تعرفوا على آراء المواطنين في الأداء الحكومي
الاقتصاد اليوم:
لم يكد المواطن - المعتّر- يلتقط فرحته البسيطة بالزيادة الهزيلة على الرواتب منطلقاً من مقولة (بحصة تسند جرّة) حتى فاجأته الحكومة كعادتها بصفعات متعددة أخرسته وكسرت جرّته وأنسته فرحته المؤقتة بالزيادة على الرواتب والبالغة 2500 ليرة سورية والتي لا تقدّم ولا تؤخّر. الحكومة التي لم تكل ولم تمل من زيادة الأسعار قامت برفع سعر لتر المازوت من 130 ل. س إلى 135 ل. س كما رفعت سعر أسطوانة الغاز إلى 1800 ل. س ثم صحت من سكرتها في اليوم الثاني وعدّلت الزيادة إلى 1900 ل. س وفي الوقت نفسه أصدرت قراراً برفع سعر أسطوانة الغاز المعدنية الفارغة ليصبح سعر الأسطوانة 12,5 كغ 4800 ل.س بدلاً من 2200 ليرة وأسطوانة الغاز الفارغة سعة 20 كغ بسعر7250 ل. س بدلاً من 3330 ل. س.
كما قامت برفع ثمن ربطة الخبز بنسبة 75% لتصبح من الأفران بسعر 50 ل. س بدلاً من 35 ل. س ومن البائع بسعر يتراوح بين (60-65) ل. س بدلاً من (45-50) ل. س حسب ضمير البائع، وللأسف أصبحنا نعاني من ظاهرة قلّة الضمائر المخيفة بين عدد من البائعين في ظل انعدام أي دور رقابي من حماية المستهلك او التموين.
حول أثر هذه الزيادات على المواطن كان لجريدة (النور) جولة على عدد من الشرائح الاجتماعية التي أكّدت بمعظمها عدم صوابية القرارات الحكومية، وخاصة تلك التي تزيد من هم المواطن الذي لم يعد يحتمل المزيد:
السيد عامر محفوض (متقاعد) تحدث عن هذه الزيادات قائلاً: في الحقيقة لا يمكن أن تعتمد الحكومة على جيوب الفقراء كي تدعم الخزينة. المواطن الذي بقي صامداً على مدى سنوات الأزمة بات تحت خط الفقر بكثير ولا يمكنه أن يقدّم المزيد، وإذا كنّا على مدى سنوات وسنوات نتحدث عن ثبات سعر ربطة الخبز باعتبارها من الأساسيات التي تعتمد عليها شريحة كبيرة من المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمهدود، فأعتقد أن الحكومة لم تكن عادلة ولا منصفة في هذه الزيادة، ومن المؤكّد أنها زادت من معاناة الفقراء وخاصة في ظل تراجع فرص العمل.
أما السيدة سمر سلمان (ربّة منزل) فتحدثت عن فقدان العدالة في القرارات الحكومية، فمن غير المنطقي أن يدفع الفقير الذي لا يملك أي دخل زيادة على ثمن الخبز أو المازوت أو أي سلعة كما يدفع من يملك الملايين. القرار يجب أن يراعي الشرائح الفقيرة التي لا تملك أي راتب وتعتمد في دخلها اليومي على الأعمال الحرّة، ونحن نعلم أن هذه الشرائح قد تأثّرت بالحرب كثيراً، فمن أين يأتي هؤلاء بمستلزمات عيشهم وهم الذين لا يملكون أي راتب ولا يستفيدون من أي زيادة مهما كانت ضئيلة.
