الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

القطاع العقاري في سوريا أمام مفترق طرق... هل يواجه مصير سوق السيارات

الاقتصاد اليوم:

يشهد سوق العقارات في سوريا حالة من الضبابية، وذلك في ظل استمرار تعليق معاملات نقل الملكية خلال الفترة الماضية، حيث تسعى الحكومة إلى وضع آلية دقيقة تضمن حماية الملكيات وتثبت حقوق المالكين والمشترين.

هذا الوضع أدى إلى حالة من العشوائية في تسعير العقارات، في ظل عدم وجود معايير واضحة لتنظيم السوق، مما يترك المجال أمام المضاربات والتفاوت الكبير في الأسعار، بانتظار قرارات جديدة لتنظيم عمليات البيع والشراء وتعزيز الاستقرار في القطاع العقاري

الدكتور عبدالرحمن محمد نائب عميد كلية الاقتصاد للشؤون الإدارية وشؤون الطلاب في جامعة حماة، استعرض التطورات المحتملة في سوق العقارات السوري، متوقعاً أن تشهد تحولات جذرية مشابهة لانهيار سوق السيارات، ولكن بوتيرة وحجم أكبر بسبب طبيعة العقار كسلعة ذات قيمة أعلى وارتباطها الوثيق بالاقتصاد الكلي.

و برر الانهيار المحتمل في هذه الفرضية بعدد من النقاط الرئيسة منها عرض الوحدات العقارية من مناطق منخفضة التكلفة، إذا دخلت وحدات سكنية أو تجارية من مناطق مثل الشمال السوري (حيث تكاليف البناء والإنتاج أقل) إلى أسواق المدن الكبرى مثل دمشق أو حلب أوحماه، قد يخفض الأسعار بشكل حاد بسبب الفارق الكبير في التكاليف.

وانهيار الطلب الاستثماري معيداً ذلك إلى أن الكثير من العقارات في سورية كانت تُشترى كملاذ آمن أو لغرض المضاربة، و أي تغيير في الثقة بالسوق قد يؤدي إلى هروب المستثمرين وبيع الموجودات، مما يزيد العرض ويخفض الأسعار.

إضافة للوضع الاقتصادي العام من تضخم مفرط، وانخفاض في قيمة الليرة السورية، وتراجع القوة الشرائية للجمهور قد تجعل العقارات غير قابلة للبيع إلا بأسعار منخفضة جدا….

ولم يغب عن بال الأستاذ الجامعي التأثيرات الإيجابية المحتملة الناجمة عن هذا السيناريو ومنها إتاحة السكن لفئات أوسعإذ أن انهيار الأسعار قد يمكن شرائح كبيرة من المواطنين (خاصة الشباب والأسر محدودة الدخل) من امتلاك مساكن. إضافة إلى تحفيز الاستثمار الحقيقي فانخفاض أسعار العقارات قد يشجع على استثمارات إنتاجية في قطاعات أخرى، بدلا من تركيز رؤوس الأموال في المضاربة العقارية. ناهيكعن تقليل الفوارق الطبقية الموجودة بسبب السيطرة على سوق العقارات من قبل فئة محدودة من التجار تسبب تفاوتا كبيرا، وإن تحرير السوق قد يساهم في إعادة توزيع الثروة.

محمد رأى أن لهذه الفرضية تأثيرات سلبية (خاصة على المتحكمين بالسوق)، إذ سوف تتسبب لهم ب خسائر فادحة للمضاربين الذين جمعوا عقارات بأسعار مرتفعة سيواجهون انخفاضا حادا في قيمة ممتلكاتهم، وقد يضطرون إلى البيع بخسائر كبيرة، إضافة لأزمةائتمانية في حال كان هناك قروض عقارية مرتبطة بقيم مرتفعة، قد تتأثر المصارف أو المؤسسات المالية بموجة تخلف عن السداد .

ومن الانعكاسات السلبية برأيه تراجع قطاع البناء إذ قد يتوقف الاستثمار فيالبناء الجديد؛ بسبب انعدام الجدوى الاقتصادية، مما يؤثر على قطاعات التوظيف والمواد الإنشائية.

واقترح محد عدد من السياسات المطلوبة لتوجيه الأزمة تضمن حماية المستهلكين من الانخفاض في الأسعار لايستغله وسطاء جدد لخلق احتكارات أخرى، وضرورة تنظيم السوق عبر إدخال قوانين تمنع التلاعب أو المضاربة الوهمية، مثل فرض ضرائب على العقارات غير المأهولة، معضرورة تحفيز القطاع الإنتاجي: توجيه رؤوس الأموال نحو قطاعات صناعية أو زراعية بدلا من الاقتصاد الريعي.

وفي مقاربة لما حدث في سوق السيارات قال الأستاذ الجامعي: كما ذكرت،سوق السيارات شهدت انهيارا عند دخول سيارات من مناطق إدلب والشمال مثل إعزاز والباب بأسعار أقل، والعقارات قد تتبع نفس المسار، لكن مع تداعيات أعمق بسبب عدم قابلية العقار للنقل بخلاف السيارات، العقار مرتبط بموقع جغرافي، مما يجعله عرضة لاختلافات إقليمية حادة، والارتباط العاطفي والاجتماعي إذ أن الكثيرون يعتبرونالعقار استثمارا طويل الأمد أو إرثا عائليا، لذا قد تكون ردود الأفعال أكثر حدة.

وختم محمد بالقول: الانهيار المتوقع قد يكون فرصة تصحيح للسوق بعد سنوات من المضاربة والاحتكار، لكنه يحتاج إلى إدارة حكيمة لتجنب آثار اجتماعية خطيرة مثل انتشار المديونية أو تفاقم البطالة، كما أن التجار الكبار سيتأثرون، لكن الطبقات المتوسطة والفقيرة قد تجد فرصا لم تكن متاحة قبل الأزمة.

المصدر: الوطن

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك