الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

كتب الباحث المستشار غسان وديع العيد: الإدارة الرشيدة (الحوكمة) في القطاع العام

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

انطلاقاً من هذا الواقع جاء الاهتمام بتطبيق الحوكمة كحل متكامل وفعال لهذه السلبيات وبذلك حاز على اهتمام مختلف الكتاب الباحثين في المجالات المحاسبية والاقتصادية والإدارية والقانونية المختلفة, وأصبحت حقلاً خصباً للبحث والدراسة للاستفادة من المزايا والايجابيات المتعددة للإدارة الرشيدة (الحوكمة) وضرورة التوسع في تطبيق مفهومها في البيئة الاقتصادية الحالية سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص.

ونشير هنا إلى أن ظهور مفهوم حوكمة القطاع العام أو ما يعرف بحوكمة الحكومات بشكل تطبيقي إنما تم في نقاشات وزارة المالية الهولندية عام 2000 حيث عقدت عدد من الاجتماعات وورش العمل بهدف تفعيل دور حوكمة القطاع العام في هولندا أو محاولة الإجابة عن ماهية هذه الحوكمة وكيفية تطبيقها حيث أن أهم ما عنيت به حوكمة القطاع العام هو تكريس تضافر الجهود مع كافة القطاعات الحكومية لدرء حدوث الأزمات الإدارية التي تؤدي بشكل عام إلى هدر الأموال الحكومية العامة وإلى فقدان التحكم في النظام الإداري وفقدان المسؤوليات عند حدوث خلل في تطبيق الأنظمة والمشاريع المختلفة أو تشغيل العمليات العامة بشكل يعرف بالأفقي بين دوائر القطاع العام, وإن تطبيق وتطوير مبادئ ونهج حوكمة القطاع الحكومي هي مسؤولية الجميع بلا استثناء ويتطلب تفعيل برامج التوعية سواء للإدارات الحكومية نفسها أو للمواطنين مع تفعيل الرأي العام المساند والسماح بالمشاركة في صناعة القرارات وإعداد التشريعات, حيث تعد حوكمة القطاع الحكومي مشروعاً وطنياً يبدأ بالإرادة السياسية والعزيمة لتكريس الشفافية في القطاعات المشتركة بنظرة أفقية لا عمودية وأن يعمل المشروع على محاور أساسية أهمها معالجة حالات تعارض المصالح وانعدام المسؤوليات وتقليل المخاطر والخسائر المتوقعة في كافة أوجهها وأن يعتمد اعتماداً جذرياً على قياس وتقييم الأداء المشترك بين الدوائر الحكومية فلا يجوز مثلا النظر لدائرة دون أخرى, وهنا فإن تقييم الأداء لا يقصد به الأداء المالي من حيث دراسة وتحليل ميزانيات القطاعات المختلفة فقط بل يعتمد على قياس وكفاءة الخدمة العامة وعلى مقدار المعرفة والنضج الناشئين من جراء تطبيق حوكمة القطاع الحكومي.

("إن المال كان وقود المجتمع الصناعي أما في مجتمع المعلومات فإن المعرفة هي الوقود وهي السلطة. لقد ظهر هيكل طبقي جديد يميز بين من يملكون المعرفة ومن يجهلونها وتستمد هذه الطبقة قوتها ليس من المال والأطيان بل من المعرفة"... جون كينث جالبريت)

وتعد حوكمة القطاع العام في أغلب دول العالم مطلبا ملحاً في الوقت الحاضر أكثر من أي وقت مضى, فقد أولت الدولة في سوريا في عهد السيد الرئيس بشار الأسد كل اهتمامها للتطوير والتحديث بشكل عام من خلال المبادرات والمشاريع المختلفة والتشريعات المتطورة التي ينصب جلها في إصلاح الأنظمة الإدارية والتشغيلية في القطاعات العامة المختلفة وصولاً إلى التنمية والإدارة الرشيدة (الحوكمة), وتعود أهمية الحوكمة إلى أهمية تفعيل دور وحدات الرقابة الداخلية في القطاعات العامة والحكومية والتأكد من استقلالها وعدم ارتباطها تنظيمياً بالإدارات التنفيذية المباشرة ولا تخضع لسلطة الرئيس التنفيذي وهذا يعد مطلباً أساسياً لدحض تضارب المصالح عند تطبيق الخطة العامة المرتبطة بما يصدر من تقارير للرقابة الداخلية أو الخارجية منوهين إلى أن تطبيق حوكمة القطاع الحكومي يرتبط بتوفر محددات خارجية تشير إلى المناخ العام للاستثمار ووجود قوانين ناظمة للنشاط الاقتصادي مثل قوانين سوق المال وقانون الشركات وقانون تنظيم المنافسة ومنع الممارسات الضارة بالاقتصاد من الاحتكار والإفلاس بالإضافة إلى قانون مكافحة الفساد.

ووجود غطاء مالي جيد يساهم في توفير التمويل اللازم للمشروعات الجديدة مع تنافسية أسواق السلع وعناصر الإنتاج وكفاءة الأجهزة والهيئات الرقابية في تطبيق الحوكمة على جميع منظمات المجتمع بما فيها الجهات المهنية من مراجعين ومحاسبين قانونيين ومحامين ...... الخ. بالإضافة إلى وجود جهاز قضائي شفاف وعادل وقادر على تحديد المسؤولية وفرض المخالفات الإدارية والمالية في الجهات العامة والخاصة في الوقت المناسب بالإضافة إلى ضرورة وجود محددات داخلية تتعلق بالشفافية في اتخاذ القرارات وإعلان أساليب العمل المطبقة لدى الجهات العامة على الجمهور مع كيفية التأكد من تطبيقها وتوضيح توزيع السلطات بين الإدارات منعاً لازدواجية العمل وتضارب المصالح وإعلان المعايير التنظيمية لقياس الأداء والتأكد من تقديم الخدمات المناسبة للمواطنين بكفاءة وجودة مناسبين وبمشاركة وسائل الإعلام والمجتمع المدني لإلقاء الضوء على أي سلوك مخالف مما يخلق الثقة في الأجهزة الرسمية ويشجع الاستثمارات الداخلية والخارجية مما يدعم الاقتصاد القومي. منوهين إلى أن نجاح الحوكمة في القطاع الحكومي يزيد من نمو القطاع الخاص ويدعم قدراته التنافسية وتساعد المشروعات في الحصول على التمويل وتوليد الأرباح وخلق فرص عمل كما تساهم الحوكمة في محاربة الفساد مما يخلق قطاع عام قادر وشفاف وفاعل يؤمن خدمة المجتمع ويوفر معدلات نمو جيدة.

("من المؤكد ان المدير بحاجة إلى رؤى واضحة لشركته واتجاه سيرها لكن الرؤى تبقى بدون فائدة إذا لم تعمم بطريقة تولد الحيوية والالتزام فالقيادة والتواصل أمران لا ينفصلان"... كلاود)

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك