الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

رأي: النفط السلاح الأسود..لماذا تخفضه السعودية؟ وماذا عن قطبي العالم أمريكا وروسيا؟

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

موجة من التساؤلات والتحليلات أثارها تهاوي سعر النفط في الآونة الأخيرة لأدنى مستوى له منذ شباط 2004 (حيث من المتوقع أن يلامس سعر برميل النفط الخام25$ أو حتى أقل من ذلك)،وهذه التساؤلات قديمةٌ جديدة تدور حول دور السياسة في التأثير على مسارات الاقتصاد، فتباينت الآراء كما في كل حدث اقتصادي بين من يردّها لأسباب سياسية محضة، وبين من يراها نتيجة لمجموعة من العوامل المختلفة، فالتاريخ القريب يحدثنا أن سعر النفط قد هوى حوالي 60% من قيمته بدأ من منتصف العام 2014 وذلك يعود لجملة عوامل نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

1_ الانكماش الاقتصادي العالمي والأزمة التي تعاني منها الصين (أكبر مستهلك ومستورد للنفط في العالم) وضعف الاقتصاديات الأوروبية والدول النامية، كل ذلك ساهم بزيادة العرض على حساب الطلب نظراً لعدم تخفيض الانتاج.

2_ ثورة النفط الصخري في أمريكا والتي تلقى نجاحاً مستمراً (حيث تفصح التقارير عن تضاعف انتاجه خلال 6 سنوات المنصرمة) وتعول عليه أمريكا بعد سنوات معدودة للاستغناء عن النفط الخليجي، إلا أنّ ما يعاب عليه هو ارتفاع تكاليف استخراجه (حيث تبلغ تكلفة انتاج البرميل الواحد من النفط الصخري حوالي 75$)، لذلك فخفض سعر النفط قد يضعف هذه الصناعة الجديدة.

3_ أسباب سياسية تهدف الى محاصرة روسيا وإيران اللتان تعتمدان بشكل كبير على إيرادات النفط في ميزانيتهما (تقول التقارير أن روسيا تعتمد بنسبة 52% من عائدات موازنتها على النفط والغاز حالياً، مقارنة مع 8% خلال 2000، ويشكل أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي وارتفعت الصادرات الروسية من النفط والغاز من 33% خلال 1994 حتى وصلت إلى 61% في النصف الأول من 2014، وقد وضعت ميزانيتها في العام 2016 على أساس سعر برميل النفط بحدود 50$، أما إيران فتعتمد بنسبة 33% من عائدات موازنتها على النفط والغاز).

أما عن المستفيد من تهاوي سعر النفط فيمكن القول بالتالي:

1_ السعودية متزعمة منظمة أوبك وبنفس الوقت أكبر دولة منتجة للنفط عالمياً (تنتج 10% من النفط في العالم أي حوالي 11 مليون برميل يوميا، وتمتاز بانخفاض تكاليف انتاجها) ترفض خفض انتاجها من النفط الخام أو التدخل لتحقيق التوازن في السوق من تخمة المعروض، وهي تلجأ لهذه السياسة لضرب روسيا وإيران من جهة (وهذا معلوم نتيجة الخلاف الجوهري في أغلب ملفات المنطقة السياسية) ولإجبار أمريكا على التخلي عن النفط الصخري (وهذا يفسر الخلاف المستجد بين أمريكا والسعودية، ووثائق بنما، والترويج الأمريكي لمسؤولية السعودية عن تفجيرات 11 سبتمبر)، وبنفس الوقت فهي تحتفظ باحتياطي هائل من العملات الصعبة (حوالي 800 مليار $ولديها إمكانيات كبيرة على شكل أصول خارجية في صناديق الثروات السيادية أو البنوك المركزية، فضلاً عن كونها قادرة على الاقتراض) وتقدر السلطات السعودية إمكانية بقائها دون أزمة مدة 8 سنوات فضلاً عن أوراق قوتها الأخرى لتعويض خسارتها في النفط (زيادة الضرائب، الاقتراض من البنك الدولي)، وبذلك فهي تحتفظ بحصتها السوقية في مجال النفط بين الدول المنتجة له، وتسحق منافسيها المنتجين للنفط الصخري (والذين قد يحرمونها من سوق النفط الأمريكي والغربي في حال استمرار ثورة النفط الصخري مثل الشركات الكندية والامريكية التي تنتج النفط الصخري والرملي) مما سيدر على الخزينة السعودية المليارات من الدولارات، إضافةً إلى رغبة السعودية في البقاء من أكبر المصدرين للسوق الامريكي نظراً للأهمية الجغرافية والسياسية في العلاقة مع أمريكا، وهذه الاستفادة تعود أيضاً على دول الخليج الأخرى.

