امتحانات المفتوح تلهب أسعار الإيجارات..غرفة (كعلبة الكبريت) بـ15 ألف ليرة!
الاقتصاد اليوم:
لم نتوقع يوماً أن تصل أسعار الإيجارات في سورية إلى أرقام فلكية، قياساً على ما كانت عليه قبل الأزمة، وخاصة في مدينة دمشق التي تضم أكبر تجمع سكاني في البلاد نتيجة الظروف الراهنة!.
الشقة “ديلوكس” التي كانت تؤجر بـ 5000، من الصعب أن تجدها اليوم بأقل من 50 ألفاً، والغرفة التي كانت تؤجر بـ 2000 ليرة، لا يتنازل صاحبها عن تأجيرها بأقل من 15 ألف ليرة، حتى لو كانت تشبه علبة الكبريت!.
هذا في مناطق المخالفات الملتصقة بدمشق كحي الـ 86، وجبل الورد، وحي الورود، وغيرها، فكيف في الأحياء الواقعة ضمن التنظيم العمراني للمدينة، وفي الأحياء الراقية، الرقم يفوق الخيال، ونخشى من ذكره خوفاً على أصحاب القلوب الضعيفة؟!.
أرقام خيالية، وفوضى ما بعدها فوضى، تدل بوضوح على أن الأمور خارجة عن السيطرة، بل تتم بعلم المعنيين، بدءاً من المختار، مروراً بالبلديات، وصولاً إلى تسجيل العقود في المحافظة، حيث هناك “حكي” كثير وكبير بهذا الخصوص؟!.
هذا الخرق العلني لبدل عقود الإيجار يرويه لك الكثيرون ممن ذاقوا ومازالوا مرارة الأسعار التي يتلاعب بها أصحاب المكاتب، وموظفو الدوائر المختصة الذين يتغاضون عن السعر الحقيقي طمعاً “بالبقشيش”!.
راحت أيام الدلال!
قبل انتشار مكاتب التأجير، كان في كل حي شخص يسمى الدلال، فهو يعرف كل البيوت والغرف المعدة للإيجار، وكان يتقاضى لقاء تعبه مبلغاً لا يتجاوز الـ 500- 1000 ليرة، أما اليوم فأصحاب المكاتب العقارية التي نمت كالفطر لا يرضون بأقل من 25 ألف ليرة لقاء تأمين بيت للإيجار، علماً أن بعضهم يعمل دون ترخيص من الجهة الإدارية في المنطقة الموجود بها؟!.
أكثر المتضررين من ارتفاع الإيجار هم طلبة الجامعات، وبشكل خاص طلبة التعليم المفتوح الذين باتوا على بعد أسبوع من موعد امتحاناتهم، فهؤلاء لا يحق لهم السكن في المدن الجامعية إلا في حالات نادرة، والكل يعلم اليوم أن السكن الجامعي لم يعد قادراً على استيعاب الطلبة، فالمدن الجامعية تتحمّل فوق طاقتها بثلاثة أضعاف نتيجة ظروف الأزمة التي أجبرت مئات آلاف الطلاب على ترك جامعاتهم الأم، واللجوء إلى الجامعات في المناطق الآمنة كجامعات دمشق، والبعث، وتشرين التي تستضيف عشرات الآلاف من طلبة جامعتي حلب والفرات، وفرعي جامعة دمشق في درعا والقنيطرة، وكذلك طلبة ادلب.
الأسعار نار!
تشكو لميس كغيرها من طلاب الجامعة من المعاناة جراء البحث عن غرفة للإيجار لمدة شهر ريثما تنهي امتحاناتها التي تبدأ الأسبوع القادم!.. تقول: أقل سعر يمكن أن تجده هو 15000 ليرة لغرفة تحت الدرج لا تتسع لأكثر من شخص من دون مطبخ، وحمام خارجي، وهذا بعد تدخل المعارف!.
وتضيف: نحن مجبرون على هذا كطلاب جامعة لا يحق لنا السكن في المدينة الجامعية التي تضيق بطلابها اليوم، مشيرة إلى أن إحدى زميلاتها استطاعت تأمين استضافة بالمدينة الجامعية، لكنها “هربت” في الصباح الباكر لأن الغرفة غير صالحة للقراءة نتيجة كثرة عدد القاطنات فيها!.
حبة مسك!
