الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

باحثون: نواجه فلتان اقتصادي والأسعار تجاوزت الأعراف السوقية

الاقتصاد اليوم:

أكد الدكتور عابد فضلية أن الأسعار تجاوزت جميع الأعراف السوقية والنظريات الاقتصادية فلا يمكن بزمن الحرب عرض حذاء رياضي يصل سعره إلى أكثر من 200 ألف ليرة سورية، أو بنطال جينز يقارب سعره الـ150 ألف ليرة، ويضيف فضلية: في أسواقنا يوجد علب ماء فرنسية، في حين يتم احتكار المياه المحلية كبقين ومياه الدريكيش في مستودعات كبيرة حتى يتم رفع أسعارها، لذلك تبدو ظاهرة إغراق السوق بالسلع الفاخرة جزءاً كبيراً من تدمير الاقتصاد الوطني وفرض قانون جديد على السوق بأسعار لا يمكن السيطرة عليها من الحكومة.

تدل جميع المؤشرات على أن السلع المطروحة في أسواقنا التي يدّعي تجارها أنها ذات مصدر أوروبي، المصدر الحقيقي لها هو السوق الصينية أي بضائع مقلّدة وليست أصلية حتى إن كانت ذات نخب أول، ما يجعل المقارنة بين الأسعار وهذه السلع غير منطقي حيث علّق فضلية قائلاً: لا يستطيع أي تاجر حمل أعباء استيراد بضائع من فرنسا أو إيطاليا أو أي بلد أوروبي بسبب العقوبات الاقتصادية من جهة وبسبب ارتفاع سعر الصرف من جهة أخرى، لذلك فإن البضائع هي ذات مصدر صيني، ومسؤولية تسعيرها تقع على الجهات الحكومية لإثبات مصدرها وتسعيرها بما يتناسب مع بلد المنشأ.

يصف الخبراء الاقتصاديون هذه الظاهرة بالفلتان الاقتصادي، وهنا يشير الدكتور إبراهيم العدي إلى أنها لا تقل ضرراً عن الفلتان الأمني، وهي تدل على وجود ما يسمّى أثرياء الأزمة الذين أصبحت متطلباتهم أكبر بكثير مما يجب أن تحمله أسواق الأزمات، وهذه الفئة سبّبت وجود هذا النوع من السلع التي لا يستطيع معظم المواطنين حتى النظر إليها، ويضيف عدي: هذه الظاهرة تدلّ على خلل واضح في المستوردات، وتلعب دوراً سلبياً في تنشيط التهريب وفتح الأسواق أمامه، كما تشير هذه الظاهرة إلى ترهل حقيقي لأداء مؤسساتنا في حماية المستهلك من السلع غير المعروفة المصدر، وكل ذلك سيؤدّي حكماً إلى انعكاسات سلبية أهمها انحسار الطبقة المتوسطة التي كانت تعدّ حاملاً اجتماعياً مهماً للتوازن الاقتصادي في السوق.

تسقط نظرية “الزبون ملك” في أسواقنا لأن التاجر لا يقبل التنازل عن سلطته وتمرّده على السلطات الحكومية من جهة وعلى المستهلكين من جهة أخرى، فالنظرية السائدة تقول: (عجبك أهلاً وإن لم يعجبك بالناقص) هي سياسة يتبعها معظم “الدكنجية” في بلادنا الذين يدّعون أنهم تجار، ويرى العدي أنه يتم الانتقام من المستهلك وتحميله العبء الأكبر في حين يترفّع التاجر عن الضغوط الاقتصادية وينأى بنفسه بعيداً عن المسؤولية الاجتماعية ومقاسمة المستهلك والحكومة جزءاً من الأزمة الاقتصادية.
إن حالة الفلتان الاقتصادي هذه تؤدّي إلى عدم الانسجام بين الحالة المعيشية للمواطن وأسعار السلع الموجودة في الأسواق، وإلى تردّي الحالة النفسية لدى المواطن وزيادة الشعور بالإحباط نتيجة عدم الثقة بوجود سلطات حكومية قادرة على ضبط فوضى التهريب، وإيقاف انتشار شبكات مستفيدة من هذا الفلتان، بالإضافة إلى الشعور بهدر أموال الدولة في سلع كمالية موجّهة إلى فئة قليلة جداً في المجتمع، في حين أن الفئة الأكبر تعاني من عدم قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية.

المصدر: صحيفة "البعث"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك