الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

باحث اقتصادي يبين: هذا ما يعنيه تحديد سعر الدولار بـ500 ليرة بموازنة 2018

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

كتب الدكتور نضال طالب ( محاضر في جامعة دمشق)

عادةً يكون تحديد سعر الدولار أمام أي عملة دولة ما ضمن موازنتها العامة وفق قواعد وإجراءات محددة تتعلق بمعدل النمو الاقتصادي و التوقعات الخاصة بالأداء الاقتصادي وغيرها من الآليات الخاصة بذلك، و تقوم الجهات ذات العلاقة و في سورية هو المصرف المركزي السوري  بدراسة عدد من المؤشرات والتوقعات المستقبلية للاقتصاد السوري والأسعار المتوقعة لأهم السلع الاستراتيجية مثل القمح والسكر والمواد البترولية، والتي تحتاج تأمين اعتمادات مالية بالدولار لإستيرادها.....  ويتم على أساس ذلك تحديد معادل الدولار...

وتأتى أهمية معرفة سعر "دولار الموازنة" في أنها تعطى تصوراً أو توقعاً رسمياً لسعر الدولار للسنة القادمة، في وقت يصعب على الكثير بناء توقعات بشأنه، وقد يمثل توجيهاً غير مباشر للسوق بالتحرك تجاه الصعود أو الهبوط، فإذا جاءت توقعات دولار الموازنة مرتفعة فستعطي انطباعاً للسوق باستمرار تراجع قيمة الليرة السورية أو سيكون العكس فيما لو كانت توقعات دولار الموازنة عند سعر منخفض فسيعطي انطباعاً بأن السعر التوازني للدولار أمام الليرة منخفضاً، وهو ما سيوجه السوق نحو نفس الاتجاه، وفى  الوقت نفسه إذا وضعت الحكومة توقعات أقل من السعر الحقيقي فسيتسبب لها في مشكلات تتعلق بارتفاع عجز الموازنة بأكثر مما هو مستهدف نتيجة ذلك، و بالطبع العامل النفسي و الإنطباعات تلعب دور كبير فى توجيه الاقتصاد أو سوق الصرف. و من هذه الزاوية يكتسب إعلان "دولار الموازنة العامة الجديدة 2018 بـ 500 ليرة فقط بينما سعره الآن في السوق يتجاوز ذلك ليصل إلى 535 ليرة " أهميته، باعتباره توقعا "حكوميا" للدولار فى السنة القادمة. وهو مؤشر على خطة الحكومة للسعي إلى رفع قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية ولا سيما الدولار خلال العام المالى الجديد.

إذاً سعر الدولار هنا هو سعر مخطط و ليس فعلي و هو عملياً يعتبر سعر مستهدف أي في سورية تخطط الجهات و المؤسسات النقدية على المدى المنظور لفترة عام ليكون معادل الدولار (500) ليرة سورية. و هو هدف متواضع يجب السعي لتطبيقه. كما أن ذلك مبرر على المدى القصير بينما على المدى الأبعد يجب التخطيط لخفض هذا السعر سيما و أن هناك متغيرات هامة على الأرض تجعل هذا الهدف ممكن التطبيق من عودة لأجواء استقرار أمني في معظم المناطق السورية، و استقرار في سعر الصرف و تطلع لرفع القدرات التصديرية و لاستقطاب شرائح من المستثمرين و الأهم توقع ارتفاع في الإيرادات النفطية على ضوء عمليات تحرير كبيرة في هذا القطاع.

أعتقد بأن تحديد سعر الدولار في موازنة عام 2018 أكثر دقة و منطقية مما كان عليه في موازنة العام السابق 2017 و السبب يعود إلى استقرار سعر الصرف بين آب 2016 و آب 2017 و هما الفترتان اللتان تم اعتماد سعر الدولار فيهما لموازنتي 2017 و 2018 و الذي تراوح بين (500) و (535) تقريباً هذا من جهة و من جهة أخرى شهد العام الماضي تذبذبات كبيرة في سعر الصرف جعلت سعر (470) المعتمد غير واقعي، حيث وصل خلال شهر أيار إلى (600) ليرة ليعود إلى (375) ليرة بداية حزيران ثم إلى (500) ليرة نهاية حزيران. كما أن خفض قيمة الدولار في السوق موضوع هام إلا أن استقرار سعر الصرف هو الأهم في تحقيق استقرار الأسعار و الأسواق و حركة الإنتاج و البيع إضافة إلى حركة الاستثمارات، و هو ما شهدناه خلال المرحلة الماضية، و بالتالي اعتماد معادل للدولار في موازنة 2018 لن يكون له الأثر الكبير على سوق السلع و الإنتاج إذا ما قورن بالسعر الحقيقي الذي يتحكم بحركة السوق.

و الجدير ذكره في إطار ما سبق هو أنه و بالرغم من أن جميع الحكومات المتعاقبة في زمن الأزمة عاشت و تعايشت مع انخفاض قيمة العملة المحلية و حاولت بكل ما تملك من طاقات أن تضع السياسات النقدية الكفيلة بمعالجة هذه المعضلة إلا أنها لم تعط ما يكفي من وقتها و دراساتها و محاولاتها لرفع القدرة الشرائية للمواطنين و تحسين مستوى دخلهم من خلال خلق موارد جديدة للموازنة و تمكينهم من تخطي انخفاض قدرتهم الشرائية و لو بحدود 50%، فمن جهة لم تستطع الحكومة إعادة سعر الدولار لما كان عليه بداية الأزمة، و أيضاً لم تحقق زيادة حقيقية في الرواتب و الدخول، و موازنة عام  2018 يجب أن تعكس واقع حقيقي في مواجهة ما تتضمنه من بيانات مالية و يجب النظر بعين الرعاية و الاهتمام للدخل الحقيقي للفرد، و لسنا هنا بوارد تطبيق نفس معدل التضخم الذي تجاوز عتبة الـ (1000%) و إنما يجب مراعاة حقيقة أن متوسط دخل الفرد الذي بلغ عام 2011 ما يعادل (300) دولار لا يمكن مقارنته بمتوسط الدخل الحالي الذي لا يتجاوز الـ ( 70) دولار.

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك