الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

باحث اقتصادي يضع أربع خطوات للحد من التهرب الضريبي في سورية

الاقتصاد اليوم:

تناقلت في الآونة الاخيرة عبر وسائط التواصل الاجتماعي أصداء عن عزم وزارة المالية بوضع مشروع قانون للضرائب في سوريا بحيث يلبي حاجات التنمية ومع مراعاة العدالة بين المكلفين .

وعلى هامش ذلك نسلط  الضوء على بعض المفاهيم، فالعدالة الضريبية و الوعي الضريبي احتلا مساحة واسعة في الفكر و الفقه الضريبي و غالبا ما يبرر تقهقر الوعي الضريبي بضعف العدالة الضريبية ، فإلى اي حد يمكن الاخذ بهذه المقولة؟؟.

ومن اجل تعزيز الوعي الضريبي والحد من التهرب الضريبي أرى ما يلي:

 أولاً- عدم اللجوء الى التعديل الشكلي و الترقيع كما جنح عند وضع القوانين الضريبية السابقة وعبر اكثر من نصف قرن و التي كان آخرها القوانين ٢٤ و ٢٥  و ٦٠ و ٤١ والمراسيم ٦١ و ٥٣ و٤٤ و ٢٨ و ٤٣ وغيرها، فضلا عن القرارات و التعاميم و الاجتهادات و التعليمات و البلاغات و التفسيرات المترامية الزمان و الموضوع، بل لا بد من مشروع قانون جديد كامل وغير مجمع او ململم او مترام او متراكم النصوص و الاطراف واضح المعالم و المآل لا يخضع للتأويل او التفسير الجائر الذي يناقض حال النص وبحيث يجسد الاهداف المرجوة منه بشكل موضوعي و علمي والا يكون الغاية منه الوحيدة الحصيلة و الجباية فقط، بل لا بد من مراعاة اهداف اخرى يأتي ذكرها في الفقرات التالية .

ثانياً – العدالة الضريبية تطبيقا لا شعارا و تنفيذا لا قولا و،تتحقق العدالة الضريبية بشكل مبدئي من خلال امرين:

١- العدالة بين ما يكلف به المكلف نسبيا مع امثاله من المكلفين مع مراعاة الفروقات النسبية .

٢-  العدالة بين دخول المكلف المالية و التكاليف الضريبية.

ورغم اعتقادنا بعدم العدالة المطلقة و ان العدالة نسبية ولا تعني المساواة و بغض النظر عن ذلك، فالعدالة الضريبية وحدها لا تعزز الوعي الضريبي و من يخالف ذلك الرأي فإنه يجحف العدالة ، علما بان الوعي الضريبي ليس ضرورة توافره حصرا على المكلفين بل لابد من توافره لدى الدوائر المالية و كل من يعمل بالمجالات الضريبية .

ثالثاً – يتفق الضريبيون على ان الهدف الرئيس للضريبة هو مالي بحيث يسهم الى حد بعيد في تمويل الانفاق الحكومي او تمويل الموازنة العامة للدولة وهذا الهدف اذا كان الهدف الوحيد فانه يلغي الوعي الضريبي و يشجع على التهرب الضريبي فللضريبة اهداف اجتماعية و انسانية و ثقافية و اقتصادية و هذا يعبر عنه نظريا في المحاضرات و الجامعات و النشرات و وسائل الاعلام فقط ويكون اثره معدوما على المكلفين و يكون بمثابة الحبر على الورق و يدعو الى المزيد من التهرب الضريبي.

فلا بد من ان تتجسد هذه الاهداف بإعفاءات و تخفيضات و تدريجات و مطارح وفقا لتلك الاعتبارات المختلفة ذات الصبغة الموضوعية او الشخصية او الظرفية او السلعية .

فالضريبة اداة لإعادة توزيع الثروة و هي اداة تكافل و تضامن بين افراد المجتمع و اداة لتنمية الولاء و الانتماء للوطن وهذه الامور ليست جديدة فهي موجودة في كافة المؤلفات المالية و الضريبية و لكن المطلوب الآن اخراج هذه الافكار من رفوف المكتبات الى حيز التطبيق و التنفيذ القانوني نصا و تطبيقا .

فالسكن و الاسكان و الكهرباء و الماء و الغذاء والدواء حاجات رئيسة تسهم النصوص الضريبية بتأمينها للمواطن بأقل كلفة ممكنة اذا رسخت ضمن اهدافها.

وذوي الدخل المحدود من عمال و موظفين و صغار الكسبة …… هم فئة يستوجب مراعاتها في معرض التكليف الضريبي اذا ما استهدفت ضريبيا .

والسلع البزخية والكمالية و اللاحاجية هي محلا للتكليف الضريبي المناسب لخصوصيتها اذا ما استهدفت ضريبيا.
والمنشآت الكبيرة و الشركات القابضة و المؤسسات المالية و غيرها بغض النظر عن شكلها القانوني و ملكيتها هي محل لتكليف يناسب خصوصيتها اذا ما استهدفت ضريبيا و هكذا ، فالصين مثلا تحد من عدد السكان بتدابير ضريبية. و امثلة مشابهة كثيرة.

وبصورة عامة اذا ما اخذت النصوص القانونية بأهدافها التي تحدد مسبقا و ابعادها الانسانية و الاجتماعية و… من خلال ربط مصلحة الوطن بمصلحة المواطن واهداف الضريبة بأمنيات و امل المكلفين انسانيا واجتماعيا وتربويا و اقتصاديا فإن من شأن ذلك تعزيز الوعي الضريبي و الحد من التهرب الضريبي و الميل الى الضرائب غير المباشرة كالضريبة على الانفاق افضل من الضرائب المباشرة في هذا المجال .

رابعاً-  ليس العبرة بتعدد الضرائب وتعقيد النصوص وتراميها، فان ذلك يؤدي الى التهرب الضريبي، و نذكر بأن معظم الضرائب المباشرة يقوم المكلف القانوني بانعكاسها على المكلف الحقيقي وهو المستهلك الاخير الذي يتحمل الضريبة نيابة عن المكلف الاصلي و القانوني .علما باننا لا نغفل هدف الضريبة في تمويل الانفاق العام فلا مفر منه بكل تأكيد و لكن مع الاخذ بعين الاعتبار للأهداف الاخرى .

ونؤكد على ان تعزيز الوعي الضريبي و بالتالي عدم التهرب الضريبي من مسؤولية التشريع الضريبي اولا فالدوائر المالية و العاملين بها  فالإعلام الاقتصادي وفي المرتبة الاخيرة المكلفين و ليس العكس كما يظن الكثيرون .

الباحث والمحاسب القانوني والمحاضر في معاهد وجامعات سورية لمقررات المحاسبة فايز بيضون

سينسيريا

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك