تحرير الاقتصاد السوري من القيود يحتاج إلى ضوابط
الاقتصاد اليوم:
بين نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة عبد الرحمن محمد، أن مبدأ الاعتماد المتزايد على الواردات، قد يجعل الاقتصاد المحلي أكثر عرضة لتقلبات الأسعار العالمية أو اضطرابات سلاسل التوريد، ما يهدد الأمن الغذائي، مع توقعات باعتماد المنتجات المستوردة على دعم حكومي أو تكاليف إنتاج أقل (بسبب التقنيات المتطورة أو العمالة الرخيصة)، وهو ما يجعل المنتجات المحلية أقل قدرة على المنافسة، في حال غياب الحماية أو الدعم لها.
كما أن زيادة المستوردات قد تؤدي إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية، مما قد يسبب ضغطاً على الاحتياطيات النقدية ويؤثر على سعر الصرف.
ويستدرك عبد الرحمن محمد، أن هناك سلبيات وإيجابيات لازدياد الاستيراد، أما عن السلبيات تبرز باحتمالية انخفاض الطلب على المنتجات المحلية، مما يضغط على الشركات والمؤسسات المحلية، ويقلل من إنتاجيتها أو يدفعها للإغلاق، وهو ما يترتب عليه انخفاض الإنتاج المحلي، الذي بدوره قد يؤدي إلى تسريح العمالة في القطاعات الزراعية والصناعات الغذائية، وبالتالي زيادة معدلات البطالة وتقليل الدخل الفردي.
وفي المقابل، يرى نائب عميد كلية الاقتصاد أن لهذا النشاط نوعاً من الإيجابية في بعض الحالات، بحيث يسهم بانخفاض الأسعار للمستهلكين، وتحسين الخيارات المتاحة أمامهم، ما يزيد القوّة الشرائية، مع إمكانية تحسين جودة المنتج المحلي أو خفض تكاليف الإنتاج، ليبقى قادراً على المنافسة.
يخضع السوق في سوريا لمعادلة العرض والطلب، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وضعف القدرة الشرائية يبحث المستهلك السوري عن الأرخص، فضلاً عن أن "الماركات" الأجنبية التي تلفت انتباهه من باب تجربة كل جديد، الأمر الذي يتطلب دراسة احتياجات السوق والعمل على معرقة طبيعة الدول التي ستلبي هذه الاحتياجات.
يعاني قطاع الأعمال السوري بعد عملية التحول الاقتصادي إلى السوق الحرة من تبدل السياسات الاقتصادية، بعد تعرض الكثير من أصحاب رؤوس الأموال إلى حجز أموالهم في المصارف وسياسة حبس السيولة التي شكلت عائقاً لهم في عمليات السحب والتحويل.
وتحتاج السوق السورية اليوم إلى جهود مكثفة من غرف التجارة وجميع الأطراف المعنية الرسمية والمحلية، للعمل على توفير المنتجات وعدم تعرض المواطن إلى الخسارة، والاحتفاظ برؤوس الأموال التي تشكل عملية استثمارها في نشاطات اقتصادية موردا هاما ورئيسا لخزينة الدولة وتنشيط السوق.
كما أن البنية القانونية الاقتصادية وسط التوجه للاقتصاد الحر لا تزال غير فعّالة وتحتاج إصلاحات جذرية، لتحفيز الإنتاج المحلي التنافسي.
ووفقاً لنائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة حماة عبد الرحمن محمد، فإن هناك تحديات تقف أمام سن قوانين تحد من الاستيراد وضبطه لصالح المنتجات المحلية واحتياجات السوق، تتمثل بضعف البنية التحتية وتدهور القطاعين (الصناعي والزراعي)، ونقص الطاقة والوقود.
ويرى الخبير والأكاديمي الاقتصادي، أن قانون إحلال المستوردات لا يزال يواجه الفساد والبيروقراطية، وتعقيد الإجراءات وعدم كفاءة التمويل الحكومي، ما يجعل من المنتجات المحلية أقل جودة وأعلى كلفة من المواد المستوردة.
يقول محمد الحلاق، هو رجل أعمال وعضو سابق في غرفة تجارة دمشق، إن الواقع الحالي للاقتصاد باعتماده على الاستيراد جاء نتيجة للتحول المفاجئ من اقتصاد السوق الموجه الذي كان سائداً في عهد النظام البائد إلى سوق اقتصاد السوق الحر الذي تعمل عليه الحكومة الجديدة، فضلاً عن العقوبات الدولية.
ويضيف الحلاق، أن عملية تحرير الاقتصاد التي تتبناها الحكومة الجديدة هي خطوة مهمة، ولكن تحتاج لضوابط عديدة، لأن الاقتصاد برأيه لا يقوم على التجارة فقط، ويجب منع تأثيرات الاستيراد على السوق المحلية، عبر رسم السياسات الجمركية وتمكين ودعم الصناعات المحلية بحيث تنافس المواد المستوردة.
يوضح عبد الرحمن محمد رؤيته بأنه لا بد من إحداث التوازن بين الاستيراد من تركيا وتنمية الصناعة المحلية في سوريا، من خلال فرض رسوم انتقائية على الواردات التركية، ورفع رسوم السلع التي يمكن إنتاجها محلياً مثل: (المواد الغذائية، والنسيج، ومواد البناء)، بالإضافة إلى تخفيض رسوم المواد الخام والآلات غير المتوفرة محلياً، وتوفير قروض ميسرة وضمانات للصناعيين، ومنح إعفاءات ضريبية مؤقتة للمصانع الناشطة في التصدير، وتشجيع الشراكات الاستثمارية مع تركيا ونقل التكنولوجيا عبر اتفاقيات تعاون مشترك.
وتمثل عملية التعافي المبكر في سوريا أولوية لدى المهتمين بالشأن الاقتصادي، من خلال المطالبات بتحفيز عملية الانتاج والتصدير، بدلاً من التركيز على الاستيراد، وتطوير البنى التحتية اللوجستية (موانئ، وطرق، وتخليص جمركي سريع)، وفتح أسواق جديدة عبر اتفاقيات تجارية مع دول صديقة مثل: (الأردن العراق، ودول الخليج).
المصدر: تلفزيون سوريا
تعليقات الزوار
|
|