توصيف واقعي وإجابات شافية عن واقع الصادرات السورية.. العقبات والفرص المتاحة
الاقتصاد اليوم ـ خاص:
تلعب الصادرات دورًا حيويًا في الاقتصاد السوري، حيث تعكس مدى قدرة القطاعات الإنتاجية على المنافسة في الأسواق الخارجية وتساهم في تعزيز الإيرادات الوطنية. ورغم التحديات التي تواجه التجارة الخارجية، لا تزال الصادرات السورية تمثل عاملًا مهمًا في دعم النمو الاقتصادي وتحقيق التوازن في الميزان التجاري.
في هذا التقرير، نسلط الضوء على وجهة نظر الأستاذ فيصل العطري، رجل الأعمال السوري المقيم في الصين وصاحب الخبرة الواسعة في المجال الاقتصادي، حيث يتحدث عن أبرز العقبات التي تعترض الصادرات السورية، ويستعرض السبل الممكنة لاستعادة مكانتها في الأسواق العالمية.
وكان سؤالنا الأول، أنه في ظل التحديات التي واجهتها الصادرات السورية خلال السنوات الماضية، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، وتأثير العقوبات على انتشار المنتج السوري عالميًا، فضلاً عن السمعة السلبية التي ارتبطت ببعض السلع، كيف ترى إمكانية استعادة المنتجات السورية لمكانتها السابقة في الأسواق الخارجية بعد التحرير؟ وما العوامل التي قد تسهم في تعزيز قدرتها التنافسية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة في سوريا؟
أجاب الأستاذ فيصل العطري، أن استعادة هذه المكانة تزداد صعوبة للأسباب التالية:
1-تسرب معظم الصناعات الناجحة لبلاد أخرى.
2- تغيّر الأسواق العالمية، حيث ازدادت المنافسة وانخفضت الاسعار وارتفعت السوية ,اصبح الزبائن أكثر تطلباً وانفتاحاً، في حين بقيت خبرات النتج السوري الصناعي والزراعي "في مكانها" مما أضعف تنافسية منتجاتهم.
3- بعد 14 سنة من الغياب نسي المستهلك المنتجات السورية وحل محلها منتجات أخرى، لذا فالعملية أشبه باعادة اقلاع.
4- ضعف وسائل التسويق "الفعالة"، بعضها بسبب العقوبات وبعضها بسبب ضعف الامكانيات المعرفية، مما أمعن باضعاف إمكانية الوصول للأسواق الاقليمية والعالمية.
5- عدم توفر وسائل دفع آمنة، ووسائل تفتيش موثوقة، مما جعل من عملية الشراء مخاطرة تعتمد على الثقة الشخصية.
لطالما رددت قبل التحرير بأن المنتجات السورية مظلومة: فالزيت السوري كان يصدر لايطاليا واسبانيا ولبنان ويعاد انتاجه بشكل عبوات ويباع بأضعاف ثمنه وذلك بسبب احتكار النظام البائد لمعاصر الزيتون.
والفواكه السورية من أجود الفواكه في العالم تُرفض بعدد من الاسواق بسبب ضعف المعرفة الزراعية واستخدام اسمدة ومبيدات حشرية مخالفة للستاندرات والأهم عدم توفر شركات فحص واختبار عالمية.
علاوة على ماسبق كانت الفواكه تصدّر دون عمليات توضيب مناسبة لذا كانت تُشحن الى لبنان، وهناك في عنجر عشرات الشركات تقوم بتوضيب الفواكه "تنظيف وتشميع وفرز" ثم تصّدر على انها فواكه لبنانية.
رغم ماسبق يمكن إعادة بناء السمعة إذ تفهمنا مشاكلنا وعملنا على إيجاد حلول فعالة واستعنا بالدول الصديقة فيمكننا استعادة هذه المكانة تدريجياً.
لكن علينا أن نفهم أن العالم لا ينتظر، وان قدرتنا على استعادة مكانتنا تتضائل يومأ بعد يوم.
*- بالمناسبة سبق أن عرضت الصين اكثر من خطة لتطوير القطاع الزراعي والصناعي في سوريا وذلك في اطار مبادرة الحزام والطريق، لكن للاسف تم التعامل معها باستهتار لاسباب تتعلق بالفساد.
وعن كيفية توسعة مروحة الصادرات السورية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، قال العطري:
علينا أن نفهم أن الأسواق العالمية تتغير بسرعة فقد اصبحت أكثر اشباعاً و تطلباً، واستحوذت منصات البيع الالكتروني "التي لانملكها" على حصة من السوق
اذا اردنا توسعة صادرتنا علينا أن:
1-نؤمن البنى التحتية: (وسائل دفع "عالمية" وآمنة، شركات فحص وتفتيش "عالمية"، شركات شحن احترافية، شركات تغليف..الخ).
2- الاطلاع على واقع المنتجات المنافسة وفهم نقاط ضعف منتجاتنا.
3- رفع سوية المنتج المحلي من حيث الجودة والتغليف وشهادات الجودة العالمية.
4- الحد من الهدر بغرض خفض التكاليف.
5- اتباع الستاندرات العالمية بصرامة ومحاولة أتمتة الأعمال بشكل تدريجي وسريع.
6- اتباع الوسائل العلمية الحديثة للترويج والتسويق، وأن نفهم أن الإعلام والترويج والتسويق علوم تُدرس وليست تهريج يقوم به بعض المؤثرين كما كان سائداً.
