التبادل التجاري بين سورية ولبنان ينحدر من 548 مليون يورو إلى 217 مليوناً
الاقتصاد اليوم:
مع خروج جميع المعابر الحدودية البرية مع تركيا والعراق والأردن عن سيطرة الحكومة السورية، تحول لبنان إلى المنفذ التجاري البري الوحيد لسورية مع العالم الخارجي، وزادت أهمية هذا المنفذ مع توسع العقوبات الاقتصادية الخارجية، التي فرضها الغرب على سورية، وأدت إلى بروز صعوبات وعوائق كثيرة تحول دون انسياب ما تحتاجه البلاد من المنتجات والمواد الخارجية، وتعثر جهود تصدير فائض إنتاجها الصناعي والزراعي.. لذلك كان لبنان خياراً إجبارياً للتجارة السورية، وقبل ذلك كان خياراً لكثير من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين الذين هربوا إلى بيروت أموالهم ونقلوا إليها استثماراتهم.. فماذا تقول المؤشرات التجارية عن العلاقة مع لبنان؟ وما الذي يستحوذ على الصادرات والمستوردات من هذا البلد؟.
تظهر البيانات الجمركية الخاصة بالتجارة الخارجية، والتي أعدتها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، أن حجم التبادل التجاري بين سورية ولبنان بلغ في العام 2014 نحو 548 مليون يورو، حيث سجل الميزان التجاري في ذلك العام خسارة لمصلحة لبنان بلغت قيمتها نحو 353 مليون يورو، إذ بلغت تغطية الصادرات للمستوردات نحو 22 %. واللافت أنه في العام التالي 2015 تراجع التبادل التجاري ليسجل نحو 245 مليون يورو، أي إن نسبة التراجع تجاوزت 55 %، وبقي الميزان التجاري لمصلحة لبنان بنحو 43 مليون يورو، بتراجع واضح عن العام السابق، في حين ارتفعت نسبة تغطية الصادرات للمستوردات لتصل إلى نحو 70%.
في العام الماضي استمر التبادل التجاري بين البلدين بالتراجع مسجلاً حجماً وقدره 217 مليون يورو، وبنسبة تراجع عن الحجم المسجل في العام 2014 تبلغ نحو 60 % ونحو 11 % عن الحجم المسجل في العام 2015.
اللافت في واقع التبادل التجاري خلال العام الماضي أن الميزان التجاري كان رابحاً لمصلحة سورية بنحو 7 ملايين يورو، حيث بلغت تغطية الصادرات للمستوردات نحو 106 %.
تراجع التبادل التجاري خلال السنوات الثلاث الماضية في وقت كانت جميع المعابر الحدودية مع تركيا والعراق والأردن قد خرجت بالتتابع عن سيطرة الحكومة السورية، يطرح تساؤلات عن أسباب ذلك التراجع، الذي لا يجد له البعض مبرراً سوى تزايد حجم التهريب بين البلدين، سواء من سورية إلى لبنان، حيث تهرب كثير من المنتجات الزراعية، أو بالعكس من لبنان إلى سورية، حيث يتم إدخال سلع ومواد كثيرة منتجة في لبنان أو مستوردة عبر موانئه.
*تراجع وتحسن
بالانتقال إلى تركيبة التبادل التجاري بين البلدين، تشير البيانات الرسمية إلى أن حجم المستوردات السورية من لبنان وصل في عام 2014 إلى نحو 451 مليون يورو، مشكلة نسبة وقدرها 7 % من إجمالي المستوردات السورية من العالم، ولتتراجع بشكل كبير في العام التالي لتصل إلى نحو 144 مليون يورو، وبنسبة تراجع تصل إلى 68 %، أما في العام 2016 فقد بلغ حجم المستوردات السورية من لبنان نحو 105 ملايين يورو، بنسبة تراجع عن العام السابق تبلغ 27 %، ولتشكل بذلك المستوردات السورية من لبنان نسبة 3 % من إجمالي المستوردات السورية من العالم.. فما الأسباب التي أدت إلى تراجع المستوردات السورية من لبنان؟ هل هي سياسة ترشيد المستوردات؟ أم إن ارتفاع وتيرة التهريب بين البلدين لعبت دوراً في ذلك؟ أم إن هناك أسباب أخرى تتعلق بمعوقات وصعوبات داخلية في لبنان حالت دون انسياب وتسهيل السلع نحو سورية؟.
على النقيض من ذلك، شهدت الصادرات السورية نحو لبنان تحسناً محدوداً خلال السنوات الثلاث الماضية، فخلال العام 2014 بلغت قيمة تلك الصادرات نحو 98 مليون يورو، مشكلة نسبة وقدرها 18 % من إجمالي الصادرات السورية إلى العالم، وارتفعت في العام التالي لتصل إلى 101 مليون يورو بزيادة قدرها 3 % عن العام السابق، ولتحافظ بذلك الصادرات السورية إلى لبنان على حصتها من إجمالي الصادرات السورية إلى العالم.
وتؤكد البيانات أن الصادرات السورية إلى لبنان خلال العام الماضي ارتفعت بنسبة 11 % عن العام 2015، حيث بلغت قيمة الصادرات نحو 112 مليون يورو، ولتشكل بذلك نسبة وقدرها 21 % من إجمالي الصادرات السورية إلى العالم.
التحسن البطيء للصادرات السورية إلى لبنان يطرح هو الآخر تساؤلات عن سبب هذا التحسن غير المناسب، خاصة أن لبنان شكل مع بداية العام 2015 وخلال العام 2016 المنفذ البري الوحيد للصادرات السورية، إذ كان يفترض أن يحصل ارتفاع كبير في حجم الصادرات، وذلك تبعاً لتصريحات المعنيين والمسؤولين عن قطاع الصادرات في سورية، فضلاً عن المعارض التي جرى تنظيمها وإعدادها في بيروت..
*السكر والموز
يحتل السكر الأبيض المكرر المرتبة الأولى في تركيبة المستوردات السورية من لبنان بقيمة بلغت نحو 41,3 مليون يورو، بنسبة بلغت نحو 39 % من إجمالي المستورد من لبنان، ووفق البيانات فإن حصة القطاع الخاص بلغت نحو 94 % من إجمالي السكر الأبيض المكرر المستورد، وجاء الموز اللبناني في المرتبة الثانية بقيمة 15,9 مليون يورو، وبنسبة تبلغ نحو 15 % من إجمالي المستوردات اللبنانية وقد استورد القطاع الخاص السوري كامل هذه الكمية، وبذلك يكون السكر الأبيض والموز يشكلان نصف المستوردات السورية من لبنان.
في قائمة المستوردات الأخرى، تحضر المولدات والمحولات الكهربائية وعبوات التعبئة والتغليف من الورق والبلاستيك وتشكل نحو 16 % من إجمالي المستوردات السورية من لبنان.
كما تؤكد البيانات أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في المستوردات السورية من لبنان لمصلحة المنظمات الإنسانية لمواد كالمعلبات المحفوظة والسكر الأبيض المكرر وزيت دوار الشمس المكرر ومجموعات التوليد والتحويل الكهربائية بقيم بلغت نحو 3,1، 2,3، 2,4، 3 ملايين يورو على التوالي.
كما يلاحظ أن عدداً من المواد كالموز والإسمنت الأبيض والورق وطلائح البلاستيك يتم استيرادها لمصلحة القطاع الخاص فقط، بينما عدد من المواد مثل زيت دوار الشمس والبرغل والفرش والبقوليات يتم استيرادها لمصلحة المنظمات الإنسانية فقط.
على صعيد الصادرات، تشكل الفواكه والخضر الطازجة والبصل نحو 29 % من إجمالي الصادرات السورية إلى لبنان، تليها المنظفات والمصنوعات الحديدية بنسبة قدرها 12 % و8 % على التوالي من إجمالي الصادرات إلى لبنان، ثم تأتي الألبسة الجاهزة والمنسوجات بنسبة 6 %، إضافة إلى تصدير المصنوعات البلاستيكية والتي بلغت حصتها نحو 4 %، تليها المصنوعات الزجاجية بحصة بلغت 3 %.
المصدر: صحيفة الأيام السورية
تعليقات الزوار
|
|