رفيف..السيارة الشبح تطرحها أرضاً.. وتهرب!
الاقتصاد اليوم:
قصة رفيف: فتاة كانت تحاول أن تقطع الشارع عند أوتستراد المزة، وكان يقف إلى جانبها شرطي المرور ودراجته. كانت إشارة المرور حمراء. لم يخطر ببال رفيف أنها عندما ستقطع الشارع ستكون هناك سيارة تتجاوز إشارة المرور بهذه السرعة دون أي اعتبار لوجود شرطي أو مارّة على الطريق. ومن الواضح أن هذه السيارة تتبع لإحدى الجهات التي تعتبر نفسها فوق كل النظم الاجتماعية والقانونية والأخلاقية. هذه السيارة صدمت رفيف وتابعت سيرها بسرعة جنونية وكأن شيئاً لم يكن.
السيارة الشبح لم يرها أحد إلا الضحية التي طرحت أرضاً، اختفت صورتها من شاشات الرادارات وكمرات مراقبة الأوتستراد وضمير درّاج شرطة المرور ووعيه. هرع المواطنون إلى نجدة الفتاة، ثم جاء الهلال الأحمر وأسعفها إلى مستشفى الرازي الخاص الذي رفض استقبالها رغم إصابتها البليغة، لم تكن رفيف بوعيها كي يتسنى لها إسكات إدارة المستشفى التي تتطلع إلى جيوب المرضى قبل النظر في حالتهم، لم تستطع الفتاة المسكينة إخبارهم بأنها قادرة على تغطية تكاليف إسعافها على الأقل. وهنا تجدر الإشارة إلى تعميم نقيب المحامين نزار اسكيف حول مرسوم تشريعي صدر في عام 2007 يقضي بأن كل المشافي الحكومية والخاصة ملزمة بتقديم الإسعاف مجاناً لأي شخص يقيم في أراضي الجمهورية العربية السورية.. ونود أن نؤكد أهمية هذا النوع من الإجراءات التي تضمن حق أي مريض في أن يتلقى خدمة الإسعاف.. والسؤال: هل كان قسم إسعاف مشفى الرازي على علم بهذا المرسوم أم أنه تناساه؟ فما كان من مسعفي الهلال الأحمر إلا أن رضخوا للأمر الواقع ونقلوا الفتاة إلى مشفى حكومي وهنا كانت مصيبة أخرى.
لماذا عندما تدور المقارنة بين المشافي الخاصة والمشافي الحكومية يتبادر إلى ذهن الجميع سوء المشفى الحكومي من ناحية إهمال الأطباء وسوء معاملة الممرضين للمرضى، علماً أنها تتبع للحكومة، ومن المفترض أن الحكومة هي الجهة التي تملك كل الصلاحيات والإمكانيات لفرض أعلى حالة من الانضباط على كوادرها، خصوصاً في الظروف التي نعيشها اليوم. يبقى هذا الكلام برسم وزارة الصحة لتفعل ما يمليه عليها واجبها المهني والأخلاقي.
مشفى المواساة هو المشفى الذي استقبل رفيف مشكوراً، هناك جاءها شرطيٌ ليأخذ منها بعض المعلومات ويكتب (الضبط)، بينما كانت هي بين الصحو والإغماء، طلب منها رقم هاتف أحد أهلها، فطلبت حقيبتها عندما جاء بها الشرطي اكتشفت أن هاتفها الجوال ومبلغاً من المال كان قد اختفيا، طلبت الفتاة من الشرطي تسجيل ذلك في الضبط، ولكنه رفض مؤكداً لها أن هذه الأمور تحدث في حالات مثل حالتها وأنها غير مهمة رغم إلحاحها على الموضوع، ولكن الشرطي ذهب دون أي تعليق، مما يثير الشبهة في أن له يداً بالمسألة.
كانت الحادثة قد وقعت في الساعة الثالثة ظهراً تقريباً، ولم تستطع الفتاة إبلاغ أحد من ذويها بما جرى لها. في هذه الأثناء عانت الأمرّين، لاقت استهتاراً غير معقول من قبل ممرضات المشفى اللواتي رفضن إعطاءها أي مسكن يخفّف عنها آلامها، كانت قد أصيبت بكسر شديد الخطورة في مفصل الورك، ألقى بها الممرضون على أحد الأسرّة فوق مكان إصابتها بالضبط، مما تسبب بأذىً كبير لها، وعندما كانت تشكو لهم ألمها كانوا يقولون إنها ليست من مسؤوليتهم وإن (جماعة الإسعاف) هم من يجب أن يقدموا لها كل ما يلزمها، إحدى الممرضات أخذت تصرخ في وجهها (هذه ليست مشكلتي). أتى بعد ذلك أحد الأطباء وأخبرها أن عليها تأمين براغي لعلاج مفصلها المصاب، وإذا لم تؤمنها في الحال فإن حالتها ستتفاقم. كانت الفتاة غير واعية تماماً في تلك اللحظات، حتى أنها بصعوبة استطاعت إعطاء أحدهم رقم هاتف أحد الأقارب حين ذاك كان قد مضى عليها نحو الثلاث ساعات. عند وصول أقاربها جاءهم مندوب شركة تجهيزات طبية وأخبرهم أن العملية لن تجري ما لم يدفعوا له ثمن البراغي اللازمة لإجراء هذه العملية والتي كانت قد اشترتها المشفى منه لإجراء هذه العملية، دفع الأهل كل ما يتوجب عليهم من أجل إجراء العملية الإسعافية. بعد أن أجريت العملية كانت الفتاة تتألم بشدة وتطلب المساعدة من الممرضين الذين رفضوا، لأن قسم الإسعاف مسؤول عنها، وعند مرور أحد الأطباء توسلت رفيف إليه بأن يقدم لها المساعدة، ففاجأها بأن المشفى كان قد خرّجها منذ ثلاثة أيام، أي أنها غير موجودة في سجلات المشفى كمريضة.
أخبرتنا رفيف بتفاصيل عن إقامتها في مشفى المواساة قد تكون غير جوهرية، لكنها تدل على تردي الأوضاع في المشافي الحكومية الممرضون منهمكون في (طق الحنك) على وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة من (فيس) و(واتس) وما إلى ذلك، عن طعام يقدم إلى المرضى في الأطباق دون ملاعق على الأقل وكأن مرضانا من الحيوانات.
رفيف هي ضحية حادثة سير ارتكبتها سيارة تعامى عنها الجميع، رفضت أن تذكر لنا اسمها الحقيقي خوفاً من أن يصيبها أي أذى من صاحب السيارة الشبح أو القائمين على مشافينا، لكنها أرادت أن تحكي لـ(النور) عمّا تعرضت له من إساءة وظلم، عسى ألا يتكرر ما حدث لها مع أحد آخر.
المصدر: صحيفة "النور" المحلية
تعليقات الزوار
|
|