الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

القطاع الزراعي في سورية..خطط على الورق جيدة والعلة في التطبيق

الاقتصاد اليوم:

ها هو عام 2017 انقضى بما حمله من إيجابيات أو سلبيات في مؤشرات الأداء الاقتصادي، وفي تقريرنا هذا سنلقي الضوء على قطاع يعتبر استراتيجيا، حيث يعد العمود الفقري لأي اقتصاد في العالم ألا وهو القطاع الزراعي المورد الأكبر للقطاع الصناعي والتجاري ونواة الأمن الغذائي.. وسنذكر  أهم السلبيات التي شابت عمل هذا القطاع وأهم التوصيات لرفع نسبة نموه خلال العام الحالي 2018.

في نظرة إيجابية سريعة إلى أهم مؤشرات القطاع الزراعي في سورية خلال 2017 فقد بينت وزارة الزراعة أنه تم إنتاج أكثر من مليوني طن قمح و900 ألف طن زيتون كما وافقت الحكومة على تخصيص مليار ليرة لتسويق زيت الزيتون، وقامت بتعديل قانون الحراج ووضعت عقوبات تصل حد الإعدام، وخاصة أن أكثر من 27 مليون شجرة في سورية تدمرت، كما رفعت الحكومة سعر شراء كيلو الحمضيات من الفلاح 10 ليرات لجميع الأصناف ليصبح مئة ليرة للصنف الأول و90 ليرة للثاني و80 ليرة للثالث.

ورغم كل هذه الإجراءات الإيجابية التي طالت القطاع الزراعي، إلا أن العديد من القضايا لا تزال عالقة ومزمنة ولم تحل، كحال قضية تسويق الحمضيات، وحال الأقماح، وتدني نسب الشراء من الفلاحين، والاعتماد على الاستيراد لسد حاجة سورية من القمح، حيث ذكر وزير التجارة الداخلية مؤخرا، أنه تم توقيع عقد لشراء 3 ملايين طن قمح روسي بقيمة 494 مليون يورو. وان المخزون الاستراتيجي من القمح يكفي 6 أشهر فقط، في حين كان قبل الأزمة المخزون يكفي لأكثر من ذلك، كما كانت المستوردات من مادة القمح ضئيلة مقارنة مع أرقام الاستيراد… وطبعا فإن تراجع إنتاج القمح يعود لعدة أسباب أهمها الحرب القذرة التي شنت على سورية وتضرر الأراضي وعدم قدرة الفلاح في الوصول إلى أرضه. عدا عن قضايا الأعلاف والأسمدة وتحكم السوق السوداء بها. والخسائر غير القليلة التي طالت القطاع الزراعي بشقه الحيواني الذي دفع بالحكومة لاستيراد الأبقار وذلك لترميم القطيع.

كل ما يخطط له في المكاتب جيد..ولكن التطبيق ضعيف

ولإلقاء الضوء على أهم إيجابيات وسلبيات الإجراءات الحكومية المتخذة خلال العام الماضي بالنسبة للقطاع الزراعي، فقد بين الباحث والمهندس الزراعي محمد حسان قطنا في تصريحه لموقع “سينسيريا”، أن كل ما يخطط له على الورق وفي المكاتب جيد .. وكل القرارات الصادرة تصب في مصلحة تطوير القطاع الزراعي في ظل الظروف الراهنة .. إلا ان التطبيق العملي الميداني للقرارات المتخذة مازال ضعيفا .. حيث يتجه  المزارعون الى زراعة المحاصيل التي تحقق لهم أعلى ربح ممكن حيث مازال المزارعون يعانون من صعوبة تأمين مستلزمات الانتاج وارتفاع أسعارها في ظل تراجع الاقراض من المصرف الزراعي التعاوني وتراجع نسبة مساهمة الحكومة في توفير البذار المحسن من المحاصيل الاستراتيجية والاسمدة الرئيسة.

 

ضرورة إعادة نظر بالخطة الزراعية والإقراض

وأضاف الباحث قطنا: ” ظهر جليا خلال عام ٢٠١٧ التباين الكبير في أسعار بعض المنتجات الزراعية خلال فترات زمنية قصيرة وخاصة لمنتجات الدواجن ومنتجات البطاطا والثوم وغيرها ويعود ذلك الى عدم القدرة الميدانية على تنظيم وضبط المساحات المزروعة وفق الخطة الانتاجية المقررة، كما يلاحظ بأن الخطة الزراعية لعام ٢٠١٧ كانت متفائلة في حجم المساحات المخطط زراعتها من المحاصيل الاستراتيجية .. فخلال سنوات الازمة لم تتجاوز المساحات المنفذة من محصولي القمح والشعير ٧٠% ومع ذلك استمرت الوزارة بالتخطيط لزراعة كامل المساحات القابلة لزراعة هذه المحاصيل .. ويندرج ذلك على محصول القطن .. اما محصول الشوندر ورغم تطبيق نظام التعاقد المسبق بين معامل السكر والمزارعين الا ان المساحات المتعاقد على زراعتها لم تنفذ وهذا بيت القصيد فإذا كانت المساحات المتعاقد مع المزارعين على زراعتها لم تنفذ فكيف سيتم ضبط المساحات المخطط زراعتها ولا توجد عقد التزام بزراعتها؟”.

وبين الباحث أنه لا بد من إعادة النظر بآلية وضع الخطة الزراعية والعودة إلى الاقراض الزراعي والبحث عن اساليب جديدة ومرنة لتوفير مستلزمات الانتاج بأسعارها المنطقية غير مشوهة وبشكل مستقر مع التشدد بالرقابة على المواصفات والجودة واتخاذ اجراءات صارمة لمنع التهريب .. ويعتبر ذلك من أهم اليات دعم القطاع الزراعي.

هكذا يمكن ترميم قطيع الثروة الحيوانية

وبالنسبة للشق الحيواني في القطاع الزراعي قال الباحث قطنا: “يلاحظ في مجال الثروة الحيوانية خلال ٢٠١٧ أن وزارة الزراعة انهت ترقيم قطيع الثروة الحيوانية في محافظة اللاذقية وتبين من خلاله أن اعداد الثروة الحيوانية في المحافظة قد تراجعت ٤٠% عما كانت عليه قبل الازمة مع اغفال معدل النمو السنوي .. فإذا عكسنا ذلك على اجمالي القطيع في سورية يتضح الضرر الكبير الذي أصاب الثروة الحيوانية.

وقال أيضا: لإعادة ترميم القطيع والحد من تراجع معدلات نموه لا بد من اتخاذ اجراءات صارمة في منع التهريب ومنع ذبح الاناث وإعادة احياء صندوق تداول الاعلاف وتشجيع المزارعين على زيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل العلفية ، وإن الخطوات الايجابية التي اتخذتها الحكومة في استيراد نواة من قطيع الابقار ودعم المزارعين لتمكينهم من اقتنائها لهو من افضل الخطوات المتخذة في ترميم القطيع.

وختم المهندس قطنا قوله: لا بد من الاشارة الى قيام الحكومة بتخصيص مليار ليرة سورية تمنح كقروض صغيرة ومتوسطة للنساء الريفيات وتمكينهم من تأسيس مشروع خاص بهم وهو احد اشكال الدعم المقدم للقطاع الزراعي والذي يساهم في استقرار السكان في اماكن اقامتهم وتوفير مصادر جديدة للدخل للأسرة الريفية”.

يشار إلى أن تقرير لمديرية دعم القرار التابعة للأمانة العامة في رئاسة مجلس الوزراء بين أن إجمالي القيمة التقديرية للأضرار المباشرة التي لحقت بقطاع الزراعة “أضرار البنية التحتية” والأضرار غير المباشرة “خسائر فوات المنفعة” خلال سنوات الأزمة 2013– 2016 بلغ حوالي 868.6 مليار ل.س بأسعار صرف الليرة السورية ما قبل الأزمة وهو ما يعادل 36.7% من المتوسط السنوي للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لعام 2010 “مع الإشارة هنا إلى أنه لم يتم اعتبار عامي 2011 و2012 من سنوات الأزمة بالنسبة للقطاع الزراعي عند حساب قيمة الأضرار، حيث لم يظهر تأثير الأزمة على مكونات الإنتاج والناتج الزراعي حتى عام 2013”. وبيّنت الدراسة أنه لم يؤخذ بالحسبان ما لحق بالقطاع الخاص من أضرار مباشرة لعدم توفر بيانات كافية، ما يعني أن الأضرار الإجمالية لهذا القطاع أعلى بكثير من البيانات التقديرية المشار إليها أعلاه، أما قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بقطاع الري فقد بلغت بحسب تقديرات وزارة الموارد المائية خلال 2011– 2015 حوالي 58.1 مليار ليرة بأسعار صرف ما قبل الأزمة.

 

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك