الفلاح هو الخاسر الوحيد...50 ليرة سعر كيلو البندورة بأسواق الهال وتكلفته على المزارع 125 ليرة!
الاقتصاد اليوم:
مع غياب الإرادة الحقيقية والجادة من قبل الجهات المعنية لتسويق الإنتاج الزراعي تستمر الخسائر الكبيرة والمتلاحقة على المزارع في الساحل السوري ابتداء من الحمضيات مروراً بالبطاطا وصولاً إلى الزراعة المحمية وخاصة «البندورة» التي يعتمد عليها عدد كبير من العائلات الريفية التي هجرت قراها الجبلية واستوطنت في الساحل لتعمل في الزراعة المحمية والتي تشكل مصدر رزقها الوحيد، إلا أن مصير هذه الزراعة لا يختلف عن جميع المحاصيل الزراعية في الساحل، فالخسارة هي ميزانها الوحيد.
والمزارع قد سلّم أمره لله في ظل غياب كامل لتسويق المحاصيل الزراعية، فاليوم كيلو البندورة المحمية يباع في أسواق الهال بأقل من /50/ ليرة سورية بينما التكلفة الحقيقة تصل لـ /125/ ليرة ما انعكس سلباً على هذه الزراعة من خلال تراجع ا لمساحات المزروعة.
مئات البيوت البلاستيكية خارج الخدمة
المهندس تيسير بلال مدير الزراعة بطرطوس أرجع النقص الحاصل في عدد البيوت المزروعة والبالغ /470/ بيتاً إلى أن قسماً من هذه البيوت المحمية تم تكشيفها وبقيت من دون غطاء النايلون وتمت زراعتها بمحاصيل وخضروات مكشوفة ما أدى إلى استبعادها من عدد البيوت المحمية وإدراج هذه المساحات ضمن مساحات سليخ مروي، إلا أنه وخلال مناقشة الخطة الزراعية في مبنى محافظة طرطوس ذكر التقرير المقدم من قبل مديرية الزراعة عن واقع العمل بالزراعة المحمية تناقص عدد البيوت البلاستيكية بالمحافظة بحدود /2587/ بيتاً وأعاد هذا التناقص إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وبيع قسم من البيوت البلاستيكية «الهيكل المعدني» لخارج المحافظة وغيرها من الأسباب.
زراعة البندورة تتراجع
وقد بلغت المساحات المزروعة لغاية 15/5/2018 من البيوت البلاستيكية- كما أشار بلال- /1600/ هكتار يتصدر الباذنجان هذه الزراعات بمساحة /775/ هكتاراً لتتراجع زراعة البندورة إلى المرتبة الرابعة بمساحة /104/ هكتارات بعد أن كانت تتصدر قائمة الزراعات المحمية منذ قيام هذه الزراعة في الساحل السوري ويأتي محصول الكوسا في المرتبة الثانية بمساحة /177/ هكتاراً والفليفلة بمساحة /133/ هكتاراً وقد سألنا بلال عن أسباب هذا التراجع وأهم الصعوبات التي تواجه المزارع والحلول المقترحة من قبل مديرية الزراعة بطرطوس، إلا أننا لم نستطع أن نحصل منه على إجابة لتساؤلاتنا لتبقى هذه الأسئلة برسم مدير زراعة طرطوس.
ارتفاع تكاليف الإنتاج
يشكو المزارعون من الارتفاع الكبير لمستلزمات الإنتاج، هذا الارتفاع الجنوني الذي تجاوز الحد وجعل هذه الزراعة عبئاً على المزارع وليست مصدر دخل له، وهذا ما قاله رئيس جمعية الخراب وأضاف: إذا ما حسبنا الأسعار الحالية لمستلزمات الإنتاج مقارنة مع المواسم الماضية يتضح كل شيء، فقد تبلغ تكلفة إنتاج الكيلو غرام من البندورة /125/ ليرة حسب تقرير اللجنة المشكلة لحساب التكلفة والمكونة من مندوب غرفة الزراعة واتحاد الفلاحين وفرع الحزب ومندوب مديرية الزراعة، فتكلفة تغطية بيت بلاستيكي لعامين /150000/ ليرة ولعام واحد /75/ ألف ليرة، إضافة مادة عضوية /40/ ألف ليرة، حراثة التربة ثلاث مرات /12/ ألف ليرة، تغطية تربة للتعقيم الشمسي الكيميائي /15/ ألف ليرة، تعقيم كيميائي فطري نيماتودا /70/ ألف ليرة و/78/ ألف ليرة ثمن شتول وثمن ناموسيات، وخيطان /12/ ألف ليرة، مبيدات حشرية وعناكب /35/ ألف ليرة مبيدات فطرية متخصصة /35/ ألف ليرة، أسمدة سريعة الذوبان /30/ ألف ليرة، أجور عمال /75/ ألف ليرة، ثمن عبوات فلين العبوة الواحدة بـ /225/ ليرة والمجموع للسنة /75/ ألف ليرة فيبلغ إجمالي التكاليف /552/ ألف ليرة.
ويبلغ متوسط إنتاج البيت البلاستيكي مزروع بالبندورة /5/ أطنان فيبلغ سعر تكلفة كيلو الغرام الواحد من البندورة /110.4/ ليرات يضاف إليها عمولة سوق الهال التي تصل إلى 7% من قيمة الفاتورة وأجور النقل وسطياً /5000/ ليرة وبالتالي تصل التكلفة إلى 123 ليرة لكيلو غرام البندورة الواحد في سوق الهال.
غياب التسويق
اتحاد فلاحي طرطوس يشخّص المشكلة التي يعاني منها مزارعو طرطوس منذ عقود ويضع لها المقترحات والحلول.
وذكرت رزان سودان رئيس مكتب الشؤون الزراعية باتحاد فلاحي طرطوس أن أهم الصعوبات أمام مزارع طرطوس هي غلاء مستلزمات الإنتاج وصعوبة التسويق وانخفاض سعر الكغ من البندورة مقارنة بالتكلفة، أما الحلول فلا بد من إيجاد سوق لتصريف الإنتاج وعدم السماح باستيراد البندورة في ذروة الإنتاج والعمل على بناء معامل للعصائر في الساحل.
وأشارت الى أن الاتحاد ينحصر عمله في توجيه الكتب للاتحاد العام لمخاطبة وزارة الزراعة والجهات المعنية الأخرى بالتسويق.
المزارع هو الخاسر
في ناحية الروضة والتي تعد من أولى المناطق التي دخلتها الزراعة المحمية في المحافظة يوجد ما يقارب /3300/ عائلة تعمل في الزراعة من خارج المحافظة حسب إحصائية جمعية الخراب، وإذا انتهت هذه الزراعة انتهى دخلهم وبالتالي يسهم ذلك في زيادة البطالة.
ويقول المزارع آصف محمد من مزارعي قرية الخراب: المزارع هو الخاسر الأول والمستهلك هو الخاسر الثاني وأصبح من المعروف أن السماسرة وتجار سوق الهال هم من يتحكمون بالسوق ويتلاعبون بالأسعار ولكن خلال السنوات الماضية كنا نزرع موسمين وكانت الأسعار تغطي التكلفة ولكن مع الارتفاع الجنوني للأسعار ترك عدد كبير من المزارعين هذه الزراعة وأنا ما زلت أعمل بها لأنها مصدر رزقي الوحيد على الرغم من الديون الكبيرة التي وقعت بها والتي تجاوزت /800/ ألف ليرة للصيدلية الزراعية لأن السعر لا يغطي التكلفة، وهذا ما أكده المزارع محمد أحمد من منطقة الصفصافة.
من هنا طالب جميع من التقيناهم بضرورة إيلاء الجهات المعنية هذا الواقع الاهتمام الكبير وإنقاذه قبل انتهاء هذه الزراعة، ويتساءلون: في حال انتهت هذه الزراعة هل توجد زراعات بديلة أو رديفة تحل مكان هذه الزراعة، وأين هي اليوم.
تأمين مستلزمات الإنتاج
يتساءل المزارعون: لماذا تغيب الجهات المعنية عن تأمين مستلزمات الإنتاج للمزارعين وذلك لحماية المزارع من التجار الذين يحسبون على الدولار ويبيعون؟ وأغلب التجار يبيع بسعر مرتفع بحجة أنه اشترى المستلزمات حين كان الدولار غالياً، وهذا ما حدث بقصة النايلون- كما قال المزارعون- فبعد استيراد النايلون من إيران تم وضعه بيد التجار، فلماذا لم تعمل الدولة على بيعه؟ وبالتالي أدى ذلك لتحكم التجار بالأسعار واحتكار المادة، ويتساءل المزارع أيضاً: لماذا لا تعمل الدولة على منحنا القروض؟ وهل المداجن أهم من الزراعات المحمية؟ ويؤكد المزارعون على ضرورة دعم الزراعة المحمية في الساحل السوري لاستمرار هذه الزراعة وبالتالي المحافظة على الأمن الغذائي.
تشرين
تعليقات الزوار
|
|