تجار دمشق وممثلو المركزي وجهاً لوجه..لماذا تم زج شركات الصرافة في العمل التجاري؟
الاقتصاد اليوم:
لم يكن أمام تجار دمشق في بداية لقاء ندوة الأربعاء التجارية حول تمويل المستوردات سوى الإنصات لممثلي "مصرف سورية المركزي" "الشابان" علّ حسن استماعهم يعوضهم "خيراً"، فسياسة تمويل المستوردات لطالما لقت اعتراض أهل الكار لكن باعتبار "العين بصيرة واليد قصيرة" اضطر الحاضرون بكل نفس رضية الاستماع إلى الضيفين شادي جوهرة مدير مديرية العمليات المصرفية في "المصرف المركزي"، و"منذر زيدا"ن معاون مدير العلاقات الخارجية في المصرف، اللذين غرقا في بداية اللقاء بالحديث تاريخياً عن سياسة المركزي في تمويل المستوردات والقرارات الناظمة لها وأهميتها لضبط سعر الصرف ووجهة نظر المركزي في القرارات الناظمة وخاصة القرارات المرتبطة بالقرار 703 الأخير وأهميتها في مراقبة عملية التمويل وضبط آليتها والمحافظة على استمرار تدفق السلع إلى السوق، لكن جعبة التجار المملوءة بالاستفسارات وقريحتهم التي استفاصت بما يجول في أذهانهم كون جيوبهم المتضررة أعادت البوصلة نحو هدف غرفة تجارة دمشق من تنظيم اللقاء عله يخرج في النهاية بما يبهج قلوبهم وجيوبهم بعد حالة تململ بدت جلية على الوجوه لكون أهل الكار حافظين القرارات عن ظهر قلب ولا داعي للتذكير بها.
رئيس "غرفة تجارة دمشق" "غسان القلاع" اضطر بعد دقائق من الاستماع إلى حديث الضيفين إلى الاستئذان بالاستماع إلى التجار واستفساراتهم لمعرفة وجهة نظر المركزي بما سيطرحه التجار ومحاولة إيجاد حلول ترضي الطرفين ليتساءل: طالما المصارف رخّصت في سورية لماذا تقوم شركات الصرافة بمهامها وأخذ دورها، لذا من غير المستغرب مستقبلاً فتح هذه الشركات حسابات جارية كما المصارف طالما أنها تقوم بكل المهام المسندة للأخيرة" ليضيف: نحن في "غرفة تجارة دمشق" طالبنا مرات عديدة وبأساليب متعددة لإيجاد سياسة اقتصادية معلنة مع تحديد قائمة بالمواد التي تمنح إجازات ممولة من "المصرف المركزي"، أما بقية البنود الجمركية يمكن للمستورد تمويلها بطرقه الخاصة".
وأشار القلاع إلى مشكلة الحاويات العالقة في مرفأ اللاذقية، التي حلت تقريباً، لكن هنا لا بد من طرح تساؤل مهم مفاده، كيف يمكن دفع أموال لأجور حاويات أجنبية ولا يوجد الأموال لتمويل المستوردات؟، مؤكداً أن هناك أسئلة محقة من قبل التجار وأخرى غير محقة، وطبعاً سياسة الدولة أو السياسة الاقتصادية لا تقاس على مزاج أشخاص محددين.
ولفت القلاع إلى وجود قسم للدراسات والمجموعات الإحصائية بالغرفة كان مربوط بالمركزي لكن هذا الأمر غير موجود حالياً، حيث كان يعرف كل الأرقام حول حجم التداول والكتلة النقدية واحتياطي القطع الأجبني لكن اليوم لا يعرف أي رقم حول هذه المعلومات المهمة.
هنا لم ينتظر شادي جوهرة مدير مديرية العمليات المصرفية في "المصرف المركزي" الاستماع إلى بقية الاستفسارات ليرد على القلاع بالقول: الأزمة الراهنة فرضت التعامل مع شركات الصرافة، بسبب فرض الدول الغربية والعربية عقوبات اقتصادية على المصارف العامة والمركزي ولاحقاً "بنك سورية الدولي الإسلامي"، حيث اضطرنا إلى البحث عن منافذ عمل أخرى كانت شركات الصرافة أحدها، وهذا ليس عيباً أو بدعة اخترعها المركزي، فهذه الآلية متبعة في جميع الدول التي فرضت عليها عقوبات كإيران مثلاً، بالتالي كان لابد من البحث عن طريقة آمنة لتحويل الأموال واستقبالها.
ومع أن القلاع وافقه على ذلك لكنه فأجأه بالقول: طالما لا يمكن الاستغناء عن شركات الصرافة لابد من القول إن 90% تقريباً من البضائع الواصلة مدفوعة قيمتها سلفاً بوسائل المستورد الخاصة"، ليؤكد جوهرة أن القرارات سمحت للمستورد تمويل مستورداته بوسائله الخاصة لكن المشكلة الكبرى أن المستوردين يلجؤون إلى تحويل أموالهم إلى دولار مباشرة بشكل يؤثر في الليرة السورية، وهذه عقلية التاجر وهذا حقه، ونحن هنا لسنا للمحاسبة وقص الرقاب لكن هذا الإجراء يؤثر في الليرة، فالتاجر إذ ربح عشر ليرات أو مليون ليرة يلجأ في آخر الليل إلى تحويلها إلى الدولار حفاظاً على ماله، وهو ما وافقه عليه منذر زيدان معاون مدير العلاقات الخارجية في المصرف ليؤكد أن حسابات المستوردين في الخارج مفيدة للبلد لكن عند استخدامها بالشكل الصحيح، علماً بأن التمويل المسبق سببه ظروف الأزمة وليس الغاية منه إحراج المستورد وإنما ضمان وصول السلع إلى الأسواق المحلية مقابل القطع الذي حصل عليه المستورد، ليتفق الطرفان على إيجاد آلية معينة تحول دون لجوء التجار إلى هذا الإجراء الذي يؤثر في قيمة الليرة السورية.
لغة التجار الدبلوماسية لم تصمد كثيراً خلال اللقاء، حيث تعرضت إلى عدة هزات كان أولها بعد اتهام مدير مديرية العمليات المصرفية في "المصرف المركزي" بالتقصير في المطالبة بحقوقهم وملاحقتها أسوة "باتحاد المصدرين"، الذي يتابع عمله يومياً ما يضطر المركزي إلى تلبية كل طلباته، وهنا اضطر القلاع للرد عبر الطلب من مدير الدراسات في الغرفة تقديم كل الكتب والمذكرات المرفوعة من الغرفة إلى المركزي، الذي لم يتجاوب معها كما يجب.
الهزة الأخرى كانت حينما حمّل ممثلو المركزي المواقع الإلكترونية المسؤولية المباشرة حول ارتفاع سعر الصرف ليرد بعض التجار على نحو مستفز، هل يعقل ألا تكون التكنولوجيا قد وصلت إلى المركزي؟، لماذا لا تقومون بإحداث موقع إلكتروني يكون مصدراً دقيقاً لحصول قطاع الأعمال على سعر الصرف الحقيقي؟، لذا "أرجوكم حاجة تتمسخروا علينا".
وطالب تجار آخرون في إيجاد حل للتخليص الجمركي الذي يتحمل بسببه التاجر أعباء كبيرة بينما حمل البعض سياسة المركزي المسؤولية المباشرة في ارتفاع سعر الصرف وخاصة عند اعتماد عملية بيع الدولار للمواطن المتمثلة ب10 آلاف دولار، وهنا رأى "منار الجلاد عضو" في "غرفة تجارة دمشق" أن شركات الصرافة مسؤولة عن ارتفاع سعر الصرف كونها تستغل الوضع لتحقيق مصالحها الخاصة بينما يمكن ضخ القطع عبر أقنية سرية أخرى يمكن من خلالها تخفيض سعر الصرف مباشرة وخلال فترة قريبة، فالظرف الحالي يقتضي التفكير بحلول مرنة وليس الالتزام بالتعليمات والأنظمة، وهذا ناجم عن خبرة ودراية أهل الكار في السوق وليس مجرد كلام فقط.
وهنا رفض مدير مديرية العمليات المصرفية في المصرف هذا الأمر بالقول: المركزي لا يمكن اللجوء إلى هذه الأقنية بحيث يغطى جانب على حساب أخر، كما أن مضطر إلى الالتزام بقوانين وأنظمة معينة، نافياً فكرة أن بيع القطع للمواطنين في بداية الأزمة كان سبب في ارتفاع الدولار، فالعملية مركبة ومعقدة ولا تتعلق بإجراء واحد فقط، علماً أن هذا الأمر تم البت فيه عام 2010 واتخذ في بداية 2011 ووقتها لم يتجاوز الدولار 52 ليرة، كما لم يكن بالإمكان التراجع عن القرار لأن الدول المعادية كانت تحاول التصيد في الماء العكر واستغلال أي فرصة للاساءة للاقتصاد الوطني.
المصدر: موقع "تشرين أونلاين"
تعليقات الزوار
|
|