7- العمل على انشاء منصات تسويق احترافية وعلى مستوى عالمي للترويج للمنتجات السورية "بيع جملة ومفرق" وعقد شراكات مع شركات نقل عالمية بحيث تؤمن وصول المنتج ليد العميل.
وعن تحقيق دعم حقيقي للصادرات السورية؟. ومن أين يجب أن يبدأ هذا الدعم؟ أجاب العطري:
علينا أن نفهم أن الاجراءات الحمائية تأتي بنتائج عكسية، والأمثلة أكثر من أن تُحصى "سيرونيكس، بردى...".
برأيي أن الدعم يجب ان يقتصر على:
1- إزالة العوائق من خلال تسهيل عمليات الترخيص واستقبال الأموال والتصدير.
2- تحرير حوامل الطاقة والتشجيع على استخدام الطاقة البديلة بالقطاع الزراعي والصناعي.
3- ايجاد سلطة قضائية نزيهة وشفافة للتحقق من شكاوي الزبائن العالميين.
4- تخفيض الرسوم على استيراد المواد الأولية والآلات الصناعية والزراعية وقطع الغيار المتعلقة بها.
5- تدريب المنتجين والمصدرين على آليات الزراعة والتصنيع والتسويق والتصدير، بما في ذلك آليات التفاوض، التعاقد، وآليات التمويل المتاحة.
6- قيام غرف الزراعة والصناعة والسياحة بالاشتراك بمعارض عالمية للترويج للمنتج السوري "حيث يمكن الاشتراك بمساحة كبيرة وتقسيمها على الراغبين بسعر التكلفة" مع تأمين وسائل شحن العينات والترجمة وغيرها، سبق أن قدمت الصين لسورية أرض مجانية بأحد المعارض المختصة وكان الراغبون يدفعون تكاليف الديكورات فقط، وقد أتت هذه المشاركات بنتائج طيبة رغم ارتفاع تكاليف المنتج السوري آنذاك".
7- ربط المناطق الصناعية والزراعية بوسائل نقل حديث وباسعار معقولة.
8- إقامة مناطق سكنية مخدّمة قرب المناطق الصناعية والزراعية.
9- توفير قروض ميسّرة وبرامج تمويل مخصصة للشركات الراغبة بالتوسع نحو الأسواق الخارجية، مع دعم تغطية المخاطر الائتمانية للتصدير.
10- ايجاد آليات ربط بين أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب الأفكار بحيث يصل كلا الطرفين لاتفاق عادل ومربح يضمن حقوق الطرفين.
11- دعم الصادرات من حيث استعادة جزء من الضريبة عند "اثبات" عمليات التصدير.
12- توسيع العلاقات التجارية وتفعيل الاتفاقيات الثنائية والإقليمية، وبناء شراكات استراتيجية مع دول تستورد المنتجات الزراعية والصناعية، خصوصاً الدول ذات الطلب المرتفع أو التي تفتقر لمنتجات مشابهة.
وعن الصادرات التي يجب أن نُركز عليها في المرحلة الحالية والقادمة.. وأي الاسواق برأيك هي الواعدة للمنتجات السورية؟ قال العطري:
هناك قطاعات يمكن بسهولة البدء منها:
1- المنتجات الزراعية والصناعات المتعلقة بها.
2- الصناعات النسيجية وخاصة الألبسة الجاهزة.
3- قطاع الصناعات الغذائية: الفواكه المجففة "وهي منتج مرغوبة بقوة في اوربا"، الحلويات الجاهزة، والشوكولا، الكونسورة.
4- الصناعات البرمجية: وهي صناعة يمكن انشاؤها بطرق احترافية إذا أعطيت بعض التسهيلات.
5- قطاع الصناعات التراثية.
لكن علينا تحديث آليات الانتاج واتباع وسائل الانتاج الحديثة و الخطوات الواردة بالجواب السابق.
بالنسبة للأسواق: هناك العديد من الأسواق، لكن برأيي أننا نخسر السوق الأكبر والأهم الذي تتصارع الدول على دخوله وهو السوق الصيني، وهو سوق يتقبل بضائعنا ويتعامل معنا بمحبة والأهم أنه يرغب بالمساعدة، فخلال المعرض الصيني الدولي للاستيراد سنة 2024 باع أحد المشاركين كامل انتاجه ولمدة سنة قادمة.
باعتبارك رجل أعمال سوري مقيم في الصين.. هل يمكن أن تطبيق التجربة الصينية في دعم صادراتها في سورية؟
نعم يمكن، وبرأيي أحد الخطايا التي ارتكبها العهد البائد هي أهمال مبادرة الحزام والطريق، فالصين عرضت على الجانب السوري عروض هامة جداً للمساعدة عُوملت بغباء وقصور، والجانب الأهم والذي لطالما رددته: بسبب ارتفاع اسعار العمالة في الصين فإن بعض المنتجات الصينية بدأت تفقد تنافسيتها، لذا تقوم الصين بنقل هذه الصناعات لدول أخرى وقد استفادت باكستان والعراق ومصر من هذا، بينما كنا نفشل دوماً بسبب أنانية و فساد النظام البائد.
أريد نصحة منك لوزارة الاقتصاد في الحكومة الحالية حول موضوع التصدير
لا يُفتى ومالك في المدينة، الدكتور نضال الشعار قامة علمية لايمكننا التحدث بوجوده، لا أجد ما أقوله سوى أعانه الله على هذا الامتحان وهذه الأمانة، أرجو له ولكل الفريق الحكومي النجاح والتوفيق وأخص بالذكر الاستاذ عبدالسلام هيكل وزير الاتصالات.
الاقتصاد اليوم
تعليقات الزوار
|
|