الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

المازوت المباع بـ 2000 ليرة: سلة دعم المشتقات النفطية

الاقتصاد اليوم:

تظهر حسابات تكاليف المشتقات النفطية لدى وزارة النفط والثروة المعدنية أن 92% من كلفة الدعم، والمقدرة بحوالي 14 تريليون ليرة، تتركز في مادة المازوت المباعة بسعر ألفي ليرة لبعض الجهات العامة والخاصة، وتالياً فإن معالجة ملف دعم المشتقات النفطية وما يسببه من هدر وفساد كبيرين، يجب أن تبدأ من هذا الملف، لكن ذلك يجب أن يتم بحذر شديد بالنظر إلى ما يمكن أن يسببه أي قرار غير “متبصر” أو متسرع بحدوث موجة “مدمرة” من التضخم.

عملياً يمكن القول إن هناك أربعة بنود رئيسية تشكل الجزء الأكبر من دعم مادة المازوت المباع بسعر ألفي ليرة، وهذه البنود جميعها مؤثرة في حياة المواطنين وأي تغيرات سعرية جديدة يمكن أن تفاقم من صعوبة الأوضاع المعيشية… إذاً ما العمل؟

لنستعرض معاً هذه البنود ونحاول تحليل معطيات كل منها:

– البند الأول يتعلق بالنقل الخاص، وحسب تقديرات وزارة النفط فإن وسائل النقل الخاصة تحصل على أعلى قيمة دعم بالمازوت، وهي تصل سنوياً إلى أكثر من 4 تريليون ليرة. والسؤال… كيف يمكن تخفيف هذا الرقم؟

هناك مجموعة من الإجراءات لا تتعلق بوزارة النفط وإنما بالوزارات الأخرى المعنية بالنقل الخاص، ومن هذه الإجراءات ما يلي:

-تشديد الإجراءات على وسائل النقل الخاص وضبط عملها بغية التأكد من استخدام الكميات المخصصة لها من المازوت المدعوم لنقل المواطنين وليس لتهريبها إلى السوق السوداء أو استخدامها بغير غايتها.

-البدء بتشجيع الاستثمار وبكثافة في الباصات العاملة على الكهرباء، والتي يمكن تغذيتها عبر محطات تعمل بالطاقة المتجددة، وذلك وفق برنامج يأخذ بعين الاعتبار معالجة مصير الباصات العامة على المازوت والتي تخرج من الخدمة باعتبارها تعيل أسراً كثيرة، ووضع مصفوفة زمنية للتنفيذ.

-البند الثاني وهو خاص بالدعم الذي تحصل عليه المنشآت الحكومية والأفران والمقدر بحوالي 3.716 تريليون. ومراجعة تفاصيل هذا البند تظهر ضرورة إجراء بعض المراجعات كإعادة تصنيف بعض المنشآت العامة، إذ إن بعض هذه المنشآت ورغم حصولها على مادة المازوت بسعر مدعوم إلا أن تكاليف إنتاجها تكاد مساوية للمنتج في القطاع الخاص وأحياناً أعلى منه، وهذا يعني أن لديها نسبة ما من الهدر يتوجب عليها معالجتها. أما فيما يتعلق بالأفران التموينية الخاصة والحكومية والاحتياطية فإن معالجة ملف الخبز سوف يتيح معالجة حوالي 1.5 تريليون ليرة هي قيمة دعم مادة المازوت المقدمة لهذه الأفران.

البند الثالث من حيث تكلفة دعم المازوت يتمثل في التدفئة المنزلية، والذي تبلغ تقديرات قيمة دعمه حوالي 3.227 تريليون ليرة. وللأسف فإن هذا الملف تشوبه نقاط ضعف كثيرة من أبرزها أن نسبة ليست قليلة من الأسر لا تحصل على مخصصاتها من مازوت التدفئة إلا بعد انتهاء الشتاء، وأسر أخرى لا تستخدم ما تحصل عليه للتدفئة لأسباب عديدة، فضلاً عن عدم مراعاة التوزع الجغرافي للأسر وطبيعة المناخ، ففي الوقت الذي تحصل أسرة في منطقة جبلية على 50 ليتر وهي لا تكفيها لمدة أسبوع، هناك أسرة أخرى في المدن الداخلية تحصل على الكمية نفسها رغم أن الجو في فصل الشتاء يكون أقل برودة بكثير من المنطقة الجبلية. وهذا ربما ما يدفع باتجاه خيار البدل النقدي مع الأخذ بعين الاعتبار عدد أفراد كل أسرة وأماكن سكنها.

عندما نتحدث عن إعادة هيكلة الدعم فهذا لا يعني تبرير قيام الحكومة برفع أسعار السلع المدعومة بشكل مجتزأ لتخفيف عجز الموازنة العامة، والمتأتي أصلاً من فشلها في استثمار موارد الدولة وإمكانياتها، وإنما المقصود أن تقوم الحكومة بالتعاون مع مختلف القوى والأطراف المجتمعية بإجراء تحليل معمق للبدائل والإجراءات المتاحة وبما يضمن عدم حدوث انعكاس سلبي على حياة الناس ومصالحهم التي باتت محصورة للأسف، وفي أحسن الحالات، القدرة على تأمين أبسط احتياجات البقاء على قيد الحياة.

زياد غصن

أثر برس

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك