الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

ما هكذا يعزّز الصمود!!

الاقتصاد اليوم:

لا تنفكّ الحكومة، بذريعة تحسين إيرادات الخزينة، (تصفع) بقراراتها جماهير الشعب الصابرين الصامدين في وجه الإرهاب والحصار الاقتصادي وانفلات غيلان الأسواق وحيتانها، وآخر ما تفتقت عنه عبقرية (حكماء) الحكومة هو رفع سعر الخبز، الغذاء الرئيسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه للملايين من شعبنا. إذ لم تكد تمضي أسابيع قليلة على رفعها سعر الدواء بنسبة أكثر من 50%، حتى رفعت سعر المحروقات، ومؤخراً رفعت سعر الخبز بنسبة نحو 50% أيضاً وأنقصت وزن الربطة.

لم يعد الخبز إذاً خطاً أحمر، فهذه الزيادة هي الثالثة في غضون سنة وبضعة أشهر.. ففي تموز 2014 رفعت حكومتنا (التي قدمت نفسها على أنها حكومة إدارة الأزمة والتخفيف من حدتها) سعر ربطة الخبز من 15 إلى 25 ليرة، ثم رفعتها أواخر 2014 إلى 35 ليرة، واليوم أصبح سعر الربطة بعد تخفيض وزنها50 ليرة، ولا توجد ضمانة بأن يصمد هذا السعر، وهذا الوزن، مادامت توجهات الحكومة وقراراتها تصب في زيادة إفقار الفقراء وإثراء الغيلان والحيتان..

تريد الحكومة أن تزيد إيرادات الخزينة، فتستسهل الطريق، وتمضي لتنتزع هذه الإيرادات من أفواه الفقراء الذين صاروا اليوم، بعد أن استشرى الغلاء والفساد، يعانون أشد المعاناة في تأمين هذه اللقمة لأطفالهم وأسرهم. بينما تتجاهل الحكومة وتتناسى أن بإمكانها مثلاً أن تعدّل التشريعات الضريبية لتأخذ ما يملأ خزينتها، ممن يحتكرون ويضاربون ويراكمون الأرباح ويتحكمون بالأسواق وبرقاب البشر وأرزاقهم...

فإلى أين يمكن أن تقود قرارات (العقلنة) هذه؟ وهل ستواصل الحكومة (استسهالها) هذا؟

وهل يمكن للحكومة أن تخبرنا كم أدخلت إلى الخزينة من الأرباح الفلكية التي حققها المضاربون بالعملة، الذين (يقصّون) الأرباح حين يرفعون سعر الدولار، وحين يخفضونه؟! إنها على الأرجح (تكافئهم)، إذ تزودهم بشرائح جديدة بملايين الدولارات، وتلهث للحاق بالسعر الذي يحددونه للدولار!! وكم أدخلت إلى الخزينة من أرباح تجار السوق السوداء؟ ومن أرباح محتكري المواد والسلع، ومن كبار تجار سوق الهال الذين (يفرمون) المنتج والمستهلك معاً؟ ومن مستوردي المولدات الكهربائية و(الشواحن) و(الليدات)؟

ألا يكفي ذوي الدخل المحدود وملايين السوريين الذين انحدروا، في ظل هذه الأزمة الكارثية، تحت خط الفقر، ألا يكفيهم أن قيمة أجورهم ودخلهم قد تدنت بنسبة 70-80%؟! فهل حسدتنا الحكومة على الزيادة الأخيرة من الأجور: الـ(2500 ليرة) التي ما عادت اليوم تكفي أجوراً للنقل؟

إلى أين تريد الحكومة أن تدفع السوريين؟ ولماذا تريد أن تملأ الخزينة من جيوب الفقراء التي ثقبها ومزقها وأفرغها كبار التجار والمحتكرين والمهربين؟ وكيف تستسيغ لنفسها أن تطالبهم بالصمود في وجه الحصار الاقتصادي؟ فهل تريد أن تحطم معنوياتهم بعد أن بدأ كثيرون منهم يتلمسون أملاً في اقتراب الحل السياسي؟!

إذا أرادت الحكومة أن تملأ الخزينة وأن تعزز فعلاً صمود السوريين، فعليها أن تتجه بأنظارها وأن تركّز توجهاتها وقراراتها، حسب آراء كبار الاقتصاديين الوطنيين والأحزاب والنقابات، إلى تحصيل حصة الخزينة والمجتمع من ذوي الجيوب المكتنزة والأرصدة المتراكمة والمتهربين من الضرائب، وإلى الذين راكموا مئات الملايين ممن يستغلون أزمتنا الكارثية، ويدفعون لإدامتها مادامت النتيجة تصب في خزائنهم وأرصدتهم.

نقطة أخيرة.. هل تضمن الحكومة أن تتحسن جودة الرغيف؟ وهل ستلتفت مثلاً إلى عمال الأفران الآلية وتمنحهم التعويضات العادلة مقابل عملهم الشاق، وهل ستثبّت المؤقتين منهم؟.

المصدر : صحفية "النور" المحلية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك