الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

رئيس اتحاد المصدرين: نطالب الحكومة بالثقة.. وسنثبت أننا أهل لها

الاقتصاد اليوم:

لم يأت نجاح معرض دمشق الدولي الكبير، الذي فاق كل التوقعات, من فراغ، وإنما كان حصيلة شراكة حقيقية بين القطاع العام والخاص، تجسدت أول مرة بهذا الشكل، الذي أنتج نصراً اقتصادياً بامتياز، وهذا ما كان ليتحقق لولا وجود شخصيات فعالة تركت بصمتها في تحقيق هذا الإنجاز، محمد السواح- رئيس لجنة القطاع الخاص في المعرض ورئيس اتحاد المصدرين، كان له الدور الأكبر في جلوس الصناعيين الدمشقيين على اختلاف قطاعاتهم على طاولة واحدة ضمن فرق عمل جماعية منفصلة، إضافة إلى استقطابه أغلبية رجال الأعمال من دول عربية وصديقة كانوا بمنزلة سفراء لبلادهم، عبر نقل حقيقة الحياة في سورية وقدرة الصناعة المحلية على الإنتاج والإبداع من رحم الحرب.

ما هو السر؟

نسأل رئيس اتحاد المصدرين عن سر نجاح معرض دمشق الدولي، ليشير بثقة إلى الإنجاز الأهم, في رأيه المتعلق بالشراكة مع الحكومة، التي كانت دائما ًمصدر شك عند البعض، فقد تبلورت شراكة حقيقية واضحة في ظل المتابعة اليومية الدائمة من الطرفين، لتظهر نتائج المعرض المبهرة، لدرجة يمكن القول إننا أحيينا الموتى.

نبادره بسؤال آخر عن كيفية التوفيق بين القطاع الخاص والحكومة، ليفضل التحدث بلغة رجل الأعمال الدبلوماسي فيقول: الحكومة كانت متجاوبة معنا وخاصة رئيس الحكومة، الذي تعامل مع القطاع الخاص بعقلية المستثمر، ووظفه لمصلحة القطاع العام بنجاح، فهو مؤمن بهذا القطاع وخاصة الأشخاص الذين بقوا ضمن سورية وتعامل معه على أنه شريك حقيقي، مع إصدار قرارات ساخنة في اللحظة المطلوبة بينما كان يتم التعامل سابقاً على أساس كتابكم وكتابنا، ليشدد على خصوصية واختلاف هذه التجربة، ولاسيما لناحية استثمار مرونة القطاع الخاص، التي أزاحت بيروقراطية العام.

نطالب بالثقة

بعض المهتمين أكدوا أكثر من مرة أنه لو كان هذا التعاون قائماً لكان اقتصادنا بألف خير، فلماذا لا تستمر حالة التعاون هذه ليرد قائلاً: هذا الكلام صحيح مئة بالمئة، ونحن جاهزون، علماً أن تجربة المعرض ليست بسيطة، فقد كان على البلد بروباغندا إعلامية دفع عليها مليارات الليرات، بينما أنهيناها خلال عدة أيام في اجتماع فكر بين الحكومة والقطاع الخاص وبإخراج صحيح، واليوم لدينا الإمكانات ذاتها للاستمرار على هذا النهج، مضيفاً: ما نطلبه حالياً الثقة بنا، وليس اتخاذ قرارات مصيرية، وإنما تجربتنا مدة 6 أشهر أو سنة لإثبات أننا أهل للثقة كما كنا في معرض دمشق الدولي.

لا أرقام

نحاول معرفة قيمة العقود الموقّعة على هامش معرض دمشق الدولي وخاصة بعد الجدل الذي حصل مؤخراً لكن السواح يبدي حرصاً على عدم ذكر أي رقم من دون التأكد من قيمتها الفعلية، فيقول: لا نستطيع إعطاء أي رقم عن نتائج المعرض إلا بعد 3 أشهر، حيث بدأت اللجنة المعنية دراسة العقود، والأمر يستلزم وقتاً لإظهار قيمة العقود الفعلية، أما فيما يخص الصادرات فهناك أيضاً تقرير ربعي يرصد حركتها، التي شهدت تحسناً عن السنوات السابقة.

التصدير أو الموت

يشدد السواح على أهمية قطاع التصدير، الذي عدّه استثماراً جيداً، مدللاً على وجهة نظره بالشعار الياباني، «التصدير أو الموت»، فاليوم واقع الصادرات في تحسن واضح، يمكن عدّه ممتازاً, ليقول: حققنا قفزات نوعية عبر فتح أسواق جديدة، والأهم كسرنا الوهم عند رجال الأعمال، حيث نجد مستوردين عراقيين في سوق الحريقة يومياً، وهذا يؤدي إلى تسريع دوران الحركة التصديرية، واليوم نسعى إلى توسيع دائرة الأسواق الخارجية وفق إنتاجنا المتوافر، الذي تكفيه الأسواق الحالية هذا العام، لكن لاحقاً حتماً سنتوسع بهذه الأسواق حينما نلمس وجود فائض تصديري.

