بالأرقام..الحكومة تحرم العاملين من الزيادة..خبراء: ما تقوم به الحكومة لا علاقة له بعقلنة الدعم
الاقتصاد اليوم:
أصدرت الحكومة السورية خلال أسبوع واحد ثلاثة قرارات، سببت الصدمة للمواطن السوري، الذي يعمل طوال يومه من أجل أن يحصل على رغيف الخبز الذي يسد به رمق عائلته، قرارات الحكومة شملت رفع ضريبة الدخل على الراتب المقطوع من 5% إلى 10 %، ورفع سعر ليتر المازوت إلى 135 ليرة، وأسطوانة الغاز المنزلي إلى 1800 ليرة سورية، أما ربطة الخبز فلم تسلم من سلسلة (وباء) رفع الأسعار، فقد رفع سعرها إلى 50 ليرة سورية.
هذه القرارات التي اعتمدت على رفع الأسعار، سبقها قرار بموجبه ومنح العاملون في الدولة زيادة على الراتب تبلغ 2500 ليرة سورية، ولكن ما الذي تبقى من هذه الزيادة بعد كل هذه القرارات؟.
لنفرض جدلاً أن مواطناً يبلغ سقف راتبه 20 ألف ليرة سورية، فإنه كان يدفع ضريبة 1000 ليرة سورية، وبعد زيادة نسبة الضريبة، فإنه يدفع 2000 ليرة سورية، وهذا ما وصفه أحد الموظفين بأن (أول ألف ليرة أعادتها الحكومة إلى خزينتها بعد مرسوم زيادة الرواتب).
وفيما يخص سعر أسطوانة الغاز وتأثر المنحة بها، فإن سعرها الجديد أصبح 1800 ليرة، مضافاً إليها 100 ليرة للبائع، وبذلك يبلغ سعر أسطوانة الغاز 1900 ليرة سورية، وبالتالي يبلغ عائد الدولة من رفع أسطوانة الغاز 300 ليرة بعيداً عن 100 ليرة للبائع، وجاء قرار رفع أسطوانة الغاز مع بداية فصل الشتاء، لأن المواطنين في الغالب يستخدمونها بالتدفئة، وبالتالي فإن المواطن يحتاج أسطوانتي غاز شهرياً على أقل تقدير.
أما المازوت الذي وصل سعر الليتر منه إلى 135 ليرة سورية، في حال اشترى المواطن 200 ليتر مازوت للتدفئة، فإنه سيدفع زيادة عن السابق مبلغ 1000 ليرة سورية، وبذلك يخصم من زيادة الرواتب 1000 ليرة سورية أخرى، وهذه الفرضية في حال اشترى المواطن المازوت من المنافذ الحكومية، أما إذا اشتراه من السوق السوداء فالسعر سيكون أكبر من ذلك.
وبالمحصلة وبعد الحساب فإن 1000 ليرة سورية زيادة عن ضريبة الراتب، و300 ليرة سورية زيادة على أسطوانة الغاز، و1000 ليرة ل 200 ليتر مازوت، ستكون النتيجة 2300 ليرة سورية، تطرح من مبلغ 2500 ليرة سورية، وهو المبلغ الذي مُنح للموظفين زيادة على الرواتب، سيتبقى من الزيادة 200 ليرة سورية فقط، يدفع المواطن أضعافها على زيادة تعرفة المواصلات القادمة، والأسعار التي ستتضاعف نتيجة رفع سعر المازوت.
وخلال استطلاع آراء المواطنين حول القرارات الأخيرة، أكد إبراهيم (موظف): (قرارات رفع الأسعار جاءت في وقت غير مناسب نهائياً، فالأوضاع اليوم صعبة، والمعيشة غالية، عدا غلاء إيجار المنازل، مشيراً إلى أن (القرارات لا تشمل فقط المازوت، والغاز، لأن رفع سعر المازوت والغاز ينعكس تلقائياً ويؤثر سلبياً على أسعار المواد الغذائية والمواصلات).
وتابع إبراهيم قوله: (منحنا زيادة على الراتب، ولكن تبعها قرار برفع ضريبة الدخل، وبعد ذلك رفع أسعار المواد الأساسية، وكأن بين المنحة وزيادة الأسعار رابط، فعوضاً عن تمتعنا ب2500 وتخفيف جزء بسيط من الأعباء، جاءت الحكومة تزيد علينا ما كنا نتمنى تخفيفه).
وقال محمد (تاجر): (كنا نتمنى لو أن الحكومة خفضت أسعار هذه المواد بدلاً من رفعها، لأن رفع هذه المواد يشمل رفع أسعار المواد الغذائية والمواصلات)، مضيفاً (اليوم ندعو الله أن يكون الكلام عن رفع سعر ربطة الخبز إشاعة، لأننا لم نعد نحتمل أكثر من ذلك)، وللأسف رفعت الحكومة سعر الخبز بعد قراراتها الأولى بأيام.
