الحكومة تفتح ملف العقارات المؤجرة للقطاع الخاص..مطعم حكومي مؤجر بـ200 ليرة سنوياً!
الاقتصاد اليوم:
أعطت تجربة إعادة النظر باستثمار مول قاسيون وما حقّقته من إيراد سنوي بزيادة وصلت إلى مليار ليرة، زخماً كبيراً لملف “إعادة النظر بالعقارات الحكومية المؤجرة أو المستثمرة من قبل القطاع الخاص”، وقد بدا واضحاً الرهان الحكومي أمس على إمكانية تحقيق إيرادات ربما تصل إلى آلاف المليارات في حال تمّ بالفعل المضي قدماً بحصر الأملاك الحكومية ورفع بدلات استثمارها بما يتناسب مع القيم الحقيقية لها.
لم يتوانَ رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس في إعطاء مقاربة لموارد هذا الملف لموارد النفط –والتي لم تأتِ أغلب الظن من فراغ– بقوله: “دخل يكاد يكون دخل نفط”، وذلك خلال ترؤسه اجتماعاً نوعياً للوقوف على منجزات لجنتي القرار 2453 برئاسة وزيرة الدولة لشؤون الاستثمار وفيقة حسني، والقرار 261 برئاسة الدكتور حسين إبراهيم، المكلفتين بحصر كافة العقارات المملوكة للدولة، وتدقيق الإجراءات المتّبعة من قبل كافة الوزارات لإعادة النظر بقيم بدلات العقارات المؤجرة أو المستثمرة من قبل القطاع الخاص. والأهم من ذلك أن ردّ الإيراد الضائع إلى الخزينة العامة، سيغني الحكومة عن رفع أسعار بعض المواد التي غالباً ما يتمّ رفعها لتعويض خسارتها الناجمة عن الدعم.
الحاضر الأكبر
الحضور الأكبر في الاجتماع كان لمول قاسيون، حيث أصبح مضرب مثل، نظراً لما حقّقه من إيراد فاق كل التوقعات، ولاسيما أن رئيس الوزراء كان قد اتفق مع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي، على أن يقوم الأخير بمحاورة المستثمر القديم لرفع قيمة الاستثمار إلى 300 مليون، إلا أنه أبى ذلك، وكانت النتيجة لصالح الحكومة. وهنا شدّد المهندس خميس على ضرورة ملاحقة كل متر مربع، وكل محل تجاري مهما صغر حجمه، مؤجر أو مستثمر من قبل القطاع الخاص، من أقصى شمال الجغرافيا السورية إلى أقصى جنوبها، وتسوية وضعه الاستثماري وفقاً للقيم الحقيقية، لما لذلك من انعكاس على العملية التنموية.
دون علم المحافظ
ولم تكن جعبة رئيس الحكومة فارغة من الشواهد التي ساقها على الموارد الضائعة، فعلى مستوى صافيتا يوجد 46 محلاً قيمة البدل لكل واحد 5 آلاف ليرة سورية سنوياً، في حين أن القيمة الفعلية حالياً تناهز المليون، إضافة لمحلات أسواق الهال المنتشرة في محافظات القطر، ببدل لا يتجاوز الألف ليرة شهرياً، دون أن يتجاهل قيمة بدل استثمار فندق سفير حمص 600 ألف ليرة سنوياً، “أي ما يوازي قيمة ثمن حفلة قد تقام داخله”، والأدهى من ذلك إشارة المهندس خميس إلى مطعم في إحدى المحافظات –لم يذكر اسمها- مؤجر بـ200 ليرة سنوياً، وأن المحافظ لا يعلم أن هذا المطعم من أملاك المحافظة!!.
مزيد من النتائج
لم يبدِ رئيس الحكومة رضاه ولا تحفظه في الوقت نفسه، على ما حقّقته اللجنتان من إنجازات على مدار حوالى عام من العمل على هذا الملف، إذ بدا وكأنه يريد المزيد من العمل والنتائج، خاصة بعد أن تحدثت رئيسة لجنة القرار 2453 وزيرة الدولة لشؤون الاستثمار وفيقة حسني عن عدم موافاة الوزارات للجنة بأي عقد تمّت معالجته خلال الشهرين الماضيين، وكذلك عندما بيّن رئيس لجنة القرار 261 الدكتور حسين إبراهيم، أن ما أُنجز أقل من النتيجة المرجوة، واقتراحه إعادة النظر بتشكيل فرق العمل المشكلة والالتزام بخطة عمل وإطار زمني لكل جهة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن ثمّة إنجازات طفت على سطح وزارة الزراعة من خلال تحقيق نقلة نوعية بقيمة عقاراتها المؤجرة بواقع 6 مليارات زيادة عن القيمة السابقة، وفقاً لما أكده وزير الزراعة أحمد القادري، إضافة إلى رفع بدل إيجارات المساحات المستثمرة من قبل شركتي الخليوي بزيادة نحو 1.2 مليار فرق تسعير وفقاً لما أكدته حسني، ما حدا برئيس الحكومة لأن يطلب وضع مصفوفة تنفيذية واضحة وبرنامج زمني محدّد، على أن يتمّ ترتيب الأولويات لمراجعة كافة بدلات إيجار واستثمار هذه العقارات ووضعها في الإطار الصحيح.
اعتراضات
لم يكن خافياً ما يعتري هذا الملف من صعوبات وربما اعتراضات من قبل المستثمرين للأملاك العامة، ولعلّ طرح وزير السياحة المهندس بشر يازجي بضرورة إصدار تشريع يحقّق التوازن العقدي، يأتي ضمن هذا السياق، وخاصة عندما تحدث عن أهمية أن يتضمن هذا التشريع حق الجهة المالكة بتعديل العقود لتخفيف المشكلات المتعلقة بالتحكيم. وتناغمَ كلام وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريما القادري مع طرح يازجي في إشارتها إلى أهمية تعديل التشريع الموجود لتجاوز أي عائق قانوني بمراجعة بدلات الإيجار. في حين أكد وزير الصناعة أحمد الحمو أن وزارته جردت معظم عقاراتها، وسيصار إلى تصنيفها بعد وضع قاعدة معلومات خاصة بها. بينما بيّن وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف أنه تمّ تشكيل لجنة برئاسة معاون الوزير، بهدف تتبع تنفيذ معالجة الإيجارات والاستثمارات، إضافة إلى تشكيل لجنة على مستوى كل محافظة، وهناك تفاوت في أداء المحافظات وتجاوبها مع هذا الملف من حيث البدء بالمعالجة وحصر الملفات، موضحاً أهمية إصدار تشريع يمنع تأجير أي عقار إلا بالحدّ الأدنى من قيمة العقار، والالتزام بجدول زمني عن تقدم الأعمال في هذا المجال. فيما أشار وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عبد الله الغربي إلى أنه تمّ بالتعاون مع وزارة العدل مراجعة كافة العقارات المؤجرة في الوزارة باستثناء أربعة عقارات. أما وزير النقل علي حمود فقد تحدث عن العقارات السورية التابعة للخط الحديدي الحجازي خارج القطر وتحديداً في لبنان، وأن الوزارة استطاعت الحصول على 445 ألف سهم في منشأة تمّ تشييدها على أحد هذه العقارات، مبيناً قيام الوزارة بجرد لكل العقارات المؤجرة والممكن تأجيرها والأملاك العامة البحرية، وأن هناك إمكانية لاستثمارها من خلال وضع خارطة استثمارية على الساحل السوري.
البعث
تعليقات الزوار
|
|