الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

السكن والإسكان معاناة اجتماعية وحلول اقتصادية

الاقتصاد اليوم ـ صحف:

من المؤكد أن كلاً من المواطن والمسؤول يدرك أن أزمة السكن كانت وما زالت قائمة وستتفاقم لأكثر من سبب، وتحديداً سبب الحرب العدائية التي يشهدها قطرنا، ما سيحدّ من قدرة الكثير من المواطنين على تأمين مسكن، وخاصة عند شريحة مَن لا يملكون عقارات خاصة بهم، ويبرز بشكل جلي أن إعادة الإعمار تتطلب الحضور الكبير للجهات الرسمية المعنية بالإسكان عبر مسارعتها لاستكمال ما أمكن من المشاريع السكنية التي بين يديها، سواء أكانت قيد الإنشاء أم قيد الاستكمال للتسليم، والاستعداد لحضورها الأوسع بصيغة جديدة تتناسب مع واقع الحال الذي يجعل من الضرورة الأخذ في الحسبان -لدى كل مواطن ومسؤول- أن المسكن المأمول سيكون أقل مساحة من المسكن المعهود، وأيضاً على القطاع التعاوني والقطاع الخاص العامل في تشييد المساكن أن يأخذا ذلك في الحسبان، في ظل بعض التشريعات الواجبة الصدور بهذا الخصوص، التي من أهمها ضرورة تشريع البناء السكني الطابقي في جميع البلديات، أكان للرخص العائدة للجهات العامة أو التعاونية أو التجارية أو الفردية، والتشجيع على ذلك، وتأكيد اعتماده في المخططات التنظيمية التي هي قيد الإصدار، واستدراكه في المخططات التنظيمية المعتمدة، مع التساهل في منح رخص السكن الزراعي حال توفر المرافق العامة التي تخدمه، شريطة ألا تتحوّل المناطق الزراعية إلى أحياء سكنية.

إن تعويض السكن الذي خرّبته العصابات التكفيرية والتخفيف من الازدحام القائم حالياً في كثير من المدن ومعالجة أزمة السكن كلها، أمور بالغة الأهمية للوطن ومواطنيه، ويمكن أن يتحقّق ذلك باعتماد العديد من الخطوات التي من أهمها:
1– ضرورة قيام الجهات الرسمية العامة بالعمل على الاستثمار في القطاع السكني عبر جميع الإدارات المهتمة بالإسكان والشركات العامة الإنشائية والحدّ من ترخيص أو بناء مشاريع سكنية جديدة داخل الحدود التنظيمية للمدن، ما عدا بعض المناطق السكنية المهدَّمة التي يسمح الواقع السكني والسكاني بإعادة البناء مكانها، وتكثيف حجم البناء السكني الجديد عبر الإعداد لبناء أحياء وقرى ومدن جديدة في أطراف المدن الحالية -أو بعيداً عنها- على أراضي الدولة غير الصالحة للزراعة، في حال إمكانية توفير كل المرافق الخدمية فيها وربطها بشبكة طرقية مع محيطها، والإسراع بإجراء ما يتطلبه ذلك إدارياً وفنياً عبر التنسيق مع المديرية العامة لأملاك الدولة، والبدء بالتجهيز الأولي لذوي المساكن المخرَّبة الذين لا مأوى لهم بالتوازي مع بناء مساكن المكتتبين سابقاً، وفتح باب الاكتتاب مجدداً لمن يرغب والتحضير لتجهيز مساكن وبيعها جاهزة لمن يكون بمقدوره ذلك، وإنجاز ذلك سريعاً في ضوء برنامج زمني بعيداً عن الزمن المطاط والتكلفة السرطانية المعتادين، وسينجم عن ذلك تشغيل الكثير من الأيدي العاملة الباحثة عن عمل لدى جهات القطاع العام، وتأمين مسكن لائق بأسرع وقت وأقل كلفة لكثير من المحتاجين.

2– لما كانت التشريعات الرسمية تنصّ على أحقية ملكية كل بلدية لعقارات أملاك الدولة الواقعة ضمن مخططها التنظيمي، والتي عليها أن تستثمرها أفضل استثمار، لا أن تبيعها أو تؤجّرها للغير بأسعار بخسة، والمادة /134/ من قانون الإدارة المحلية (خاصة البندين 2 و6) تنصّ على وجوب قيام البلدية بتأمين موارد لها، يجعل من المتوجب على وزارة الإدارة المحلية الإيعاز لجميع البلديات بأن تسارع إلى الإعلان عن الاستثمار في البناء السكني، ضمن قطاع عمل كل بلدية على الأراضي العامة غير الصالحة للزراعة بالتنسيق مع أملاك الدولة، وفتح باب الاكتتاب مع منح الأفضلية لمن لا يملك مسكناً وليس لديه عقار للبناء، وسيترتب على هذا الاستثمار تشغيل الأيدي العاملة ضمن قطاع كل بلدية وتأمين مسكن للمحتاجين إليه بأقل تكلفة، وتمكين البلدية من تأمين مصادر دخل من نسبة العمولة التي من حقها أن تتقاضاها كنسبة من تكلفة البناء مقابل أتعابها، وسيمكّنها فائض الربح المتحقق من لحظ وتنفيذ العديد من المشاريع الخدمية ضمن قطاعها.

3– مسارعة القطاع التعاوني إلى إنجاز المشاريع والأبنية السكنية المباشر بها، واستبعاد إيهام غير المخصّصين بتأمين مسكن سريعاً، إذا لم يكونوا مستعدّين لمزيد من الانتظار ودفع المزيد من المبالغ المتوالية هندسياً.

كل ذلك يتطلب اعتماد البناء الطابقي لدى جميع الجهات العاملة في تصميم وتشييد مساكن البناء، وأن تتناسب مساحة المساكن وكلفتها مع الحاجة الضرورية والحالة المادية، بحيث يكون معظمها محصوراً ضمن /50 – 100/م2، ونسبة قليلة بين /100 – 150/ م2، مع لحظ مساكن صغيرة بحدود /30/م2 لغاية سكن الزواج الحديث، إلى جانب إعداد بعض المساكن الجماعية لغاية تأجير غرفها لكثير من العازبين الذين يحتاجون إليها، وتشجيع المنظمات الأهلية لافتتاح نوادي استقبال الضيوف -بخدمة ذاتية وتكلفة رمزية- ضمن كل حيّ وبجناح فردي وجناح عائلي بغية تشجيع وتمكين الكثير من الأسر من تخفيف أو إلغاء صالونات الاستقبال المعهودة في المساكن، هذه الصالونات ذات التكلفة الكبيرة والاستخدام القليل لدى معظم من يملكونها.

المصدر: صحيفة "البعث"
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك