هل ستكون دمشق ضحية لرؤوس أموال المتسترين بإعادة الإعمار والحداثة؟.. عن أبراج ماروتا وباسيليا سيتي
الاقتصاد اليوم:
بعيداً عن الغوص في المنطلقات القانونية، وفي غيابٍ كلّي، لأيّ فكر تخطيطي شامل لمدينة دمشق، تُبنى الآن فيها مدينتان (أو مجمعان مدينيان)، تقومان على مخطَّطين تنظيميين انتقائيين، مرتجلين، هما “ماروتا سيتي” في بساتين الرازي خلف مستشفى الرازي، وبين أوتوستراد المزة، والمتحلق الجنوبي، مساحتها 2 كلم2. وتعني كلمة “ماروتا” بالسريانية، الوطن أو السيادة ، وهذه المدينة واضحة الحدود، مزنَّرة بالطرقات، بالإضافة إلى أوتوستراد المزة والمتحلق الجنوبي، يحدها شمالاً شارع 17 نيسان، وغرباً شارع 6 أيار .
أما المدينة الثانية فهي “باسيليا سيتي”، وتقع بين جنوب المتحلق الجنوبي، وأوتوستراد درعا الدولي، في محلـة “القـدم والعسَّالي”، سابقـاً. وتعني كلمة “باسيليا” بالسريانية الجنة، ومساحتها 9 كلم2. مدينة “باسيليا سيتي” لا حدود لها، فهي قادرة على التمدد، باتجاه الجنوب الغرب دون توقف، وصولاً إلى داريا .
ونشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، تقريراً يتحدث عن تجاوزات، تحت مسمى “المخطط التنظيمي المديني الشامل” لدمشق الكبرى، وعرَّفته بكونه “الكل المنظّم” تتفرع منه بالضرورة، المخططات التفصيلية التي تتصدى بالإعمار، لمعضلة العشوائيات، غير القانونية .
وجاء في التقرير أنه في التفاصيل التقنية لـ “ماروتا سيتي”، و”باسيليا سيتي” توجد مسطحات، مناظير متعددة، أبراج، منها الراقصة ومنها المزخرفة، وكلها شبيهة بمشاريع التخرج لطلاب متوسطي الكفاءة، تبهرُهم العولمة الطاغية، وفردية المعماريين النجوم .
وتبلغ مساحة “ماروتا سيتي” 2 كلم2، أما مساحة “باسيليا سيتي”، فهي 9 كلم2، وهي مفتوحة كلياً في الجنوب الغرب، ولا عائق أمام تمددها وصولاً إلى داريا، والمساحة الإجمالية للمدينتين، 11 كلم2، وقارن التقرير المجمعان المدينيان في دمشق مع مجمع “سوليدير” في لبنان، والذي تبلغ مساحته 2 كلم2، مشيرةً الى أن نفس سيناريو الفشل سيحدث في دمشق، وأن الفقراء سيكونون ضحية رؤوس أموال واستثمارات لم يستفيدوا منها .
حيث كُتِب في التقرير “سيتحوَّل الإعمارُ إلى استثمار رأسمالي في العقار، تتداوله حفنةٌ من العقاريين الأثرياء، الذين سيبنون في نهاية المطاف «ماروتا سيتي» و«باسيليا سيتي». أبراجٌ بالمئات، ستبنى في المدينتين، تقول لنا الوثائق الفنية والإشهارية، التي يراد لها أن تكون تجميلية وترويجية. 61% من مساحة بيروت الإدارية، مزروعة بالأبراج المتعددة الارتفاعات، تحوطها الحدائق التي لن تجد من يعتني بها، ويصونها. كل هذا على مسافة قصيرة، من أحد رموز التاريخ في دمشق، ساحة الأمويين، التي تحكي تاريخ الخلافة الأموية. وهل في تاريخ سوريا ودمشق والفتح العربي، ما هو أهم من الخلافة الأموية!؟ ستبقى الأبراج فارغة كما عندنا في سوليدير بيروت، وسيطغى على ساحة الأمويين، ويقزّمها، هذا النسيج المبني الهجين في المضمون، العتيق في التأليف المديني، المنقول بحرفيته عن مفاهيم التنظيم المديني المسمَّى حديثاً. اصطفاف عسكري لكتلٍ قامعةٍ في حضورها، ولغة معمارية لا يستطيع الزخرف والافتعال، وكثرة الزجاج الملوَّن، أن يضفي عليها طابعاً إنسانياً مطمئناً” .
وتابع التقرير في إشارة الى أن هناك حدود مقصودة لحصر مدينة دمشق التاريخية بالداخل وتهميش ما هو خارجها حيث كُتب “من غير المقبول مدينياً، أن تقام مئات الأبراج، بارتفاعات مختلفة لتشكل بوابة ساحة الأمويين، فاختيار الموقع سيْ مدينياً، وطغيان النسيج البرجيَّ بحضوره القامع على الساحة، أكثر سوءاً. وتأليف برجيّ من هذه المكونات، يمكن أن يقام خارج المدينة التاريخية، ويشكّل حدودها. وبمساحات تقارب مساحة ماروتا 2كلم2، وليس 9كلم2” .
وختم التقرير “ننهي إعادة الإعمار الكلية، في الغوطة الشمالية الشرقية مثلاً، بمجمع برجيّ يقام في حرستا أو في دوما. ويكون برمزيته، حدود المدينة التاريخية هناك. كما يكون بمكوناته الوظيفية جاذباً، كما في مجمع الديفانس مرة أخرى، فلا يبقى فارغاً، وننهي إعادة الأعمار في الغوطة الجنوبية الغربية في مثال آخر، بمجمع مماثل في محيط داريا ويكون حدود المدينة التاريخية هناك، كما يكون بوظائفه قطباً جاذباً آخر، ويمكن أن يقوم مجمعٌ برجيّ آخر، في منطقة الحجر الأسود، يشكل موقعاً ثالثاً للحدود. إنها باختصار، بالتأليف المديني والمعماري، وبالجاذبية الوظيفية، حدود المدينة التاريخية خارجها” .
يشار الى أن الأبنية في هذه المشاريع ذات طابع عمراني مزخرف وبهلواني، بعيد عن رتابة الهندسة المعمارية الحديثة، بحسب ما ذكر التقرير .
تعليقات الزوار
|
|