استاذ في كلية الاقتصاد: الحكومة تتحمل القسم الأكبر من الواقع السيء للاقتصاد السوري.. وهذه هي الحلول
الاقتصاد اليوم:
رأى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور حسن حزوري أن الحكومة تتحمل القسم الأكبر من الواقع السيئ في الاقتصاد السوري، لكونها اعتمدت سياسات اقتصادية بشقيها المالي والنقدي أثبتت فشلها وساهمت بشكل كبير في تراجع الإنتاج المادي لمصلحة الإنتاج الخدمي والريعي، ما حوّل الاقتصاد السوري من اقتصاد إنتاجي عماده الزراعة والصناعة إلى اقتصاد ريعي لا قيمة مضافة حقيقية فيه، إذ يعتمد على الخدمات والاستيراد والتصدير فقط، إضافة إلى أن الحكومة تصر على دعم الاحتكار على حساب المنافسة الحقيقية في الكثير من المجالات، وتصر على الجباية الجائرة على حساب دعم الإنتاج، وتنفرد بصنع القرار الاقتصادي من دون تشاركية حقيقية مع أي جهة بحثية أو استشارية حيادية.
دعم الإنتاج
وبحسب صحيفة "الوطن" المحلية، اقترح حزوري عدة حلول لمعالجة المشكلات التي تسببت بها الإجراءات الخاطئة، أولها إعادة النظر بالسياسة الاقتصادية والاستفادة من الأجواء الإيجابية المرتقبة من نتائج الانفراجات السياسية التي ستتجسد على الأرض، إضافة إلى دعم قطاعات الإنتاج الحقيقي من صناعة وزراعة وحرف وتأمين مستلزماتها الإنتاجية بأقل أسعار ممكنة بعيداً عن الاحتكار والسمسرة، وإتاحة تكافؤ الفرص لجميع المستثمرين ليعملوا في ظل منافسة تامة وشريفة، وبعيدة عن الاحتكار والمحسوبيات لتستطيع هذه القطاعات العمل بكفاءة وزيادة الإنتاج لتضييق الفجوة بين العرض والطلب وتأمين إنتاج محلي بديل عن الإنتاج المستورد، وأن تبنى سياسة التصدير على تصدير الفائض الحقيقي من الإنتاج الصناعي والزراعي.
تعويم مدار
أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية والمصرفية التي كان هدفها الأساسي ضبط سعر الصرف والتضخم، فيرى حزوري أن الحكومة فشلت في كل الطرق التي اتبعتها في سبيل ذلك، نتيجة اعتمادها على إجراءات قسرية أكثر منها اقتصادية ولاسيما بعد صدور المرسومين 3 و4 لعام 2020 اللذين منعا التعامل بغير الليرة السورية، وترافقت مع سياسة تجفيف السيولة وقيدت حركة نقل الأموال بين المحافظات، هذه الإجراءات أضرت بالاقتصاد بمختلف فعالياته، لأنها أدت إلى إغلاق المئات من المنشآت الصناعية وإلى هجرة رؤوس الأموال، معتبراً أن الدليل على فشل هذه السياسة يتمثل بأن سعر صرف الليرة السورية في السوق الموازية أمام الدولار الأميركي كان لا يتجاوز 1000 ليرة، ليصل خلال ثلاث سنوات إلى أكثر من سبعة أضعاف، وترافق ذلك مع تخفيض السعر الرسمي لقيمة الليرة السورية من 3000 ليرة أمام الدولار الأميركي إلى 4500 ليرة، أي بنسبة تخفيض 50 بالمئة من أجل مقاربة السعر الرسمي إلى أسعار السوق الموازية، واصفاً هذا الإجراء بالتعويم المدار، والذي يعتبر أمراً إيجابياً لتضييق الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي، ولجذب جزء من الحوالات الخارجية التي ترد عبر الشركات الرسمية ولو بشكل قليل، مفضّلاً أن تكون هناك نشرة أسعار خاصة بشراء الحوالات الشخصية تكون قريبة من سعر الصرف الموازي أو تساويه.
إعادة النظر ببعض المراسيم
وفي الإطار ذاته، اقترح حزوري أن يتم العمل على إصلاح النظام المصرفي ليصبح أكثر مصداقية وشفافية ومنحه المرونة الكافية ليكون عامل جذب للاستثمارات، وليمارس دوره الطبيعي في توظيف الأموال في مشروعات تنموية حقيقية، مستفيداً من الكتلة النقدية الكبيرة غير الموظفة مالياً، ولتكون أرباحه الحقيقية ناتجة عن عمليات توظيف الأموال وليس عن عمليات ريعية كالعمولات وغيرها، إضافة إلى العمل على إعادة النظر بالمرسومين 3 و4 لعام 2020، وإعادة افتتاح جميع شركات الصرافة وربط عملياتها إلكترونياً مع المصرف المركزي كجهة رقابية، أسوة بالربط المالي بين المكلفين ضريبياً ووزارة المالية.
استثمار أملاك الدولة
وأكد حزوري ضرورة إعادة النظر بالسياسة المالية، بما يحقق استثماراً أمثل لأملاك الدولة ومشروعاتها من جهة وعدالة في التحصيل الضريبي من جهة أخرى، يترافق مع كفاءة في الإنفاق العام ما يعني إنفاق كل ليرة في المكان المخصص لها بحيث تحقق أكبر عائد، ويتطلب ذلك الانتقال إلى الضريبة الموحدة على كل مصادر الدخل بعيداً عن الضرائب المتعددة الحالية، وأن تعتمد السياسة المالية على مبدأ الرعاية على حساب الجباية، إضافة إلى ضرورة مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها كل الفعاليات الاقتصادية من منتجين أو مستهلكين.
ولفت إلى أن الربط الإلكتروني الذي تقوم به وزارة المالية يعد خطوة إيجابية من حيث المبدأ لمعرفة حجم المبيعات ورقم الأعمال وبالتالي الوصول إلى تحديد الأرباح الإجمالية والصافية وتحديد حجم الضريبة الواجبة تجاه الجهات المالية، لكن التحصيل الضريبي على أرض الواقع فيه سلبيات عديدة، منها: وجود الكثير من التكاليف المستورة وغير المنظورة، كنفقات النقل المفروضة من ناحية كيفية إثباتها، وأيضاً شراء مواد مسعرة مركزياً من السوق السوداء كنفقات القوى المحركة من مازوت وبنزين نتيجة عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها. إضافة إلى وجود حقائق على الأرض لا يمكن تجاهلها كوجود رشاوى أو إكراميات تدفع لقاء إنجاز الكثير من المعاملات في مؤسسات الدولة، أو لعناصر جهات رقابية متعددة، ناهيك عن ضعف البنية التحتية للاتصالات وانقطاع الشبكة أو ضعفها التي تؤخر إنجاز المعاملات.
المصدر: الوطن
تعليقات الزوار
|
|