أما جاد، (بائع في محل تجاري)، فقال: (لم نعد نتأثر بهذا النوع من القرارات، لأننا تعودنا ولم نعد نكترث، فحياتنا اليوم أصبحت رهينة بيد الغرب، فهم يقدمون مغريات كثيرة من أجل استقطاب الشباب السوري، واستغلاله بما يخدم مصالحهم، ولكن عوضاً عن أن تسعى الحكومة للحد من الهجرة، فهي تتخذ قرارات تدفع الشاب نحو الهجرة إلى بلاد الغرب، الذين هم بالأساس السبب في ما نتعرض له اليوم).
(خايف أقول اللي بقلبي تتقل وتعاند ويّاي)، كلمات نطقها محمد، (وهو طبيب) مكتفياً بها للتعبير عن مدى خيبته من قرارات الحكومة، رافضاً التعليق عن ما يجري بأكثر من ذلك).
وقد نفى معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لشؤون المؤسسات، عماد الأصيل توقيع قرار يقضي برفع سعر ربطة الخبز إلى 50 ليرة)، قبل يم من البدء بتطبيق القرار مؤكداً في الوقت ذاته وجود دراسة قابلة للتطبيق القريب، في حين اعتبر الخبير الاقتصادي عابد فضلية أن ما تقوم به الحكومة لا علاقة له بعقلنة الدعم، بل هو تخفيف الضغط على الخزينة العامة للدولة، بتقليص الدعم الحكومي، ويؤدي ذلك إلى إرهاق للمواطن وتقليص قدرته الشرائية بالمجمل.
وقال الأصيل، لإحدى الإذاعات العاملة في دمشق، إنه (لم تنقص المواد المدعومة، لكن أصبح هناك فارق سعري كبير، فبعد أن كان المازوت يكلف 54 ليرة ويباع ب 7 ليرات، أصبح اليوم يكلف أكثر من 340 ليرة لليتر الواحد، أما بالنسبة للطحين فكنا نشتريه ب31 ليرة، وأصبحنا نشتريه ب 117 ليرة للكيلو، وبالتالي هذا يؤدي لتشوهات سعرية أثناء حساب المواد المدعومة).
وفيما يخص صدور قرار يقضي برفع سعر ربطة الخبز، أوضح الأصيل (هناك عدة دراسات حول سعر الخبز، تضم مقارنة تكاليف بين القطاعين العام والخاص، لكن لم يصدر أي قرار بذلك، وأي قرار يُوقّع يكون ساري المفعول من تاريخ صدوره)، معتبراً (رفع السعر مع توفر المادة بجودة معقولة، هو أمر أفضل من فقدانها، وهو مبدأ أساسي في سياسية التسعير، فالوزير يعمل على توفير المادة بسعر مناسب للبائع والشاري وبطريقة سليمة، بحيث يضمن عدم نزيف الخزينة من ناحية وسعراً مناسباً للمستهلك).
وللحديث اقتصادياً عن معنى العنوان الذي تبنته الحكومة بالتسعير (عقلنة الدعم)، قال الخبير الاقتصادي عابد فضلية إن (عقلنة الدعم لا تعني رفع الأسعار بل تثبيتها، فقد فكرت الحكومة منذ سنوات بكيفية إيصال الدعم لمستحقيه الحقيقيين، أما ما يجري حالياً بقرارات رفع الأسعار فهي عبارة عن إجراءات معينة تتخذها الحكومة لتقليل الضغط على الموازنة العامة، من خلال تخفيض المبالغ الموجهة لدعم المواد).
وأكد فضلية، أن مثل هذه السياسة ليست لصالح المواطن، بل لصالح الخزينة العامة للدولة، فدائماً رفع الأسعار ليس من صالح المواطن ذي الدخل المحدود، وكل زيادة سعر يقابلها تقليل القوة الشرائية وتقليص المنفق من قبل العائلة، وينعكس سلبياً على إمكانية الإنفاق وحجمه).
وعن قرار رفع سعر المازوت، وصف فضلية توقيت القرار (بالمناسب لصالح الجهات المالية، فالطلب لن ينخفض حتى لو ارتفع السعر، لأنه جاء بعد الزيادة البسيطة في الرواتب ومع بداية فصل الشتاء، الذي يضطر فيه المواطن لشراء المادة مهما كان سعرها، علماً أن المشكلة ليست في رفع سعر المازوت بحد ذاته لأنه ليس سلعة استهلاك نهائي، بل لأنه مرتبط بباقي الأنشطة الخدمات والسلع التي ترتفع اضطرادياً مع رفع المازوت).
أحمد اسماعيل
المصدر: صحيفة "النور" المحلية
تعليقات الزوار
|
|