تعرفوا على اتجاهات التجارة الخارجية السورية على مدى 25 عاماً
الاقتصاد اليوم ـ خاص:
تعدّ التجارة الدولية مسهماً رئيساً في النمو الاقتصادي والحدّ من الفقر، كما يرتبط الأداء التجاري بمجموعة من عوامل بيئة الأعمال التي ترتبط أيضاً بالنمو، ومن ثم، فإن تقييم الأداء التجاري لبلد ما؛ يقيّم درجة استعداده للنمو .
وبحسب دراسة لمركز دمشق للأبحاث والدراسات "مداد" وحصل عليها موقع "الاقتصاد اليوم"، يرتبط الأداء التجاري بالنمو الاقتصادي بوساطة العلاقة بين الميزان التجاري (يسمى أيضاً صافي الصادرات) والناتج الإجمالي المحلي (Gross Domestic Product)، الذي يقاس النمو الاقتصادي؛ بمعدل تغيره من عام لآخر .
كما أنه كثيراً ما ينظر إلى تكامل البلدان على مستوى الاقتصاد العالمي؛ على أنه عامل محدد، ومهم، للاختلافات في الدخل والنمو بين البلدان، وقد حدّدت النظرية الاقتصادية القنوات المعروفة التي يمكن أن يكون للتجارة تأثير بسببها في النمو، وبشكل أكثر تحديداً، يعتقد أن التجارة تعزّز التخصيص الفعّال للموارد، وتسمح لدولة ما بتحقيق وفورات في الحجم والنطاق، وتسهّل نشر المعرفة، وتعزز التقدم التكنولوجي، وتشجع المنافسة في الأسواق المحلية والدولية التي تؤدي إلى تحسين عمليات الإنتاج وتطوير منتجات جديدة .
إن تأثير السياسة التجارية في الدخل والنمو أمر مثير للجدل، فمن ناحية، يرجح أن يؤدي خفض الحواجز التجارية إلى تعزيز التجارة الدولية عن طريق تقليل تكاليف المعاملات، وهذا بدوره يمكن أن يعزّز معدلات النمو الاقتصادي، وبالمثل، يمكن القول إن البلدان النامية أو اقتصادات الأسواق الناشئة الأكثر انفتاحاً على بقية العالم لديها قدرة أكبر على استيعاب التكنولوجيات المتقدمة في الدول الأكثر تقدماً، ومن ناحية أخرى، قيل إن بعض أشكال الحمائية، مثل حماية صناعة الناشئة، يمكن أن تكون مفيدة للتنمية الاقتصادية .
بناءً على ما سبق، تبرز أهمية تحليل التجارة الخارجية، لإلقاء نظرة دقيقة على أحد مكونات النمو الاقتصادي المهمة في البلد، وتقييم دورها في التنمية الاقتصادية، لمعرفة نقاط الضعف والخلل، والبحث عن الفرص ونقاط القوة، بغية اقتراح نموذج لما يجب أن يكون عليه الحال، قياساً إلى الإمكانيات المتاحة وغير المستغلة، بغية تعزيز النمو الاقتصادي المدعوم بقطاع التجارة الخارجية، ولإتاحة دقة أكبر في تحليل التجارة الخارجية في سورية، تم تحديد مدة زمنية طويلة نسبياً، تمتد على مدى 25 عاماً من العام 1992 حتى العام 2016، بحيث تظهر تأثيرات الصدمات والتقلبات البنيوية في الاقتصاد، بدلاً من التغيرات الموسمية التي تعطي نتائج أقل دقة لدى اختيار مدة زمنية قصيرة.
يمكن تقسيم مسار التجارة الخارجية في سورية إلى أربع مراحل تاريخية، طوال المدة المدروسة (1992-2016)، إذ تبدأ المرحلة الأولى مع بداية النصف الثاني من العام 1991، بعد صدور التعليمات التنفيذية لمرسوم الاستثمار رقم /10/، وتمتد حتى العام 1999، حين تم فسح المجال أمام المزيد من الحرية الاقتصادية قياساً بالوضع السابق، لكنها شهدت عجزاً في الميزان التجاري، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء، وذلك على مدار ثماني سنوات، بوسطي 1.74% من إجمالي الناتج المحلي (بالأسعار الجارية بحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء)، مع تباين في النسبة بين 0.5% و4.26%.
تمتد المرحلة الثانية من العام 2000 حتى 2005، حين تم إصدار مئات المراسيم والقرارات لتطوير بيئة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار، وقد شهد الميزان التجاري السوري فائضاً مهماً، من العام 2000 وحتى 2003، بلغت نسبته بشكل وسطي 3.64% من إجمالي الناتج المحلي، وذلك إثر التوسع في إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وتوسيع مساحة العمل للقطاع الخاص، وتوفير المرونة في التجارة الخارجية، إذ تم «إعفاء الصادرات من الرسوم والضرائب كلّها بموجب المرسوم التشريعي رقم /15/ عام 2001، وفي العام 2003 جرى فك الارتباط بين الاستيراد والتصدير الذي كان لا يسمح بالاستيراد إلا بعد الحصول على القطع الأجنبي المخصص للتصدير، إما من عملية تصدير يقوم بها المستورد شخصياً، أو من تنازل من مصدّر آخر، بحيث أصبح بالإمكان الاستيراد بالاعتماد على الحسابات المصرفية للمستورد» ، لكن الميزان التجاري عانى عجزاً عام 2004 لزيادة معدل نمو الاستيراد عن نمو التصدير، وبدء تراجع الصادرات النفطية.
وتمتد المرحلة الثالثة من العام 2006 حتى 2011، بالترافق مع الخطة الخميسة العاشرة، بعد اعتماد نهج اقتصاد السوق الاجتماعي بعد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث في حزيران 2005، والانخفاض الحاد في صادرات النفط، إذ أقرّت الخطة بما وصفته «هشاشة التوازن» في الميزان التجاري بين 1997 وحتى 2004، مبينة أن ذلك كان «نتيجةً اعتماده على عائدات تصدير النفط الخام بالدرجة الأولى» ، ومن الاختلالات أيضاً «لا تعكس قيمة الصادرات قدرة الجهاز الإنتاجي –إضافةً إلى– خلل في هيكل الصادرات حيث تمثل صادرات النفط وحدها 70% من إجمالي الصادرات، واختلال هيكل المستوردات، حيث تشكل المستوردات من السلع الوسيطة 57% من إجمالي المستوردات بين 1990 و2003» .
وشهدت المرحلة الثالثة عجزاً في الميزان التجاري، بدأ بنسبة 1.52% من إجمالي الناتج المحلي عام 2011، ووصل 14.14% عام 2011، كما تجاوزت نسبته 8% عامي 2009 و2010.
أخيراً، تمتد المرحلة الرابعة من العام 2012 حتى 2016، وهي مرحلة الحرب على سورية، والتي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في العجز التجاري، وصلت إلى نحو 39% من إجمالي الناتج المحلي.
يتضح من بيانات التجارة الخارجية، لكميات الاستيراد والتصدير من العام 1992 وحتى 2016؛ زيادة كميات السلع المصدّرة على المستوردة طيلة المرحلة الأولى (1992-1999)، إلا أن الميزان التجاري كان يشهد عجزاً، بسبب زيادة وسطي سعر الكيلو غرام الواحد من المستوردات، على وسطي سعر الكيلو غرام الواحد من الصادرات، وهذا يحدث نتيجة تخلف وطبيعة الصادرات (نسبة كبيرة للمواد الأولية...)، إذ بلع وسطي هذه المرحلة لسعر كيلو المستوردات 8.83 ليرة سورية، مقابل 1.81 ليرة سورية للصادرات، أي بزيادة نحو 389%
اختلف واقع التجارة الخارجية جذرياً طوال المرحلة الثانية (2000-2005) إثر السياسات الإصلاحية في المجال الاقتصادي، إذ تضاعفت كمية الصادرات، وبلغ الوسطي السنوي لكميات الصادرات خلال هذه المرحلة 11.62 ألف طن، بزيادة بنحو 107% عن الوسطي السنوي للمرحلة الأولى حيث بلغ 5.62 ألف طن، مقابل زيادة أقل بكثير في كميات المستوردات، حيث سجل الوسطي السنوي في المرحلة الثانية نحو 24.21 ألف طن، بزيادة نحو 11.42% عن الوسطي السنوي في المرحلة الأولى حيث بلغ 21.76 ألف طن.
في المقابل، ارتفع وسطي سعر الكيلو المصدّر طيلة المرحلة الثانية، بشكل كبير، إذ بلغ وسطي المرحلة 13.1 ليرة سورية، بزيادة نسبتها 627% مقارنة بوسطي المرحلة الأولى إذ بلغ 1.81 ليرة، إلا أن وسطي سعر الكيلو المستورد ارتفع أيضاً إلى نحو 25.1 ليرة سورية، أي بزيادة نحو 184% عن وسطي الكيلو طوال المرحلة الأولى إذ بلغ 8.83 ليرة سورية، أي أن التحسن الأكبر كان في سعر الصادرات، كنسب مئوية، ولمّا ترافق هذا التحسن مع زيادة ملموسة في كميات السلع المصدرة عن المستوردة طيلة المدّة الواقعة بين 2000-2003؛ شهد الميزان التجاري فائضاً، في حين عاد ليسجل عجزاً حينما اقتربت كمية الصادرات من المستوردات عام 2004، وتعمّق العجز مع زيادة كميات المستوردات عن الصادرات في العام 2005، وهي الحالة التي سوف تنسحب على السنوات القادمة بعد 2006.
