الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

المستهلك لا ينتظر الأقوال بل الأفعال.. فهل من دور اجتماعي حقيقي للفعاليات الاقتصادية؟

الاقتصاد اليوم ـ صحف:

 ها هو ذا رمضان اقترب، وبات المستهلك يتحوط من لهيب قد يطول أسعار السلع خلال هذا الشهر الكريم رغم لهيبها الحالي، ومن يراقب حركة المستهلك حالياً فإنه سيجده يجري عمليات بحث واستقصاء بين المحلات والدكاكين عن سلع تكون مناسبة مع دخله، ولو حتى بفارق عشر ليرات، ولكن رغم كل عمليات البحث فإنه من المحال أن يجد سلعة تناسب دخله، وللأسف الشديد فإن من طبيعة أسواقنا خلال رمضان أنها اعتادت على (الكرم) في أسعارها، فأسعار جميع السلع ترتفع ارتفاعاً كبيراً، وكما قال أحد بائعي الخضار والفاكهة: (في شهر رمضان تحتاج إلى راتب شهرين لكي تستطيع أن تلبي احتياجات أسرتك كحد أدنى)، ويسأل المستهلك لماذا؟ يقول البائع: الأسعار تتضاعف مع زيادة الطلب، ولكن ربما نحن نقول بأن ذلك أصبح عرفاً في أسواقنا للأسف.

 وفي حقيقة الأمر، الطلب على السلع هو في أدنى حالاته بالنسبة لذوي الدخل المحدود الذين يشكلون الأغلبية بين المستهلكين، ففي حال أراد المستهلك أن يشتري الفاكهة التي أصبحت من الكماليات وأصبحت على قائمة المحظورات، فإنه سيحمل (كيساً) واحداً ويجعل منه (كوكتيل) فواكه، بمعنى آخر (ثلاث حبات من الدراق، عشر حبات من الجارنك، ربع كيلو من الكرز.. وهكذا)، لأن أسعار الفاكهة أصبحت غير معقولة بل وغير منطقية وسجلت أرقاماً قياسية في أسواقنا.

 أما الخضار فحدّث ولا حرج، كل شيء ارتفع حتى البقدونس والكزبرة، حتى الخس، والبصل، رغم انخفاض أسعارها مقارنة مع الأشهر السابقة، نتيجة لتوقف التصدير، أما البيض والفروج، فبدأت الأسعار تأخذ مجراها للارتفاع أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة للحوم الحمراء التي أصبحت حكراً على الأغنياء، وكذلك الأجبان والألبان، والزيوت والسمون، والأرز والسكر الذي سجل سعره 165 ليرة للكيلو والأرز أصبح بـ325 ليرة للكيلو.

 العصائر بشتى أنواعها والمشروبات الغازية أصبحت ناراً في أسعارها، ومثلها البوظة والحلويات، كل شيء أصبح غير ملائم للدخل.. فكيف تصرف المستهلك وكيف استعد لرمضان؟

 أبو قصي لفت إلى أنه يخشى خلال رمضان الذي اقترب من ارتفاع أكثر تشهده الأسعار، مشيراً إلى أن التحوطات التي قام بها استعداداً لهذا الشهر كانت في حدودها الدنيا، بسبب ضعف القدرة الشرائية لديه، مؤكداً أنه لا يوجد ما يمكن فعله، فقد بدأت الأسعار بالارتفاع بدءاً من منتجات الألبان والأجبان حتى الخضار والفواكه والعصائر، مؤكداً أنه لن يتخذ أي إجراء وسيقوم بشراء حاجته اليومية فقط، لأنه خارج من موسم المونة والمدخرات بحدودها الدنيا.