2_ مصر من المستفيدين أيضاً كون انخفاض سعر النفط يوفر على ميزانيتها مبالغ دعم الطاقة والتي تشكل حوالي ثلث المبالغ المخصصة للدعم.

3_ منطقة اليورو من أبرز المستفيدين من انخفاض سعر النفط كونها تستورد حوالي 90% من احتياجاتها وقد بانت الاستفادة على الفور في بريطانيا مثلاً حيث انخفض التضخم بنسبة 1%.

4_ تركيا والتي أيضاً تستورد حوالي 90% من احتياجاتها من النفط ويقدر انخفاض العجز لديها بمقدار 4.5 مليار $ لكل انخفاض 10$ بسعر البرميل.

5_ أمريكا والتي توفر حوالي 75 مليار $ أي 0.7% من اجمالي استهلاكها، وقد بدأت بتحقيق نمواً اقتصادياً خلال الفترة الاخيرة.

6_ الصين والتي سينمو الناتج المحلي الاجمالي لديها بنسبة 0.15% جراء أي انخفاض بنسبة 10% في سعر النفط.

وللإحاطة بتفاصيل انتاج النفط وكمياته والدول المنتجة له نورد ما يلي:

يبلغ الإنتاج العالمي للنفط حوالي 96 مليون برميل يومياً، تحتل فيه السعودية المرتبة الأولى (بحجم إنتاج 11 مليون برميل يومياً)، والمرتبة 11 في قائمة الدول المستهلكة له، فيما تحتل روسيا المرتبة الثانية إنتاجاً (بحجم يقدر ب 10.75 مليون برميل يومياً) والرابعة استهلاكاً له، أما الولايات المتحدة الأميركية، فهي في المرتبة الثالثة من حيث الإنتاج (10 مليون برميل يومياً)، بينما تعد من أكثر الدول استهلاكاً له، حيث يصل استهلاكها لنحو 25% من الإنتاج العالمي، أما إيران فهي في المرتبة الرابعة إنتاجاً (4.25 مليون برميل يومياً)، والصين خامساً بحجم إنتاج 4.1 مليون برميل يومياً.

من ناحية أخرى، يبلغ إنتاج كل من “السعودية والإمارات والكويت وقطر” مجتمعةً حوالي 16 مليون برميل يومياً، أي أكثر من نصف إنتاج دول “أوبك”، الذي يصل إلى 30.5  مليون برميل في اليوم، فيما ارتفعت عائدات دول مجلس التعاون الخليجي لا سيما النفطيّة منها، من366 بليون دولار خلال 2009 إلى 729 بليون دولار خلال 2013، وجمعت هذه الدول احتياطاتٍ مالية تقدر بـ2450 بليون دولار، راكمتها خلال السنوات الأخيرة بفضل ارتفاع أسعار الخام، وذلك وفق إحصائيات كل من “صندوق النقد الدولي” و”مجموعة كامكو” الاستثمارية الكويتية و”معهد المالية الدولية”، وجميع هذه الدول احتسبت موازناتها على أساس سعر 80 دولاراً للبرميل أو أقل.

بقلم الباحث الاقتصادي علي محمود محمد

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك