برج دمشق..(ناطحة سحاب) في الإهمال وتردي الخدمات!
الاقتصاد اليوم:
4800 عامل و100 ألف مراجع يومياً
من منّا لا يعرف برج دمشق، البناء الشاهق الذي ينتصب وسط العاصمة.
لا بل من منّا لم يزره لشراء سلعة أو إصلاح جهاز.
فما إن يفتح المبنى أبوابه صباحاً، حتى يبدأ مئات المواطنين من مختلف المناطق بالتوافد عليه لتأمين احتياجاتهم، ولاسيما من الأجهزة الخلوية ومستلزماتها، والتي تحول المبنى إلى سوق ضخمة لبيع الأجهزة وإكسسوارتها وقطع تبديلها وإصلاحها، لكن للبرج قصة أخرى هذه الأيام.
برج دمشق، الذي يتوضع في حي البحصة، ضاقت به المنطقة ذرعاً بسبب الازدحام الشديد، فالبناء الذي يتكون من 24 طابقاً ويضم قرابة 600 مكتب أنشئ منذ نحو25 عاماً، ليكون مجمعاً للمكاتب الخاصة والعيادات وغيرها ناهيك عن المكاتب التي لا تعرف "لها أصلاً من فصل" وماذا تعمل ومن يديرها؟ وينطبق عليها المثل الشائع "شغلة يلي مالو شغلة" إلّا أن الظروف التي تعيشها البلاد والأحداث الأمنية التي عصفت بهذه المحافظة أو تلك دفعت بالكثير من أصحاب المحال الخلوية وبسطاتهم في سوق "الحرامية" وغيره البحث عن أماكن بديلة.. فكان برج دمشق الأفضل والأنسب وطالما أنت تدفع "بالتي هي أحسن" لك ما تريد وترغب.
بناء البرج اليوم يأكله الإهمال من الخارج، وداخله مثل خارجه، يوحي بالكآبة على عكس ما رسم له فعندما تم افتتاحه كان منظره العام يوحي بأن قادم الأيام أفضل، ولكن وكما يقولون "الماء كذب الغطّاس" فالانتقادات التي وجهت أثناء بنائه آنذاك تكاثرت مع مرور السنوات وبدأت تنكشف بعض الحقائق وهاهي تطفو كقشة على سطح الماء.
• فوضى وسوء خدمات
قضينا يوماً داخل أروقة برج دمشق، شاهدت عن كثب بعض الحقائق التي يمكن التوقف عندها، واستمعت إلى القائمين والقاطنين الذين كانت بالنسبة لهم الأمل في إيصال صوتهم، فلم يتوان محمد شيخ موسى المدير الإداري في شركة "كحالة" للمقاولات الهندسية عن البوح بما يعانيه أصحاب الشركات، حيث كشف لــ"الأيام" أن جملة من المناشدات تقدمت بها الشركات والمكاتب القاطنة في المبنى إلى اللجنة المشرفة على البرج، فقد بينت أن المصاعد المخصصة للأشخاص أصبحت مخصصة لنقل الطرود والبضائع وصناديق مواد للتخزين وبشكل مكثف ومتزايد خلال ساعات النهار ما يشكل عائقاً للمراجعين والعاملين في البرج.
وأكد أصحاب المكاتب في المعروض المقدم أن البناء مخصص للمكاتب التجارية والهندسية والقانونية ما يتسبب بفترات انتظار طويلة وازدحام الأشخاص شاغلي البناء الذين ينوفون على 400 مكتب بانتظار المصاعد في ظل فترات التقنين وتوقف مولدة الكهرباء، علاوة على خطورة التخزين في المكاتب والبناء غير المخصص أصلاً لمستودعات المواد الخطرة والقابلة للاشتعال، فضلاً عن عدم وجود مخارج للنجاة من الحريق أو أدراج للطوارئ، يشار إلى أنه سبق أن حصل في العام الماضي أكثر من حريق كشف العيوب الموجودة في بناء معماري كبير كهذا.
وطالبوا بإلغاء ظاهرة إدخال البضائع خلال الفترة الصباحية وعند الظهيرة، حيث يشهد البرج ازدحاماً كثيفاً وتحديد فترة معينة يتم فيها إدخال ونقل البضائع ليصار إلى مراقبتها وفحصها أمنياً ومنع تحويل المكاتب إلى مستودعات لما لهذه الظاهرة من تداعيات سلبية على المبنى ومكانته.
فيما أكد بلال بدر صاحب شركة تجارية أن عدداً من الشركات الكبيرة أغلقت مكاتبها وغادرت البرج بسبب سوء الخدمات المقدمة، وخاصة بعدما تحول إلى سوق متخصص بــ"الموبايلات" أما المصاعد التي تحولت إلى مقالب قمامة، قد مضى على استخدامها أكثر من 25 عاماً فإن عمرها الزمني قد انتهى، فالمحركات الحالية تستهلك أضعاف ما تستهلكه المحركات الحديثة.
فيما يتسأل شيخ موسى إذا كان صرح تجاري كهذا يدر أموالاً ضخمة في السوق المحلية وينعش الخزينة العامة من خلال الضرائب المالية المفروضة، حيث يدفع المحل الواحد ما يقرب من 200 ألف ليرة سنوياً، وإن أحد محاله قدر ثمنه بـــ250 مليون ليرة، ألّا يجدر بالقائمين عليه تنظيم كراج لاستيعاب سيارات قاطني البرج أو استثمار كراج مجمع "يلبغا" لمصلحة برج دمشق، فالأمر لايتطلب الكثير سوى توفير الإنارة اللازمة وبوابة خاصة، ما يوفر مردوداً مادياً كبيراً للإدارة المحلية، حيث يتوقع أن يستوعب الكراج حوالي 300 سيارة موزعة على 3 طوابق تحت الأرض.
لا سلطة للجنة البناء
في حين أن محمد أمير وبسام أبو جاد من شركة "it" المتخصصة بالاتصالات لم يقللا من الدور المنوط باللجنة التي تشرف على البرج، فالأعمال الملقاة على عاتقها كبيرة وفي نفس الوقت إمكاناتها متواضعة ولا سلطة في يدها، مؤكدين ضرورة تشكيل مؤسسة لإدارة شؤون البرج.
وقالا: نسبة الأشغال فيه تؤهله لأن يكون مؤسسة، حيث يصل عدد العاملين فيه إلى نحو 4800 عامل، وقدرا عدد المراجعين بنحو100 ألف مواطن يومياً.
فيما طالب منذر مبيض صاحب محل صيانة بتوفير الخدمات اللازمة مقابل ما يدفع من رسوم ومنح استثناءات للمحال في الطوابق المرتفعة لاستقطاب المواطنين.
من جهته محسن داوود أمين سر لجنة برج دمشق، أكد أن مطالب القاطنين محقة، ألّا أن الواقع الذي نعيشه اليوم يفرض علينا بقوة.
وقال في معرض رده على ما طرحه القاطنون حول تدني الخدمات في مبنى البرج والحالة التي وصل إليها بسبب الإهمال الحاصل: توفير الكهرباء بالشكل المناسب سوف يحل 75 % من المشكلات التي يعاني منها برج دمشق، فالمولدة التي يتم الاستفادة منها خلال انقطاع التيار الكهربائي لا تفي بالغرض إذ تحتاج في الساعة الواحدة إلى 25 ليتر مازوت، ونظراً لصعوبة توفير المادة التي يتم تأمينها عن طريق محافظة دمشق لهذا عملنا على تشغيل المولدة ساعة بساعة أي إننا طبقنا التقنين على المولدة أيضاً التي تحتاج شهرياً مازوتاً بقيمة مليون ليرة.. وفيما يخص المصاعد الــ6 التي تعمل على تخديم 24 طابقاً ويدفع لصيانتها سنوياً ما يقرب من 3 ملايين ليرة، أكد أنها تحتاج إلى تحديث وأن تكلفتها التقديرية تصل إلى ما 300– 400 مليون ليرة، وأن جميع المصارف اعتذرت عن تقديم القرض اللازم لاستبدالها بمصاعد حديثة، مع الإشارة إلى أن مكاتب ومحال البرج بحوزتها سندات تمليك رسمية.
وقال داوود: اللجنة تتقاضى اشتراكاً سنوياً من كل مكتب أو محل 12 ألف ليرة لقاء خدمات عامة. منوهاً بأن 22 مليون ليرة دفعت كأجرة سنوية لأحد المحال التجارية في البرج، وأن أجرة محل متواضع تصل سنوياً ما يقارب الــ3 ملايين ليرة، وأن معظم العقود المبرمة لمدة خمسة سنوات تدفع مبالغها مباشرة وهذا مؤشر اقتصادي مهم يتمتع به برج دمشق الذي نتمنى أن ينال العناية والرعاية من الحكومة لما يشكله من دعامة اقتصادية تساهم في رفد الاقتصاد الوطني.
صحيفة الأيام السورية
تعليقات الزوار
|
|