يلاحظ في المرحلة الثالثة (2006-2011) انخفاض كبير في الفارق بين وسطي ثمن الكيلو المصدّر والمستورد، إذ زاد وسطي سعر الكيلو المستورد بنحو 2.5%، عن المصدر، مقارنة بنحو 91% طيلة المرحلة الثانية، حيث بلغ وسطي كيلو الصادرات 31.3 ليرة سورية في المرحلة الثالثة، بزيادة 139% عن وسطي المرحلة الثانية، بينما بلغ وسطي كيلو المستورد 32.1 ليرة سورية في المرحلة الثالثة، بزيادة 28% عن المرحلة الثانية، إلا أن الزيادة المطردة في كمية المستوردات عن الصادرات عمّقت عجز الميزان التجاري.
أما في المرحلة الرابعة (2012-2016) وهي مدة الحرب، فقد انخفض الوسطي السنوي لكمية الصادرات بنسبة 73.2%، إذ بلغ الوسطي السنوي للكمية المصدرة نحو 4.9 ألف طن، في المرحلة الرابعة، مقارنة بنحو 18.2 ألف طن خلال المرحلة الثالثة، في المقابل، انخفض الوسطي السنوي للكمية المستوردة بنسبة 48.6%، إذ بلغ 12.1 ألف طن في المرحلة الرابعة، بينما كان 23.5 ألف طن في المرحلة الثالثة.
وشهدت مرحلة الحرب تبايناً في مستوى الأسعار للصادرات والمستوردات، ترافق ذلك مع عجز مطّرد في الميزان التجاري، علماً بأن الازدياد في سعر الصادرات يعود إلى التضخم بصورة رئيسة، في جميع المراحل السابقة للمدة المدروسة،
قيم وكميات المستوردات والصادرات، 1992-2016
العام |
القيم بالمليون ليرة سورية |
الميزان التجاري |
الكميات بآلاف الأطنان |
كميات الصادرات-التصدير |
||
التصدير |
الاستيراد |
الاستيراد |
التصدير |
|||
1992 |
34,720 |
39,178 |
-4,458 |
4,612 |
19,813 |
15,201 |
1993 |
35,318 |
46,469 |
-11,151 |
5,770 |
21,142 |
15,372 |
1994 |
39,818 |
61,374 |
-21,556 |
5,466 |
20,784 |
15,318 |
1995 |
44,562 |
52,856 |
-8,294 |
4,936 |
22,689 |
17,753 |
1996 |
44,887 |
60,385 |
-15,498 |
5,695 |
22,197 |
16,502 |
1997 |
43,953 |
45,211 |
-1,258 |
6,555 |
23,318 |
16,763 |
1998 |
32,443 |
43,725 |
-11,282 |
5,436 |
22,531 |
17,095 |
1999 |
38,880 |
43,010 |
-4,130 |
6,483 |
21,631 |
15,148 |
2000 |
216,190 |
187,535 |
28,655 |
7,699 |
21,096 |
13,397 |
2001 |
243,149 |
220,744 |
22,405 |
8,838 |
27,564 |
18,726 |
2002 |
301,553 |
235,754 |
65,799 |
10,657 |
31,305 |
20,648 |
2003 |
265,039 |
236,768 |
28,271 |
10,620 |
26,275 |
15,655 |
2004 |
346,166 |
389,006 |
-42,840 |
12,804 |
20,384 |
7,580 |
2005 |
424,300 |
502,369 |
-78,069 |
19,115 |
18,635 |
-480 |
2006 |
505,012 |
531,324 |
-26,312 |
19,205 |
22,477 |
3,272 |
2007 |
579,034 |
684,557 |
-105,523 |
21,925 |
17,801 |
-4,123 |
2008 |
707,798 |
839,419 |
-131,621 |
24,972 |
19,828 |
-5,144 |
2009 |
488,330 |
714,216 |
-225,886 |
26,462 |
16,579 |
-9,883 |
2010 |
569,064 |
812,209 |
-243,145 |
23,933 |
18,769 |
-5,164 |
2011 |
505,107 |
964,928 |
-459,821 |
24,702 |
13,534 |
-11,168 |
2012 |
196,452 |
794,277 |
-597,825 |
16,935 |
5,685 |
-11,250 |
2013 |
174,933 |
944,962 |
-770,029 |
12,017 |
8,612 |
-3,405 |
2014 |
175,759 |
1,562,846 |
-1,387,087 |
12,184 |
5,019 |
-7,165 |
2015 |
210,065 |
1,497,340 |
-1,287,275 |
9,968 |
3,928 |
-6,040 |
2016 |
328,519 |
2,238,472 |
-1,909,953 |
9,313 |
1,134 |
-8,180 |
وسطي أسعار كيلو الصادرات والمستوردات، 1992-2016
العام |
وسطي ثمن الكيلو المصدر (ل.س) |
وسطي ثمن الكيلو المستورد (ل.س) |
نسبة ثمن الكيلو المستورد إلى المصدر |
1992 |
1.75 |
8.49 |
4.85% |
1993 |
1.67 |
8.05 |
4.82% |
1994 |
1.92 |
11.23 |
5.86% |
1995 |
1.96 |
10.71 |
5.45% |
1996 |
2.02 |
10.60 |
5.24% |
1997 |
1.88 |
6.90 |
3.66% |
1998 |
1.44 |
8.04 |
5.59% |
1999 |
1.80 |
6.63 |
3.69% |
2000 |
10.25 |
24.36 |
2.38% |
2001 |
8.82 |
24.98 |
2.83% |
2002 |
9.63 |
22.12 |
2.30% |
2003 |
10.09 |
22.29 |
2.21% |
2004 |
16.98 |
30.38 |
1.79% |
2005 |
22.77 |
26.28 |
1.15% |
2006 |
22.47 |
27.67 |
1.23% |
2007 |
32.53 |
31.22 |
0.96% |
2008 |
35.70 |
33.61 |
0.94% |
2009 |
29.45 |
26.99 |
0.92% |
2010 |
30.32 |
33.94 |
1.12% |
2011 |
37.32 |
39.06 |
1.05% |
2012 |
34.56 |
46.90 |
1.36% |
2013 |
20.31 |
78.64 |
3.87% |
2014 |
35.02 |
128.27 |
3.66% |
2015 |
53.48 |
150.22 |
2.81% |
2016 |
289.77 |
240.35 |
0.83%
|
الوسطي المتحرك لثلاث سنوات للصادرات والمستوردات والميزان التجاري، 1992-2016
الأرقام بالمليون دولار أمريكي |
الوسطي المتحرك لثلاث سنوات |
|||||
العام |
الصادرات |
المستوردات |
الميزان التجاري |
الصادرات |
المستوردات |
الميزان التجاري |
1992 |
817 |
922 |
-105 |
|||
1993 |
831 |
1,093 |
-262 |
862 |
1,153 |
-292 |
1994 |
937 |
1,444 |
-507 |
939 |
1,260 |
-322 |
1995 |
1,049 |
1,244 |
-195 |
1,011 |
1,365 |
-355 |
1996 |
1,046 |
1,408 |
-361 |
1,028 |
1,222 |
-195 |
1997 |
988 |
1,016 |
-28 |
912 |
1,123 |
-211 |
1998 |
701 |
944 |
-244 |
843 |
963 |
-120 |
1999 |
840 |
929 |
-89 |
2,070 |
1,975 |
95 |
2000 |
4,669 |
4,050 |
619 |
3,451 |
3,126 |
325 |
2001 |
4,844 |
4,397 |
446 |
5,119 |
4,339 |
780 |
2002 |
5,844 |
4,569 |
1,275 |
5,275 |
4,518 |
756 |
2003 |
5,136 |
4,589 |
548 |
5,871 |
5,537 |
334 |
2004 |
6,632 |
7,452 |
-821 |
6,571 |
7,149 |
-578 |
2005 |
7,946 |
9,408 |
-1,462 |
8,096 |
9,026 |
-930 |
2006 |
9,712 |
10,218 |
-506 |
9,746 |
11,106 |
-1,359 |
2007 |
11,581 |
13,691 |
-2,110 |
12,171 |
13,987 |
-1,816 |
2008 |
15,221 |
18,052 |
-2,831 |
12,420 |
15,679 |
-3,259 |
2009 |
10,457 |
15,294 |
-4,837 |
12,639 |
16,938 |
-4,299 |
2,010 |
12,238 |
17,467 |
-5,229 |
10,519 |
16,563 |
-6,044 |
2,011 |
10,501 |
19,871 |
-9,370 |
8,596 |
16,531 |
-7,935 |
2012 |
3,050 |
12,255 |
-9,205 |
5,049 |
13,574 |
-8,526 |
2013 |
1,595 |
8,597 |
-7,002 |
1,852 |
9,632 |
-7,780 |
2014 |
910 |
8,043 |
-7,133 |
1,096 |
7,395 |
-6,299 |
2015 |
783 |
5,545 |
-4,762 |
804 |
6,150 |
-5,346 |
2016 |
718 |
4,861 |
-4,143 |
734 |
5,072 |
-4,338 |
تعليقات الزوار
|
|