الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

الاحتطاب بطرطوس رغم أنف القانون: 30 ألف للطن و300 الف لفحم (الأراكيل)

الاقتصاد اليوم:

عوامل عديدة أدت إلى زيادة الطلب على الحطب في محافظة طرطوس، أولها يتمثل في ارتفاع أسعار المازوت ونقص الكميات المخصصة منه للتدفئة، وحتى إن توفر فإن دخل المواطن لا يساعده على شراء المازوت، وثاني العوامل يتعلق بزيادة عمليات التحطيب مع تراجع عملية مكافحة التعدي على الغابات، وانحسار هيبة الدولة ومؤسساتها، وتنامي عمليات التهريب إلى لبنان، وخاصة مع انخفاض قيمة الليرة. فهل يمكن أن ننقذ غاباتنا المترنحة أمام الفؤوس والمناشر الآلية قبل فوات الأوان؟ وبعد أن تحول جزء كبير من جبالنا الخضراء إلى اللون البني القاتم نتيجة شجع تجار الأزمة، الذين يسعون لجني أرباح طائلة من تجارة غير مشروعة تهدد ثروة طبيعية لا تقاس بثمن؟.

قانون ولكن

يتحدث أبو نوار عن تجربته مع شجرة السنديان المجاورة لمزرعته في إحدى قرى صافيتا، فطوال 5 سنوات عجز عن التخلص منها لكونها تضر بمزروعاته، ولم يكتب لمحاولاته النجاح فمراقب الحراج يتربص بكل حركة يقوم بها متسلحاً بقانون الحراج القاسي، ومع بداية الأزمة الحالية وفي أحد الأيام اختفت الشجرة بفعل مجهول، دون إذن وبلا واسطة أو حتى سؤال.
حكاية أبو نوار تتكرر اليوم، وبإشكال مختلفة، فهنا غابة احترقت بفعل فاعل ليغطي على تجاوزاته دون خوف أو رادع من مراقب أو قانون، وهناك منشار آلي “يعن” في أيام العطل وبعد نهاية الدوام الرسمي معلناً الموت والهلاك لأشجار زرعتها أيادي بيضاء لتتحول أكوام من الحطب اليابس في سوق الأزمة، بينما يقوم قروي بمشواره اليومي ليحصل قليلاً من الحطب يقيه وأطفاله برد الشتاء القارس.

معادلة معقدة

لماذا ارتفعت أسعار الحطب فجأة؟ سؤال يصعب الإجابة عليه، فقبل الأزمة كانت عملية التحطيب شبه سرية وتتم بالخفاء خوفاً من عيون الرقابة ونصوص القانون الصارمة، وكان الطلب ضعيفاً والأسعار منخفضة فلم يتجاوز سعر طن الحطب حاجز 3000 ليرة، بينما ومع زيادة عمليات التحطيب وتنامي تجارة الحطب ارتفع سعر طن الحطب أكثر من عشرة أضعاف، وزاد الطلب مع ارتفاع الإنتاج في مناطق محافظة طرطوس، ومن البديهي أن ينخفض السعر مع زيادة العرض.

يتحدث البعض هنا عن عمليات تهريب منظمة تقوم بها مجموعات إلى لبنان، شجعها ارتفاع سعر صرف الدولار، بينما يتحدث آخرون عن زيادة كبيرة في الاستهلاك المحلي بسبب ارتفاع أسعار المازوت والغاز وصعوبة تأمينها، وتحول الناس إلى مدافىء الحطب، التي تستخدم للطبخ والتدفئة في الوقت نفسه.

من جهة أخرى، شهدت أسعار الفحم المرتبطة بعمليات التحطيب العشوائية ارتفاعاً غير مسبوق، إذ وصل سعر طن الفحم الخاص بالاراكيل إلى حدود 350 ألف، بينما بيع قبل أعوام قليلة بأقل من 30 ألف للطن الواحدـ فهل السبب هو في زيادة أعداد (هواة الاراكيل) رغم نمو نشاط العاملين في قطاع التفحيم.

إجراءات قاصرة

المهندس حسن ناصيف رئيس دائرة الحراج في طرطوس يوضح في حديث خاص أن مساحة المناطق الحراجية في المحافظة تبلغ نحو 31200 هكتار، وبنسبة 17% من إجمالي المساحة العامة، منها 7730 غابات طبيعية و23475 أحراج صناعية، أغلبها من السنديان والصنوبريات، ولدينا عشرون مخفراً حراجياً و12 برج مراقبة مزودة بالمعدات اللازمة من صهاريج إطفاء وسيارات نقل ومناظير، يشرف عليها عدد من عناصر الضابطة الحراجية ونستعين بعدد من العمال الموسميين خلال موسم الحرائق لسد النقص الحاصل في عدد العمال، كما ونعمل بالتعاون مع جميع الجهات ذات الصلة ومع المواطنين للإبلاغ عن التجاوزات والاعتداءات المرتكبة على غاباتنا، ونعمل بشكل دائم ومستمر على تنظيم الضبوط الحراجية وتحويلها الى القضاء بحق المخالفين، حيث تم تسجيل أكثر من 850 ضبطاً منذ بداية عام 2015 ولنهاية الشهر العاشر منه، تنوعت المخالفات بين رعي وقطع وتشويه أشجار، وكسر أراضي حراجية، وتهريب حاصلات حراجية، وافتعال حرائق ونقل أتربة وصخور من مناطق الحراج.

وأكد ناصيف على أهمية نشر الوعي بين الناس وسرعة الإبلاغ عن الحرائق والاعتداءات الحاصلة على الغابات والمناطق الحراجية، وضرورة التعاون بين كل الجهات الرسمية والمنظمات الشعبية والأهلية للحفاظ على ثروتنا الطبيعية. كما طلب زيادة عدد أفراد الضابطة العدلية وعمال الإطفاء في جميع المخافر لمواجهة التعديات ومكافحة الحرائق، التي تستهدف غاباتنا، إضافة لزيادة عدد الآليات المخصصة للإطفاء والتنقل والشحن.

تجارة رائجة

انتشرت محلات بيع الفحم بكل انواعه في مناطق المحافظة كافة، إضافة لوجوده في محلات بيع الاراكيل والبقاليات وعلى البسطات دون حسيب أو رقيب، فحالة الفوضى وارتفاع أسعاره شجعا على زيادة المشتغلين بهذه التجارة.

أحمد سليمان بائع دخان ومستلزمات أراكيل يقول: أقوم بشراء الفحم من أصحاب المستودعات المرخصة أصولاً وبموجب فواتير نظامية، لكن خلال الفترة الماضية زاد عدد المتاجرين بمادة الفحم وأغلبهم من الشباب ويعرضون بضاعتهم بأسعار مخفضة، ولكن
النوعية غير مضمونة أحياناً، ومع تراجع إنتاج الرخص النظامية، ونقص الكميات المعروضة يصبح تأمين المادة أولوية لاستمرار عملنا دون السؤال عن المصدر.

ويتحدث أبو ابراهيم صاحب مستودع لبيع الفحم عن زيادة في الطلب خاصة على فحم الاراكيل، رغم زيادة العاملين في هذه المهنة، وأحيانا كثيرة نضطر لشراء حاجتنا من المفحمين المخالفين بسبب نقص الكميات المعروضة، ولتلبية حاجة الزبائن، وأغلب الكميات المنتجة تذهب تهريباً الى خارج الحدود. وهذا أدى لنقص المعروض وزيادة الأسعار فوصل سعر طن فحم الشواء إلى 200 ألف ليرة، وفحم الاراكيل من نحو 300 الى 400 ألف للطن الواحد حسب النوعية أيضا.

فواز شاب يدرس في الجامعة يرى أن العمل في التحطيب أو التفحيم لا يحتاج لخبرة، فالموضوع لا يتطلب أكثر من منشار يعمل على البنزين، وبعض الأدوات الأخرى، وتقوم مجموعة من الشباب بالتشارك بالعمل، فالأحطاب الكبيرة نبيعها للتدفئة، والأصغر نقوم بتفحيمها ونبيعها للمحلات لزوم الأراكيل، ونفى وجود مضايقات، إذ أن الجميع يعمل بعد انتهاء الدوام وخلال فترة الليل، وبالرغم من صعوبة العمل فالمردود جيد ومشجع أيضا، خاصة أن الإقبال على الحطب يزداد مع قدوم الشتاء، والأسعار تتراوح بين 25 ألف إلى 40 ألف ليرة للطن الواحد حس نوع الحطب.

عاطف احمد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بطرطوس قال: ليس لنا علاقة بموضوع بيع الفحم والمنتجات الحراجية لا من حيث التسعير ولا النوعية والاتجار فيه، فالموضوع يتعلق بالضابطة العدلية في الزراعة ضمن المحافظة وبالجمارك على الحدود.

مدير حراج طرطوس يوضح آلية العمل المتبعة، فيشير إلى أنهم يمنحون رخص التحطيب والتفحيم، كما نرخص مستودعات بيع المنتجات الحراجية. وتقوم دوريات الضابطة الحراجية بمخالفة أصحاب المحلات المخالفة، الذين يبيعون دون فواتير صادرة عن مستودعات مرخصة ونراقب حركة السيارات التي تنقل الحطب،كما نقوم بمعالجة الشكاوى المقدمة وبالسرعة المطلوبة، وتحال جميع الضبوط إلى القضاء المختص. أما تصدير المنتجات الحراجية فهو ممنوع قانوناً وعمليات التهريب من صلاحيات الجهات المختصة على الحدود، وتقوم دائرة الحراج في طرطوس ببيع الحطب لأسر الشهداء والأرامل وأصحاب الحاجة، حيث بلغت الكميات المباعة خلال السنوات الثلاثة الماضية 1425 طنا، وبسعر يتراوح بين 5 إلى 6 ألاف ليرة للطن الواحد بحسب نوعه.

المصدر: موقع "هاشتاغ سوريا"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك