إلى متى نتضوّر جوعاً وهم يُناقشون؟!
الاقتصاد اليوم:
نشرت صحيفة الأيام تقريراً بعنوان إلى متى نتضوّر جوعاً… وهم يُناقشون؟!
استعرضت الصحيفة تقرير المكتب المركزي للإحصاء في دمشق عن نتائج مسْح الأمن الغذائي في عام 2017م، وأنّ 31% من سكان سورية غير آمنين غذائياً، في حين أنّ هناك 45,6% من السكان، يعيشون في حالةِ تعرّضٍ لانعدام الأمن الغذائي لديهم .
ورأى الكاتب الصحفي علي محمود جديد أن تلك الأرقام تعني أن أولئك فقراء وعلى وشك الانعدام، وهذا يعني أيضاً أنَّ 76,6% من سكان سورية يعيشون في مستوى معيشي منعدمٍ أو منخفضٍ جداً، بينما ينعم 23,4% فقط من عدد السكان بوضعٍ غذائي آمن…!
وذكرت الصحيفة :
يمكننا القول بأن تلك النسبة لمستوى المعيشة التي أقرّها المكتب المركزي للإحصاء الحكومي، تُعتبر من النسب العالية جداً، بل والصادمة، ومن المعروف أنَّ هذه النسبة في سورية ناجمة بشكلٍ أساسي عن الحرب الظالمة التي تُشنُّ عليها، من قِبل الإرهاب العالمي ومُشغّليه، والحصار الاقتصادي الجائر، الذي تفرضه الدول الدّاعمة للإرهاب، وذلك لأسبابٍ سياسيّةٍ بحتة، جاءت تحت ستار دينيّ ومَطلبيّ، قذفت بنا إلى انعدام الأمن الغذائي عند 31% من السكان حسب المكتب المركزي للإحصاء، وربما أكثر، فمنظمة الزراعة والأغذية العالمية (الفاو) تُشير في بياناتها إلى أن هذه النسبة تصل إلى 33% وهي تشمل – حسب الفاو – الملايين من السكان الذين يصلون إلى 6,5 مليون نسمة من الفاقدين لأمنهم الغذائي…!
كم هو مؤسفٌ هذا الأمر؟! لأنّ سورية قبل الحرب كانت تنعم بأمنٍ غذائي كامل، مُتوّجٍ بنحو خمسة ملايين طنّ من القمح، كانت تنتجها الأراضي السورية، وهي كميات تزيد عن حاجة الاستهلاك المحلي، الذي لا يتعدى 3 ملايين طن سنوياً، وكانت تقوم سورية بتخزين الفائض، أو تصديره أحياناً.
ومعادلة الأمن الغذائي في سورية، اكتملت في جوانب متعدّدة، فكان هناك إنتاج وفير من الخضار والفواكه، ومن الزيتون، وتوفّر قطيع جيد من الدواجن الأغنام والأبقار، بما يكفي وإلى حدّ بعيد حاجة البلاد للحوم والألبان والأجبان، ولبيض المائدة، وقد أشارت منظمة (الفاو) أيضاً في حديث تعريفيّ لها عن سورية، إلى أنه في عام 2007 بلغ الناتج المحلي الإجمالي 38,1 مليار دولار أمريكي، وتُمثّل الزراعة 20% منه، ويبلغ عدد السكان النشطين اقتصادياً 6,55 مليون نسمة، وفي الزراعة يبلغ عدد السكان النشطين اقتصادياً 1,69 مليون نسمة، وتوضح (الفاو) بأنّ سورية قد بلغت الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل، مثل القمح والبقول كالحمّص والعدس، بالإضافة إلى القطن والخضروات والبطاطا والبندورة والفاكهة والحمضيات والزيتون، وهناك بعض حالات الإنتاج الفائض، غير أن الإنتاج المحلي من المحاصيل لأغراض صناعة السكر والزيوت النباتية باستثناء زيت الزيتون، وبعض أنواع اللحم الأحمر ومنتجات الحليب : الأجبان والزبدة والحليب المجفف لا يكفي لتلبية الطلب المحلي، أضف إلى ذلك زيادة استيراد الذرة المستخدمة في علف الدواجن.
الذي لاشكّ فيه، أن الحرب قد أتت على قسمٍ كبيرٍ من هذه المُقدّرات، فأخرج الإرهاب مساحات كبيرة من الأراضي عن العناية والزراعة، وتراجع إنتاج القمح إلى حدّ كبير، ففي عام 2017 لم ننتج أكثر من 1.8 مليون طن، غير أنّ دحر الإرهاب في الكثير من المناطق، وعودة الأراضي إلى كنفِ الدولة يُبشّرُ بالخير وبإنتاجٍ أفضل، كما تراجع أيضاً إنتاج الخضار والفواكه، والزيتون، وزراعات عديدة، فحصل ما حصل، وبتْنا من الدول التي تعاني من عدم توفر الأمن الغذائي وبكل أسف، وصارت سيرتنا على كل لسان بعد أن كنّا من البلدان المميزة بازدهارها الإنتاجي واقتصاداتها وأمنها الغذائي. ولكن أمام هذا الواقع المؤلم، ما الذي نريد أن نقوله؟!
حقيقةً نحن لم نكن ننتظر من الإرهاب أقل من ذلك، فهم قَدِموا متواطئين من أجل دمار كل شيء في هذا البلد، وتخريبه وإضعاف قدراته، ولكننا في واقع الأمر كنّا ننتظر من الاجراءات الحكومية أكثر من ذلك بكثير، ونتساءل: هل كانت تلك الإجراءات التي شهدناها مقنعة وفعّالة إلى المستوى المواكب لما يحصل؟! هل صحيح أنّ الحكومة التي تتغنّى دائماً بسعيها من أجل رفع مستوى المعيشة… لم تكن قادرة على وقف هذا التدهور الفظيع لمستوى المعيشة؟!
هذا الزحفُ الطاغي لانعدام الأمن الغذائي، والفقر المُنهك الذي يُقاسيه 76,6% من السكان، ليس – على الأرجح – ناجماً عن الإرهاب وحده، فالكثيرون يعتبرون أنّ إجراءات التصدّي الوقائيّة الحكومية من خلال السياسات الاقتصادية والخدمية، لا ترقى إلى المستوى المطلوب، وقناعات الناس التي نتلمسها هنا وهناك، تتمحور حول عدم الشك بأنّ الحكومة قادرة على أن تفعل أكثر مما تفعله بكثير، وقادرة على تهيئة المناخ الأنسب لتحسين أوضاع المعيشة، ورفع مستواها، ولكنها لا تفعل، والمشكلة أنّها تدرك جيداً الوضع البائس لنا، والمستوى المنخفض لأحوال المعيشة، ففي جلسات عديدة لها نسمعها تناقش الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطن!
وهكذا باتت تنتهي الأمور بالمناقشة دون أن نرى شيئاً يُذكر على الأرض، فإلى متى نتضوّرُ جوعاً… وهم يُناقشون …؟!
المصدر : صحيفة الأيام الأسبوعية
تعليقات الزوار
|
|