العاملين!
ما لم يغفله المدير العام، أن التعرفة السعرية الجديدة، والآلية المقرة، تمت بالاستعانة بقاعدة البيانات والأرقام الموجودة للمؤسسة، إضافة إلى الدراسات المقدمة من شركات إدارة النفقات الصحية، وقاعدة البيانات التي تمتلكها، وأنه تم اعتماد مبدأ الشريحة العمرية أساساً، للانطلاق مع تحميل العقد نسبة الأتعاب الإدارية ومصاريف الإدارة، وبأن الزيادة غير متساوية لسبب أنه توجد حالة أمراض مزمنة، معرجاً على أن ارتفاع أسعار الأدوية خلال السنوات الماضية بشكل واضح قد عزز من ارتفاع حجم الإنفاق، كما أن أي تعديل يطرأ على سقف التغطيات بناءً على طلب المؤمن له فإن ذلك سيرتب زيادة على القسط.
ولعله من الجلي والواضح أن هذه المعايير تم الأخذ بها بما يحقق مصلحة المؤسسة، بالإضافة لمصلحة شركات إدارة النفقات الصحية، وضمناً طبعاً مصالح مقدمي الخدمة، وآخر ما تم حسابه هو مصلحة المؤمن عليه من العاملين، باعتبار أن كل تلك الآلية نهاية مطافها على مستوى التطبيق ستكون على حساب جيب العامل المستباح وصحته المهدورة.
وبعد ذلك كله، يقول المدير العام: بأن اعتماد التعرفة السعرية الجديدة هدفه دفع قيمة الخدمة المقدمة، وليس الربحية، فالمؤسسة لا تبحث عن الربحية، كذلك لا تبحث عن الخسارة، موجهاً أصابع الاتهام في حال الخسارة إلى سوء الاستخدام، سواء من حامل البطاقة، أو من مقدم الخدمة!.
أبعدوا الخصخصة عن القطاعات التكافلية
يشار إلى أنه سبق وأن أعلن مدير التأمين الصحي في المؤسسة العامة للتأمين بأنه ستتم إعادة النظر بالبدل السنوي للمؤمن عليه من العاملين في القطاع الإداري، وبأن قطاع التأمين الصحي بحاجة إلى إعادة هيكلة، وقد كان ذلك في الندوة التي عقدتها هيئة الإشراف على التأمين بتاريخ 9/8/2017.
ونعيد بعض مما سبق أن أوردناه في عدد قاسيون بتاريخ 12/8/2017، بمادة حملت عنوان «التأمين.. بشرى غير سارة»، حيال مجريات الندوة أعلاه:
«من الواجب إعادة النظر بمجمل العملية التأمينية، وإيقاف الخصخصة الجارية فيها، وذلك بمنع القطاع الخاص من التغول أكثر فأكثر على هذا القطاع الواسع والمربح، عبر شركات التأمين الصحي الخاصة، التي لا يمكن اعتبارها إلا أنها شركات استثمارية، غايتها ربحية خالصة... خاصة وأن قطاع التأمين عموماً يعتبر أولاً وأخيراً قطاعاً ذا طابع تكافلي اجتماعي، ولا مَنّة لأي طرف فيه على المشتركين به، فدور المؤسسات في هذا القطاع يجب ألا يخرج عن كونها مؤطرة ومنظمة لهذا الدور الاجتماعي فقط لا غير، فكيف بأن تصبح غايتها التربح على حساب هؤلاء المتكافلين، وضد مصالحهم».
صحيفة قاسيون المحلية
تعليقات الزوار
|
|