الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

بالأرقام: الحليب والفوط تستنزف 45 بالمئة من راتب الموظف

الاقتصاد اليوم:

من السلع التي طالها ارتفاع الأسعار غير المنطقي مستلزمات الأطفال من حليب وفوط وألبسة وغيرها، فبات المستهلك الذي لديه أطفال لا يعلم كيف يلبي احتياجات أطفاله، ففي كل يوم سعر جديد وفي كل يوم ضعف في القدرة الشرائية، حتى بات يبحث عن البدائل الأقل سعرا لدرجة أنه عاد إلى زمن الأجداد مثل استخدام الفوط القماشية عوضا عن الفوط الجاهزة، التي بلغت أسعارها العنان وقفزت في اليوم الواحد أكثر من 100 ليرة بالنسبة للفوط الدوغما أي التي تباع فرطاً، والتي لا تكون معبأة ومغلفة، أما الفوط المغلفة فقد بلغ سعر القطعة الواحدة “الفوطة” أكثر من 45 ليرة، حيث بلغ سعر الكيس المغلف لأحد أنواع الفوط المغلفة 1200 ليرة ويحتوي على 26 فوطة فقط، وبالتالي أخذ المستهلك يحسب ويطرح ويجمع لكي يحصل على النوع الذي لا يكبده خسائر كبيرة، أما الحليب فحدث ولا حرج حيث أخذت أسعاره ترتفع بشكل مخيف فكيس الحليب النيدو حاليا يباع 2425 ليرة سعة 900 غرام..وعلبة الحليب للأطفال الذي لم يبلغوا 6 أشهر لا تقل عن ألفي ليرة وذلك حسب نوعها.

ولمعرفة التكلفة التقديرية التي ينفقها رب الأسرة على طفل رضيع واحد شهريا، فإننا نحتاج إلى معرفة الحد الأدنى للأجور لدى العاملين في القطاع العام، حيث ارتفع الحد الأدنى للأجور من 13670 ل.س في بداية الماضي، إلى 20170 ل.س مع زيادة التعويض المعيشي 4000 ل.س، ثم 2500 ل.س، رغم أن 4000 ل.س لا تعتبر من أصل الأجر ولم تشمل العاملين في الدولة جميعهم مثل الموسمين والمؤقتين وبعض العقود السنوية، ولا تشمل عمال القطاع الخاص بطبيعة الحال.

ولنقل كأفضل حال أن الأجر الوسطي للعامل في القطاع العام والخاص 25  ألف ليرة سورية شهريا، فما هي التكلفة التي يضعها رب الأسرة على طفل رضيع واحد شهريا؟

 8 آلاف ليرة شهرياً للحليب

لنبدأ بحليب الأطفال الذي يعتبر الطامة الكبرى في سعره، حيث كما ذكرنا لا تقل سعر علبة الحليب للأطفال الذين هم دون 6 أشهر، من الماركات المختلفة دون ذكر اسمائها عن ألفي ليرة، وبطبيعة الحال فإن الطفل يحتاج كأقل تقدير إلى 4 علب أسبوعيا ، كون العلبة صغيرة الحجم، وهنا نصل إلى أن التكلفة الشهرية لتوفير الحليب لطفل رضيع لا تقل عن 8 آلاف ليرة شهريا، أي أن حليب الأطفال أستهلك ثلثي راتب الموظف فقط!!.

في حال كان الطفل عمره أكثر من 6 أشهر كما هو معروف فإنه بإمكانه أن يتناول أصناف أخرى من الحليب تعتبر أقل تكلفة من غيرها، ولنقل حليب النيدو المعروف الذي يصل سعر 900 غرام منه إلى 2425 ليرة، و400 غرام بلغ سعره 1200 ليرة، وحليبنا وجيلنا بلغ سعر 400 غرام نحو 800 ليرة حاليا، وبالطبع الأسرة تحتاج وسطيا إلى 3 أكياس من الحليب شهريا وزن 900 غرام ولنقل أنها ستستخدم الأرخص أي تحتاج إلى 4800 ليرة شهريا للحليب فقط.

فوط بـ 4 آلاف ليرة شهرياً

ولنأتي إلى المصروف الأخر ألا وهو الفوط، فسعر كيس الفوط المغلف ومن ماركات معروفة يصل إلى أكثر من 1500 ليرة لعدد لا يتجاوز 12 فوطة..طبعا المستهلك من ذوي الدخل المحدود لن يلجأ إلى هذا النوع بل إلى نوع أقل صدمة عليه، ولنقل النوع الوسط سعره حاليا في السوق هو 975 ليرة ويحوي كما ذكرنا على 28 فوطة لقياس حديث الولادة و26 فوطة لقياس الوسط، ولنأخذ قياس الوسط الأكثر استهلاكا، فإن سعر الفوطة الواحدة يتجاوز 35 ليرة، ويحتاج الطفل يوميا ما لا يقل عن 3 فوط أي أكثر من 100 ليرة على الفوط استهلاك يومي، ويحتاج الطفل إلى 4 أكياس شهريا وسعرها يصل إلى 3900 ليرة.

أما النوع الثاني وهو شراء فوط الدوغما “الفرط”، ويصل سعر الكيلو إلى نحو 1300 ليرة ويحوي نحو 40 فوطة يقل عددها كلما زاد عمر الطفل كون القياس يصبح أكبر والوزن أكثر، وهو يحتاج إلى 3 كيلو بالطبع كون بعضها يأتي غير صالح للاستخدام، ويصل سعر 3 أكياس فوط دوغما إلى نحو 3900 ليرة ايضا، أي نفس تكلفة الفوط المغلفة.

45% من الراتب للفوط والحليب

وبحسبة بسيطة نستطيع القول بأن تكلفة حليب الأطفال مع الفوط لطفل عمره أقل من 6 أشهر تصل إلى 11900 ألف ليرة، أي لم يبقى من راتب الموظف سوى 13 ليرة فقط!!..أي أن الفوط والحليب استهلكت أكثر من 45% من دخل الموظف الذي راتبه 25 ألف ليرة شهريا..وأما تكلفة الطفل الذي عمره فاق 6 أشهر وأخذ بشرب حليب من أنواع أرخص فتصل إلى 8700 ليرة شهريا، أي نحو ثلث راتب الموظف الذي دخله 25 ألف ليرة، هذا بالطبع لمن لديه طفل واحد فكيف لمن لديه طفلان..!.

وهنا لا بد من أن نعرج ولو سريعا على الألبسة الخاصة بالأطفال والتي شهدت هي أيضاً جنوناً بالأسعار حتى بات سعرها يقفز يومياً بما لا يقل عن 100 ليرة وأصبحت أي قطعة من الألبسة الخاصة بالأطفال لا يقل سعرها عن 2000 ليرة من “أفارول أو بربتوز أو البيجاما” وغيرها، هذا بالإضافة إلى الأحذية حيث بات سعر الحذاء الواحد 800 ليرة ولطفل لا يتجاوز عمره العامين، وحدثَنا الكثير من التجار أن سبب ذلك يعود إلى قلة الإنتاج وانخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار وارتفاع أسعار المواد الأولية بشكل عام وصعوبة النقل وارتفاع أجوره، وبالطبع نحن الآن على أبواب موسم رمضان ويخشى المستهلك أن ترتفع الأسعار أكثر فأكثر دون حسيب أو ضمير أو رقيب.

ولا بد التنويه إلى أن هناك الكثير من الحاجيات الأساسية التي لم يتم ذكرها مثل كشفية الطبيب أو الأدوية والمراهم الخاصة.

“الله يكون بعون رب الأسرة”

تعليقا على ما سبق أوضح أمين سر جمعية حماية المستهلك الدكتور جمال السطل أن الأسرة التي لديها أطفال رضع تعاني الأمرين من ارتفاع أسعار مستلزمات الأطفال وخاصة الفوط والحليب، مشيرا إلى أن رب الأسرة يعاني بشكل كبير، “والله يكون بعونه”.

ونوه إلى أسعار الحليب التي يستخدمها الطفل دون عمر 6 أشهر يتم تسعيرها عبر وزارة الصحة، اما بقية أنواع الحليب من نيدو وما شابه فإن أسعارها تخضع لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مع الإشارة إلى أن كل أنواع حليب الأطفال في أسواقنا المحلية مستوردة وأسعارها طبعا تتعرض لتذبذب سعر الصرف.