 هذه الحالة كانت تمثل معظم المستهلكين، إلا البعض الذين أخذوا بشراء الأرز والسكر والسمون عدا شراء العصائر والفواكه استعداداً لرمضان، ولكي لا يتعرضوا لارتفاع أسعار السلع المذكورة خلال رمضان كما هو حال في كل عام، فقد ذكرت إحدى ربات البيوت لـ(النور)، أنها قامت بشراء الأرز الدوغما، لأن المغلف مرتفع السعر كثيراً ووصل إلى 350 ليرة للكيلو، كما اشترت السمون والزيوت الفرط وقامت بوضع بعض أنواع الفواكه في الثلاجة لكي تقوم بعصرها بدلاً من شراء العصائر من الأسواق التي انتشر الغش فيها، ولفتت إلى أن ذلك كلفها نحو 10 آلاف ليرة، مستطردة بالقول: (كلهن كيسين ودفعنا 10 آلاف ليرة، علبيتن جبنة مثلثات ومثلهن مرتديلا و5 كليو من الأرز وكيلو سمنة وعلبتين زيت صويا...)، مستغربة بل ومصدومة مما آلت إليه أسعار السلع الغذائية في أسواقنا المحلية، وطالبت في الوقت نفسه جميع الجهات المعنية بمراقبة الأسواق وبوضع حد لهذه الارتفاعات الكبيرة في الأسعار، كما طالبت مؤسسات التدخل الإيجابي أن تطبق اسمها وأن تكون إيجابية في تدخلها بالأسواق، وأن لا تكون عبئاً آخر على المستهلك الذي وصل إلى مرحلة حرجة جداً في تأمين دخله ولقمة عيشه.

 بالمقابل رأى أحد المتابعين، أنه من الضروري جداً أن يتم تفعيل دور مؤسسات التدخل الإيجابي من (استهلاكية) و(خزن وتسويق)، وأن تقوم صالاتها في المحافظات بإقامة مهرجانات للتسوق بحيث تطرح سلعاً غذائية مناسبة لدخل المستهلك، وأن تُمنع من المتاجرة بهذه المواد بحيث لا تباع للتجار وبائعي الجملة في الأسواق، بل يجب توجيهها إلى ذوي الدخل المحدود حصراً.

 وطالب وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية أن تقوما بدور اجتماعي فاعل خلال شهر رمضان، بحيث تقوم بتوزيع سلل غذائية على المهجرين وتكون مجانية إن أمكن أو بأسعار رمزية، وذلك بالتعاون مع الجمعيات الأهلية والخيرية، كما طالب بقية الفعاليات الاقتصادية أن تلعب دوراً اجتماعياً واقعياً وليس مجرد شعارات خلال شهر رمضان، سواء البنوك أو غرف التجارة وغرف الصناعة والزراعة، ومعظم الاتحادات، وذلك لتأمين فرص عمل للعاطلين عن العمل وتأمين سلل غذائية مجانية للمحتاجين وللمهجّرين.

حالياً ووفق ما قرأنا قسّمت محافظة دمشق إلى 8 قطاعات لمراقبة الأسعار ضمنها من قبل المحافظة، كما أعلنت وزارة التجارة الداخلية عن خططها خلال رمضان، وطالب العديد من الجهات بأن يكون شهر رمضان شهر رحمة بالأسعار، ولكن في حقيقة الأمر فإن الأسعار لا تزال يوماً بعد يوم تشهد ارتفاعاً، والمتابع سيجد أنه يوجد احتمال أكبر لارتفاع الأسعار مع بدء رمضان وذلك لزيادة الطلب على السلع من قبل المستهلكين، أو ربما هو عرف اعتادت عليه أسواقنا، بالطبع هذه التوقعات يجب أن تكون مدرجة لدى الجهات الرقابية على الأسواق ويجب عليها كما صرحت مسبقاً بأن تدقق على الفواتير وعلى الجودة وخاصة المواد الغذائية. وكل ما نتمناه هو أن تقوم الفعاليات الاقتصادية على اختلاف نشاطاتها بدور اجتماعي حقيقي وفعلي، فالتاجر يقلل من هامش ربحه، والصناعي كذلك والسياحي يعلن عن تخفيضات، ولكن هل هذا سيحدث، أم أن المستهلك سيشهد فقط الشعارات والمهرجانات التي لا يستطيع الدخول إليها لارتفاع أسعار السلع فيها؟..

المصدر: صحيفة النور السورية

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك