باحث يؤكد: عقلنة الدعم غير ناجحة..ويسأل: لماذا لا تزيد الرواتب؟.
الاقتصاد اليوم ـ مواقع:
أوضح الأكاديمي والأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور غسان إبراهيم أن عقلنة الدعم من الأفضل أن تعمل على تحقيق هدفين وهما إيصال الدعم لمستحقيه وتخفيف العبء عن الخزينة العامة، وأن لا أن يكون تحقيق أي هدف على حساب هدف أخر، مشيرا إلى أن تحقيق الهدفان معا أمر صعب وهو كحال الركود التضخمي، وعلى حد قوله، أن الموازنة العامة هي أداة ووسيلة وليست غاية، فإذا توازنت الموازنة دون عجز أو استدانة وهناك فقراء في ازدياد فما الهدف من الموازنة المتعادلة؟ فالموازنة هي وسيلة وأداة لحل أزمات المعيشة كلها، فالهدف الأكبر منها هو تحسين مستوى المعيشة أو إيصال الدعم لمستحقيه لا أن تكون الموازنة بحد ذاتها هدف، فلنفترض أنه تم تحقيق موازنة في الموازنة العامة “النفقات أصبحت توازي الإيرادات” أو أن هناك فائض في الموازنة، ولكن بنفس الوقت الفقراء يزدادون والعاطلين عن العمل يزدادون، فما هي الفائدة إن كان هناك فائض في الموازنة؟.
عقلنة غير ناجحة وغير واقعية
وما يقال بأن الخزينة ملئت من جيوب الفقراء هو قول شائع، فموارد الخزينة العامة هي أكثر من الضرائب بكثير، فالضريبة هي مورد أساسي للدولة في أي مكان ولكن ليست الوحيدة فهي ذات إيرادات متعددة سواء من أرباح منشأتها الخدمية والصناعية والزراعية والتجارية والمالية، فالمثل القائل بأن مالية الحكومة جيوب رعاياها، كلمة حق يراد بها باطل، فهي تعني أنه ليس هناك إيراد للحكومة إلا من الضريبة في حين أن هناك الكثير من الموارد الأخرى للخزينة العامة غير الضريبة.
ونوه إلى أن عقلنة الدعم والتي تعني توجيه الدعم إلى مستحقيه لم يلمسه المواطن بعد، وأصبح قول شائع ولكن هناك طرق متبعة في دول العالم أكثر جدوى متوجهة للفئات بشكل دقيق لإيصال الدعم إلى مستحقيه، أما في هذه الطريقة المتبعة حاليا والتي تشمل كل شيء دون دراسة فهي ليست ناجحة، مثلا: طالب الجامعة في أوروبا ما إن يتم تسجيله في الجامعة حتى تطلب الجامعة منه أن يصدر بطاقة خاصة به للنقل والمواصلات، وأن يصدر بطاقة خاصة بالمكتبات وأخرى بالطعام وأخرى من أجل التأمين الصحي، فيصل الدعم إلى مستحقه بنسبة 100%، أما لدينا في سورية فإن المشتقات النفطية والخبز والسكر وغيرها من المواد المدعومة تصل إلى المستحق وغير المستحق لذا فالواقع حاليا عن عقلنة الدعم وإيصال الدعم لمستحقيه فهو قول يقال وغير دقيق وواقعي في سورية.
وعن التعويضات التي يجب على الحكومة أن تقوم بتوجيهيها مقابل رفع الأسعار أشار الدكتور إبراهيم، إلى أنه دائما عندما يتم رفع أسعار السلع الاحتكارية والتي تختص بتأمينها الحكومة وتحدد سعرها فقط، يفترض أن تتوجه إلى الرواتب والأجور بحيث ترفعها، ولكن الأفضل أن يتم زيادة الإنتاج وأن يتم تعبئة السوق بالبضائع، ولكن في حال تعذر ذلك فيجب أن تتوجه إلى الرواتب والأجور وإلا تداعيات كثيرة ستحدث اقتصادية واجتماعية.
لماذا لا تتم زيادة كتلة الرواتب والأجور؟
تؤكد المعطيات إلى أن الأسعار بالمتوسط ارتفعت 65% حسب إحصائيات الحكومة، وهناك أسعار سلع ارتفعت نحو 500% ولكن المتوسط يخفي ارتفاعا كبيرا جدا ببعض الأسعار، لذا نقول بأن المتوسط هو 65% وهناك سلع ارتفعت عشرة أضعاف وسبعة أضعاف، فلماذا لا تتم زيادة كتلة الرواتب والأجور، فالحديث عن أنه في حال زيادة الرواتب والأجور سترتفع الأسعار ويرتفع التضخم هو حديث غير دقيق، فمن أين هذا التضخم الحالي في ظل عدم زيادة الرواتب والأجور ؟ وتساءل إبراهيم هل يمكن معرفة ما هو مصدر التضخم؟.
ولفت إلى أنه عندما نصل إلى مسألة تحصيل إيرادات للخزينة فإن الحكومة تفكر منذ زمن بالتحصيل من غير الأغنياء، فلماذا لا تذهب إلى التجار والصناعيين وأرباب العمل والمقتدرين وتأخذ منهم الضرائب، ولماذا تبحث في الحصول على إيرادات ضريبية من خلال جيوب الفقراء أو خفض الدعم، ولماذا لا تذهب إلى أصحاب الملائة الاقتصادية وهناك تجارة ومحامين وأساتذة جامعات، أي أن هناك مصادر أخرى تستطيع من خلالها تحصيل إيرادات جديدة للخزينة أفضل من أن تقوم برفع أسعار سلع تمس ذوي الدخل المحدود.
ولفت إلى أن هناك تحسن جزئي بتوزيع المازوت والمشتقات النفطية “ولا أعلم إن حقق الرضا لدى الناس في عقلنة توزيع المشتقات النفطية، فهناك مناطق باردة تحتاج إلى كميات اكبر من غيرها، أما بالنسبة للرواتب والأجور فيجب تعديلها قولا واحدا وحلها وسريعا، واليوم أفضل من غد لان ارتفاعات الأسعار هائل.
وأوصى أنه من الضروري أن ننظر في أوضاع الطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود ورفع الرواتب والأجور ليس 60% فهي مستحيلة ولكن اقل منها وبشيء معقول وليس 4 أو 5 آلاف ليرة فهي لا تغطي الفجوة، فارتفاع الأسعار لا يخاف منه اقتصاديا بل نخاف من منعكساته الاقتصادية والاجتماعية.
المصدر: موقع "سينسيريا"
تعليقات الزوار
|
|