السيدة تاج عبيدو (كاتبة) تحدثت من جرمانا في اتصال معها عن أثر الزيادة على المواطن وخاصة في المناطق الساخنة حيث لا حسيب ولا رقيب، فربطة الخبز تباع بنحو 100 ل. س وبداخلها 7 أرغفة، فالأسرة المكونة من ثلاثة أولاد في المدرسة تحتاج إلى ربطتي خبز يومياً تدفع ثمنهما 200 ل. س إذا لم نقم بحساب ثمن لتر الزيت وكيلو الزعتر على اعتبار كل ولد يحتاج إلى سندويشة زعتر إضافة إلى زيادة سعر أسطوانة الغاز التي تباع في بعض المناطق بحدود 3000 ل. س، ومادام الحديث عن المناطق الساخنة فهل علمت الحكومة أن إيجار الشقة المكونة من غرفة وصالون لا يقل عن 25 ألف ليرة سورية، فكيف سيتدبّر المواطن أمره في ظل زيادات متلاحقة، على الأسعار أقل ما يمكن أن يقال فيها، إنها جاءت في الوقت غير المناسب فضلاً عن أسعار الخضار والفواكه التي أصبح المواطن في كثير من الأحيان يحلم بها ولا يراها إلا على واجهات المحال وفي كل يوم يزداد سعرها، والحجة الدائمة للتجار أن أجور النقل لا ترحم بعد الزيادات المجحفة والظالمة لسعر لتر المازوت.
المهندس محمد محمود تحدث عن هذه الزيادات قائلاً: ما أضحكني هو تبرير المعنيين لهذه الزيادات وقول أكثر من مسؤول فيها بأنها جاءت تلبية لمطالب الشعب وتحقيقاً لطموحاته ولا اعلم عن أي شعب وعن أي مواطنين يتحدث هؤلاء المسؤولون. الزيادات جاءت لتغطي النهب المستمر لمقدرات الدولة، فأساطيل السيارات التي يملكها المسؤولون وكل من يمت لهم بصلة كفيلة بالتهام أي زيادة إضافة إلى الرفاهية الكاملة لهم في المكاتب أو في بيوتهم، فضلاً عن أذونات ومهمات السفر الخلبيّة، وهنا أود أن أسأل المعنيين في الحكومة عما إن كانوا يعلمون ان هناك أكثر من 70 % يركبون وسائل نقل عامة وليس لديهم سيارات، وأن أجور النقل تلتهم جيوبهم ورواتبهم إضافة إلى زيادة قيمة فواتير الكهرباء والماء والهاتف وزيادة أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية بنسبة 500 % أحياناً وانفلات الأسواق من أي رادع أو ضابط سواء من التموين أو حماية المستهلك فكيف سيستمر المواطن الفقير الذي لا دخل له أو الذي هجّر من بيته وخسر كل شيء؟!
السيدة إلهام سلمان (موظفة) ترى انه ليس بالإمكان أكثر مما كان.. الهم أكبر بكثير من المعيشة، فعندما يؤلمك راسك تنسى وجع الأرجل وعندما يغيب الضمير ويموت لم يعد هناك سوى دفن صاحبه...أكيد يؤلم القلب أن ترى رب العائلة ينام وهو لا يتمنى أن يرى الضوء ثانية لأنه يحتاج إلى الكثير ولكن لا يملك من هذا الكثير شيء، وبمعنى آخر لديه إحساس أن كرامته قد أهينت من البيت إلى الشارع إلى كل مكان وهذه الأشياء لا يحس بها المسؤول لأنها لا تشبهه في شيء.
في حين حمّل الأستاذ فؤاد حسن الحكومة مسؤولية ماوصلنا اليه: معظم قرارات الحكومة الحالية قرارات غير مدروسة، فهي تظهرها وكأنها غير مبالية بواقع المجتمع، فإذا كان دخل الفرد أو راتبه نحو 25 ألف ليرة سورية في أحسن الحالات وللموظف أربعة أطفال بالمدرسة فماذا يفعل هذا الدخل؟! في الواقع مصروف الأسرة الواحدة المكونة من أربعة أولاد لا يقل عن 75 ألف ليرة سورية حتى يعيش بمستوى مقبول نوعاً ما. وعندما تقوم الحكومة بزيادة سعر المازوت والغاز والخبر فإنها بذلك توجه ضربة قاصمة إلى الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وأنا على المستوى الشخصي أرى أن هذه الحكومة منذ بداية الأزمة وهي تعاقب المواطن المتمسك بأرضه من خلال رفع أسعار أكثر المواد الأساسية وتجبره على الهجرة وترك وطنه.