ونوه إلى أنه يجب أن يكون هناك آلية معينة لدعم أرباب الأسر الذين لديهم أطفال رضع، مثل توزيع مستلزمات الأطفال عليهم بأسعار مدعومة وبشكل شهري عبر قسائم أو بونات أو البطاقة العائلية، مشيرا إلى أن هذا الاقتراح لن يلقى أي تجاوب حيث اقترحت جمعية حماية المستهلك سابقا بأن يتم توزيع سلة غذائية مدعومة من قبل الحكومة على ذوي الدخل المحدود ولكن لم نلقى أي إجابة عليه حتى هذه اللحظة.

 أين الدور الاجتماعي للحكومة؟

أبو خالد موظف قال: “يستهلك طفلي الصغير ذو العام والنصف شهرياً حوالي علبتي حليب إلى ثلاثة علب، ومثلها من الحفاضات وغيرها من سلع يحتاجها الطفل في هذا السن، فماذا سيسد راتبي البالغ 27 ألفاً من مستلزمات أسرتي إن كان الطفل وحده يحتاج راتباً خاصاً لتأمين حاجاته، في ظل ارتفاع الأسعار المخيف في الأسواق المحلية”.

وأضاف: “الحكومة دائماً تدرس رفع الأسعار وتصدر قرارات مفاجئة للجيوب، في حين لا نجد أي دراسة أو تحرك فعلي لرفع الرواتب أو حتى تعويض الموظف عن ارتفاع الأسعار في الأسواق، لذا يفترض بالحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في هذا الجانب، كما يجب عليها العمل على تأمين مستلزمات الأطفال بأسعار مقبولة وخاصة الحليب والفوط، ووضع حد للاحتكار والاستغلال الذي يقوم به الكثير من التجار”.

وقال أيضا: “صحيح أن الحليب والفوط يتم تسعيرها من قبل وزارة التجارة الداخلية، ولكن في حقيقة الأمر لا يلتزم أحد من الباعة بنشرة الأسعار الصادرة عن الوزارة، ويتم البيع بشكل كيفي، والحجة موجودة دائماً للتاجر وهي ارتفاع سعر صرف الدولار، فهل يعقل أن يرتفع سعر كيلو الفوط الفرط أكثر من 100 ليرة في يوم واحد ليصبح بـ 1300 ليرة بعد أن كان بـ1200 ليرة، لماذا؟.. وهل حقاً الدولار هو الذي رفع هذه الأسعار لدرجة الجنون؟.. في حقيقة الأمر المستهلك وقدرته المادية غير قادرة على مجاراة هذه الأسعار ويجب إيجاد حل لهذه الأسعار المخيفة”.

المستهلك ياسر قال: “تواصل أسعار السلع ارتفاعها، وأنا عاطل عن العمل ولا أجد ما يسدّ رمق أسرتي، وحاولت كثيرا البحث عن العمل ولكن لم أجد، وكنت أعمل في مشغل للخياطة ولكنه أغلق نتيجة وجوده في منطقة ساخنة بريف دمشق، وحالياً أخذت أعمل في مجال البناء، ولكن أجري لا يتجاوز 600 ليرة يومياً وهو عمل شاق وخطر، ولكن الحاجة تدفعني لأعمل من أجل تلبية احتياجات أسرتي فلدي طفلان وهما بحاجة في كل يوم إلى متطلبات ضرورية من حليب وفوط وهاتان السلعتان شهدتا ارتفاعا غير مسبوق، وأنا أسأل أين هو دور الحكومة الاجتماعي، هل تناسته؟.. وماذا عن المواطنين الذين فقدوا عملهم؟.. وماذا عن قرارات رفع الأسعار المتتالية مثل الغاز والمازوت والبنزين وغيرها، وأين هو الفريق الاقتصادي؟.. ولماذا لم يتم وضع خطة لإسعاف المستهلك والعاطل عن العمل؟”.

يشار إلى أن المدير السابق المكتب المركزي للإحصاء شفيق عربش أوضح في إحدى تصريحاته مؤخرا، أن مسح دخل ونفقات الأسرة الذي قام به المكتب المركزي للإحصاء في 2009 وصوبناه وفق معدل التضخم ورأينا متوسط الأجور في 2009 وأردنا أن نصوب وفق معدل التضخم الحالي، فسنجد أن الحد الأدنى للأجور يجب أن يكون 70 ألف ليرة سورية.

المصدر: موقع "سينسيريا"

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك