باسل كويفي يكتب: بين مطرقة أسعار الغذائيات وسندان أسعار النفط
الاقتصاد اليوم ـ خاص:
كتب المهندس باسل كويفي لموقع الاقتصاد اليوم:
بينما تواصل أسعار السلع الغذائية الأساسية وأسعار حوامل الطاقة الارتفاع ، نتيجة الحرب الدائرة في اوكرانيا تواصل حكومات منطقتنا الاوسطية البحث عن سبل لإدارة أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية التي تتواتر صعوبتها وتتنامى تأثيراتها .
لا بد لنا من التمييز بين بلاد الانتاج النفطي والغاز الطبيعي والبلاد المستوردة لهما .
فالاولى ، منطقة الخليج العربي وايران والعراق وليبيا والجزائر .. وهي على اختلاف أحوالها الأمنية والاجتماعية والسياسية ، إلا ان ارتفاع أسعار السلع الغذائية يتوازى مع ارتفاع أسعار النفط والغاز، مما لا يشكل أعباء اضافية على فاتورة توريد المواد الغذائية نتيجة تصاعد ايراداتها من المواد النفطية بشكل أعلى من انفاقها ، ويزيد من قدراتها على إدارة أزمة الغذاء العالمية على المستوى المحلي لبلدانها بل وتزداد قدرتها لتقديم مساعدات مالية واقتصادية إلى حلفائها . تتوزع بين منح وقروض وودائع واستثمارات مباشرة او غير مباشرة …على نحو يمكنها من احتواء الآثار الداخلية لارتفاع أسعار الغذاء ويسمح لها بإنقاذ الحلفاء الإقليميين.
أما الثانية من بلاد المنطقة ، فهي تضم سوريا والأردن ولبنان واليمن ومصر والسودان وتونس والمغرب وموريتانيا والصومال …وهي على الاعلب ومع اختلاف أحوالها الامنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تشعر بالقلق للمستقبل حيث تنحصر بين مطرقة فاتورة أسعار الغذاء وسندان فاتورة أسعار النفط وحوامل الطاقة …بما ساهم ويساهم في تغيير جوهري في ميزانيات تلك الدول وتعرض شعوبها وحكوماتها الى تبعات أزمات كبرى لم تكن محسوبة وعليها البحث عن سبل للتغلب عليها.
عبر ضرورة توفير اعتمادات مالية إضافية للإنفاق على استيراد السلع الغذائية لتغطية احتياجات الاسواق المحلية ( 25% تقريباً ) ، وكذلك (45% حوالي ) لتغطية واردات النفط وحوامل الطاقة …لضمان حصول مواطني تلك الدول على حد أدنى من مستلزماتهم المعيشية . وبالنظر الى قلة الموارد يصبح التضخم عبئاً ثقيلاً إلى مجمل الحالة الاقتصادية والمالية والانتاجية .. لتتحول الى أزمة طاحنة ذات أبعاد اجتماعية وسياسية عديدة.
قد يكون من المجدي اعادة التفكير في الدعم وتوزيعه لتجاوز ازمة الغذاء والطاقة وخلق حالة اسعافية من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي عبر رفع معدلات الانفاق على برامج الضمان الاجتماعي وتوسيع اطار المسؤولية الاحتماعية لكبرى الشركات بما يهدف الى مساعدة الفقراء والاكثر عوزاً ، للتخفيف من آثار ارتفاعات الأسعار عليهم وإبعاد شبح التوترات الاجتماعية وازدياد التفاوت الطبقي ، غير أن رفع معدلات الإنفاق على برامج الدعم المالي يتطلب توخي الحذر من تداعيات المزيد من الاقتراض الخارجي والداخلي أيضا ، مما يضع الحكومات في مواجهة وضعية اقتصادية خطيرة للغاية.
ليست تلك بالوضعية السهلة على بلدان المنطقة بتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأكثر بسبب الحالة السياسية الاقليمية والعالمية الراهنة التي تشهد تغيرات واعادة تموضع وحرب معلنة وغير معلنة بما يرافقها من عقوبات اقتصادية ومالية وحالة من تخلخل الامن والاستقرار في اوروبا على وجه التحديد … وحالة ترقب وحذر في الشرق الاقصى .
إن ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن، لا يعول على انفراد مؤسسات الدولة والسلطة التنفيذية بالمهمة. فلا بد من وجود قطاع خاص تنافسي ومبتكر ويوسع من الملكية الخاصة ، ولا بد من مشاركة المجتمع المدني ممارسة نشاطاته الوطنية لابداء الرأي ومبادرات الابداع والرقابة المجتمعية … بما يساهم في إعادة البناء من أجل الصمود والتعافي المبكر .
وبالتالي فإن التوسع في برامج الضمان الاجتماعي والحماية الاحتماعية باعتقادي هو الاسلوب الانجع لادارة الازمات وللتقليل من الآثار السلبية للأزمة الراهنة والرفض التام لتسييس معاناة الشعوب في خدمة سياسات التبعية وتضييق خيارات الارادات والادارات .
تعليقات الزوار
|
|