في اتصال جريدة (النور) مع الأستاذ عثمان حامد المدير العام للمخابز في سورية للسؤال عن الأسباب الحقيقية لرفع أسعار الخبز، أكد لنا أنه من حق المواطن أن يحصل على رغيف أفضل موضحاً أن رفع الدعم عن مادتي المازوت والخميرة هو السبب في هذه الزيادة، إذ بات ثمن لتر المازوت بنحو 135 ل. س بدلاً من7 ليرات سورية، وبالنسبة للخميرة كان الكيلو غرام الواحد منها (خميرة جافة) بنحو 52 ل. س، وحالياً أصبح سعر الكيلو غرام من هذا النوع نحو 712 ل. س الدولة لم تستفد أي شيء من زيادة سعر الربطة ولكن زيادة السعر للمازوت والخميرة كما قلنا (تدوير الدعم) حتّمت علينا زيادة سعر ربطة الخبز إلى هذا الحد، ونحن الآن بصدد العمل على تحسين واقع الرغيف بشكل منافس للأفران الخاصة.
صلاح علي (مدير فرع المخابز بطرطوس) تحدث عن الأثر الإيجابي لزيادة ثمن ربطة الخبز: أعتقد أن الزيادة جاءت في وقتها، فمن غير المعقول أن يكون ثمن ربطة الخبز متدنياً بحيث يمكن استخدامه علفاً للطيور والحيوانات أحياناً. الزيادة حققت وفراً في إنتاج الخبز وكانت إيجابية، فالمواطن بعد هذه الزيادة لن يكون باستطاعته هدر هذه المادة. وعند سؤالنا للأستاذ صلاح عن رداءة الرغيف التي تجبر المواطن على الهدر واستخدام الرغيف علفاً للطيور برّر ذلك بأن رداءة الطحين كانت السبب في كثير من الأحيان وأن الرغيف سيتحسّن خاصة بعد أن عدّلت نسبة استخراج الطحين من 95% إلى 90 %. وفي ردّه على سؤالنا حول جودة الرغيف في الأفران الخاصة قال بأنه سيعمل على أن يصبح الرغيف في المخابز العامة منافساً للأفران الخاصة.
الأستاذ عاطف أحمد (مدير التجارة الداخلية بطرطوس) تحدث عن الأثر الايجابي أيضاً لزيادة ثمن ربطة الخبز قائلاً: كثيراً ما كنت أرى كميات من الخبز في حاويات القمامة وكنت أحزن لهذا المنظر، فبهذه الزيادة سيحافظ المواطن على رغيف الخبز وسيمتنع عن إتلافه أو هدره أو استخدامه علفاً للطيور أو الحيوانات. أتمنى أن نركّز في الفترة القادمة على إنتاج رغيف خبز جيد جداً للمواطن وبوزن جيد بما يضمن حق الدولة وحق المواطن وأشار الأستاذ عاطف إلى أن الدولة ما زالت تدعم الرغيف، إذ إن تكلفة الكيلو غرام واحد من الطحين تعادل نحو 130 ل. س وعن استفسارنا عن غياب الدوريات التموينية قال بأن الدوريات تقوم بواجبها، وهناك الكثير من المخالفات ولكن على المواطن أن يساعد في كشف أصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون الأزمة فبدون هذا التعاون يبقى العمل ناقصاً، مشدّداً على دور المواطن في تقديم الشكاوي عند إحساسه بالظلم من قبل أي كان.
أخيراً: من خلال ما سبق نجد أن المسؤول مازال يبرّر القرارات التي تصدرها الحكومة والتي يراها المواطن مجحفة بحقه ولا تراعي الدخل الشهري له، فهل ستسعى الحكومة إلى إيجاد طريقة تصدر بها قراراتها وتجعل شريحة كبيرة من المواطنين الفقراء وأصحاب الدخل المحدود مقتنعين بصوابية تلك القرارات ياترى؟!. من جهتي لا أعتقد ذلك!!
المصدر: صحيفة "النور" المحلية
تعليقات الزوار
|
|