إحدى الطالبات من محافظة السويداء قالت إن أسعار الإيجارات تخطت حاجز الـ 100 ألف ليرة في موسم امتحانات الجامعة، حيث تضم السويداء عدة كليات تابعة لجامعات دمشق، وطالبت بالإسراع ببناء سكن جامعي للطلبة أو استئجار بعض المقرات الحكومية الصالحة للسكن كحل إسعافي ريثما يتم إنشاء وحدة سكنية تفي بالغرض!.
وبرأي زميلتها بشرى سلطان أن تهاون الجهات المعنية هو السبب الأول في جنون أسعار الشقق المؤجرة، وتروي ما حدث معها “صاحب المكتب امتنع عن مساعدتنا أنا وأختي لإيجاد غرفة مناسبة للإيجار إلا بعد أن يقبض كاش مبلغ 10000 آلاف ليرة، وفي حال تم الإيجار يريد 5000 آلاف ليرة كحبة مسك”.
إجراءات صارمة
ويقول حمزة الشرع إن أزمة الإيجارات من أكثر المشاكل التي يعاني منها المواطن السوري، بعد أن دمرت المجموعات الإرهابية آلاف البيوت وهجرت عشرات آلاف العائلات، وطالب الحكومة وأعضاء مجلس الشعب للتدخل بوضع إجراءات صارمة تعاقب كل من يستغل المهجرين أو طلبة الجامعة.
وتأسف كاترين الطويل لحالة الجشع والطمع التي سيطرت على الكثيرين ممن استغلوا ظروف الأزمة وراحوا يمارسون هوايتهم بكيّ المحتاجين من أبناء بلدهم بدلاً من مساعدتهم بالتخفيف من آلامهم، وأكدت أن استمرار تجار الأزمة أياً كان نوعهم بهذا السلوك يعني أن الأزمة طويلة!.
أيضاً الشاب أيمن الصالح من حماة استغرب الجشع والطمع الذي عمى قلوب الناس بدلاً من أن تكون رحيمة على الشباب ممن لا عمل لهم!
وقال في حماة الوضع قد يكون أفضل من دمشق، نظراً لقلة عدد طلبة الجامعة هناك، لكن في دمشق الوضع لا يطاق، متسائلاً: ماذا تعمل الجهات صاحبة العلاقة؟!.
وقالت سهام خضور: قياساً للراتب الشهري للموظف لا يمكن للطالب أن يستأجر غرفة لوحده، لذا يضطر للتشارك مع زملائه مجبراً وهذا يكون على حساب دراسته وامتحاناته!
الدفع “سلف”!
ويشكو نور الدين من الدفع سلف ولمدة ستة أشهر نور حالياً يبحث عن بيت للإيجار يناسب دخل أسرته، ويوضح أنه غير قادر على دفع مبلغ كبير لستة أشهر، متسائلاً: أي قانون هذا الذي يجيز للمؤجر أخذ أجرة سلفاً؟!.
اعتراف!
زيدان، صاحب مكتب عقاري لم يخفِ أن أصحاب المكاتب يغالون أحياناً كثيرة بالأجر الذي يتقاضونه لقاء تأمين شقة للإيجار، وأوضح أن المبلغ قد يكون مقطوعاً أو يؤخذ كنسبة من قيمة الإيجار لشهر واحد، وذلك حسب الاتفاق مع الزبون، وبيّن أن هناك طلباً كبيراً على الشقق الصغيرة، ورغم ذلك تقطنها عائلتان أو حتى ثلاث نظراً لغلاء الإيجارات وقلة البيوت المعروضة.
تزوير!
يؤكد المستأجرون أنهم أثناء تسجيل عقود الإيجار لا يتم وضع القيمة الحقيقية، ويحدث ذلك بالاتفاق بين المؤجر والمسؤول عن منظم العقد، وذلك من أجل تخفيف نسبة الضريبة، والسؤال: من يحاسب هؤلاء الذين يسرقون المواطن ويستهترون بالمال العام المتحصل عن طريق الضريبة؟!.
هذا غيض من فيض معاناة المستأجرين الذين باتوا على باب الله نتيجة غلاء الإيجارات، ترى ألا يكفيهم جنون أسعار المواد الغذائية وأجور النقل وغيرها؟!
كان الله بالعون!!.
“البعث”
تعليقات الزوار
|
|