تكلفة محطة الطاقة الشمسية أرخص بكثير من الفيول واللدّات والستوكات الكهربائية..فلماذا تأخرنا؟!
الاقتصاد اليوم:
لو أن هناك من يجمع التعليقات والمقالات والانتقادات التي نشرت منذ سنوات عن معاناة السوريين مع الكهرباء لوجد فيها الكثير من الاحتجاج على تكاليف اللدات والأمبيرات والستوكات الكهربائية والتذكير بالحديث عن استخدام الطاقة الشمسية في سبيل الحصول على الكهرباء، فلماذا تتأخر هذه الخطوة إلى أن تنتهي الأزمة؟!
حفلت الصحافة بالخبر الذي يبشرنا بوضع حجر الأساس لأول محطة توليد من الطاقة الشمسية في دمشق، وقد اعتدنا مباشرة على الاحتفاء بمثل هذه الخطوات، بل ونعتز بها لأنها لنا ولأنها تحل مشكلات على غاية الأهمية. لكن للأسف ذلك يشعرنا بالغبن لأنه كان من الضروري أن تأتي أبكر من ذلك طالما أنها ليست قنبلة نووية، وليست سدا على نهر الفرات، وليست باخرة توزنا بالطاقة من عرض البحر!! وهناك من يقول : أن يأتي متأخرا خيرا من لا يأتي .. هذا صحيح، ولكن في الحالات الاسعافية يعتبر هذا التأخر نوعا من الخطر والاهمال ينبغي أن نسأل عن سببه جميعا..
والجميل في الخطوة التي أعلن عنها وزير الكهرباء المهندس محمد زهير خربوطلي والتي تصل استطاعتها إلى 1،26 ميغا واط (1250 كيلو واط)، أنها لا تكلف أكثر من مليار ليرة سورية، وهذا يعني تلقائيا أنه كان بإمكان الجهات المختصة الاقدام على إنشاء عدة محطات بثمن الفيول الذي يدفع بسنة واحدة ، فالمحطة كما أعلن الوزير توفر سنوياً 500 طن فيول، والطن الواحد، كما هو معروف، ثمنه 500 دولار، وليس من الصعب أن نستعيد إيضاحات المهندس عماد خميس رئيس الحكومة عندما كان وزيرا للكهرباء وفيها أن “تكلفة الوقود السنوية اللازمة لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية تصل سنويا إلى ما يقارب من 210 مليارات ليرة سورية بالسعر المدعوم فيما تصل التكلفة حسب سعر الصرف 47 ليرة سورية للدولار ما قيمته 335 مليار ليرة سورية فيما تبلغ على سعر 62 ليرة سورية حوالي 400 مليار ليرة سورية وهي أرقام كبيرة مقارنة بالدول الأخرى التي يشابه اقتصادها الاقتصاد السوري”…
وفي المحطة المعلن عنها يقول وزير الكهرباء الحالي إن الكمية المنتجة من الكهرباء من هذه المحطة ستكفي لإنارة 500 منزل بمدة تنفيذ تصل إلى 10 أشهر وبمساحة إجمالية تبلغ 12 ألف متر مربع تكفي لإنجاز المرحلة الحالية والمراحل الأخرى التي ستليها حيث من المخطط توسيع المحطة صولاً إلى إنتاج 6،5 ميغا واط ، ومنها ستكون شرارة الانطلاق باتجاه تعميم التجربة باتجاه كافة المحافظات السورية.
لكي نتعرف على حقيقة مأساة نقص المنتج الكهربائي وأثره على الناس، ينبغي أن نسأل أبناء حلب، وينبغي أن نسأل كل سوري لازال عنده بيت يسكن فيه : كم كانت تكاليف الكهرباء البديلة من شمع ولدّات وأنفرترات وبطاريات وأمبيرات وبنزين للموتورات .. ناهيك عن الأثر البيئي والصحي على الناتج الاجتماعي لاستخدام هذه البدائل . وفي حسبة بسيطة فإن كل بيت من البيوت لابد أن يكون قد دفع مائة دولار سنويا ثمنا لهذه البدائل ، وهذا يعني أن علينا أن نضرب 100 دولار ب 500 بيت هي مجموع البيوت التي تستفيد من محطة الطاقة الشمسية، فنكتشف أن التكلفة المهدورة هي 50 ألف دولار وعلينا أن نضيف عليها تكلفة إنتاج الكهرباء بالفيول وكل ذلك نضربه بعدد سنوات الأزمة ونضيف حجم الخسائر، لنجد أن بناء محطات طاقة شمسية أقل كلفة بكثير من تعويم أزمة الكهرباء ..
أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي ، ولكن أن لاتبحث في أسباب التأخير خطأ وطني واقتصادي يفسح المجال لمصائب أخرى!
المصدر: هاشتاغ سيريا
تعليقات الزوار
|
|