السلع في أسواقنا..كفالتها هي (من هون لبردى)!
الاقتصاد اليوم:
في أغلب دول العالم، تحاول الشركات المنتجة للسلع التنافس في تقديم أفضل مواصفة للسلعة، فالبعض يبهر الجمهور بتنوع الأشكال والألوان للمنتج نفسه بعد استكمال المواصفات الأساسية، والبعض الآخر يبدع في تقديم خدمات إضافية للمنتج نفسه، وكل منتج يرى أنه الأفضل بين المنتجين الآخرين، ويواجهك بالإعلان عن نفسه أنى حللت، لكن رغم كل ميزات المنتج ولاسيما بالنسبة للآلات وخصوصاً الكهربائية منها، فإن خدمة ما بعد البيع (أي خدمة الصيانة) تعدّ الميزة الأهم بالنسبة لأي منتج، فأي سلعة ومهما تدنت قيمتها فإن صيانتها وتوافر قطع التبديل لها يعدان الأهم لاتخاذ قرار الشراء، فكيف عندما تكون السلعة ذات قيمة كبيرة وتكلف عشرات أو مئات الآلاف، لاشكّ عندئذ في أن قرار الشراء لن يتخذه معظم المستهلكين ما لم تتوافر خدمة ما بعد البيع.
وإذا ما أردنا الولوج إلى الأسواق واستكشاف مدى تقديم هذه الخدمة في أسواقنا، فإن أول ما يواجه المستهلك عبارة «من هون لبردى» وتترجم هذه العبارة بوضوح بجملة يقول فيها البائع «بعد أن تخرج من المحل أنا لست مسؤولاً عن المنتج، وإذا ما عجبك المنتج تستطيع أن ترميه في نهر بردى، وأنت حرّ بأن تشتري أو لا»، وفي أحسن الاحتمالات فإن أفضل ما يمكن أن تسمعه من البائع عبارة «نحن نسلمك الجهاز ونجربه أمامك، وبعد ذلك نحن غير مسؤولين عن أي عطل»، وفي الحقيقة فإن أسواقنا خلت تقريباً بشكل كامل من كفالة أي منتج، حتى شركات السيارات تبين (ما قبل الأزمة) أن كفالاتها كانت وهمية وأن صياناتها كانت كلها مأجورة بالالتفاف بعبارة (نتقاضى فقط ثمن القطع) أما أجر يد العامل فهي التي تشملها الكفالة.
وإذا ما تجاوزنا الكفالة، التي تعدّ في الدرجة الثانية بعد ضمان الصيانة لاتخاذ قرار الشراء، والتي لم تعد تقدمها إلا شركات القطاع العام (سيرونيكس- بردى)، فالواقع يقول: إن معظم المنتجات وخصوصاً المستوردة منها لم يعد هناك أي مركز لصيانتها، ومثال ذلك معظم أنواع الحواسب والبرادات والغسالات والمسجلات وأجهزة الراديو وغيرها كثير من المنتجات، وهو ما يستدعي اليوم إعادة النظر بشروط ترخيص بيع وصناعة واستيراد كل الآلات والأجهزة الكهربائية، وإلزام كل العاملين في هذا المجال بالكفالات القانونية، وتأمين الصيانات والقطع بشكل جدي وبأسعار معقولة، فهل تفعل الجهات صاحبة العلاقة؟.
تشرين
تعليقات الزوار
|
|