ليس جديداً

يلقى قرار استيراد الآلات المستعملة اعتراضاً من الصناعيين، لكنك تؤيد هذا القرار، الذي وصفته بتسونامي ترميم الصناعة المحلية، فلماذا الجدل حوله؟

هنا يطالب السواح الحكومة مجدداً بالوثوق بآرائهم وخاصة أنهم يعدون -كما يقول- أرباب الصناعة في المنطقة، التي يقوم صناعيوها بطلب الاستشارة والخبرة من صناعيي سورية، مستدركاً بالقول: يمكن للمعنيين الإبقاء على حالة من الشك شرط تجريب مقترح الصناعيين مع التقييم بعد ستة أشهر، علماً أن السماح باستيراد الآلات المستعملة المتبع في جميع دول العالم ليس قراراً جديداً في سورية، لكن ما نطالب به هو تغيير فقرة واحدة فقط حول السماح للتاجر باستيراد الآلات وليس حصره بالصناعي وحده، وهنا يعلق ساخراً: إذا كان هناك غيرة على مال البلاد عبر رفض إدخال «السكراب»، لماذا لا يطالبون بحصر استيراد الموبايلات والكمبيوترات بأشخاص حاصلين على دكتوراه بالمعلوماتية، وألا يستورد ألعاب الأطفال سوى الأطفال أنفسهم لكون التجار لا يعرفون أذواقهم، متسائلاً: هل يعقل أن يستورد تاجر دمشقي أو حلبي آلات مستعملة غير صالحة للعمل وخاصة أن شحنها قد يوازي سعرها.

ضغط وكلاء «المكنات»

ويواصل السواح دفاعه عن القرار بقوله: منذ بداية الأزمة أخذ الصناعيون آلاتهم المستعملة معهم إلى مصر وبنوا صناعة نسيج متطورة، ولم تقل لهم الحكومة المصرية لا تدخلوا معكم «سكراب» لأنها مقتنعة أن السوري حاذق ومتفوق وقادر على إنتاج صناعات نوعية، فلماذا لا يتم استثمار هذه العقول داخل البلد وخاصة أنهم أثبتوا جدارة في جميع دول العالم، علماً أن قرار السماح باستيراد الآلات المستعملة يعد طريقة لاستقطاب الصناعيين الموجودين في الخارج.

ويرفض السواح أن يكون الصناعيون معترضين على القرار وإنما في رأيه وكلاء المكنات، هم من يضغط بهذا الاتجاه لكونه يفوت أرباحاً كبيرة عليهم، علماً أن القرار يخدم أصحاب الورش الصغيرة والمتوسطة، لذا نطالب بالسماح باستيراد الآلات القديمة للجميع والدخول في نظام التجارة العالمية البينية، مؤكداً أن الصناعي لن يحضر آلة ليتفرج عليها، وتالياً فإن مهمة الحكومة مراقبة المنتج النهائي ومدى مطابقته للمواصفات وليس إذا كان صنّع بآلة قديمة أو جديدة، متسائلاً: من يمنع أن يكون صاحب الآلة الجديدة غشاشاً مثلاً؟

لسنا بلد مستوردات!

هناك من يقول: إن أصدار بعض القرارات تؤذن بتحويلنا إلى بلد مستوردات، فما رأيك بذلك؟ ليرد بثقة: هذا الكلام حق يراد به باطل، بدليل أن جميع المستوردات هي مواد أولية للاستهلاك بغية إيجاد منتج نهائي, أو مستلزمات غذاء, مستشهداً بحملة منع استيراد الألبسة، التي نما بعدها قطاع الألبسة بسبب منع استيرادها.

ويضيف: أنا شيخ كار النسيج ورئيس اتحاد المصدرين، أدافع أحياناً عن الصناعة وأخرى عن التصدير، ولا مشكلة أبداً بمن يستورد لأجل التصنيع, لكن المشكلة الوحيدة لدي حينما تتخذ قرارات تؤدي إلى خفض الصادرات سواء برفع الأسعار الاسترشادية أو الجمارك، بشكل يمنع المنافسة، لذا من الضروري أن تضع الدولة رؤية محددة تلزم الصناعيين بالعمل ضمنها مع اتخاذ قرارات حازمة وواضحة, وليس قرارات إشكالية تحدث شرخاً بين الصناعيين.

برجل عرجاء!

نختم حديثنا بالسؤال عن حال الاقتصاد المحلي، الذي تشير الوقائع إلى أنه بدأ بالنهوض من كبوته لكن برجل عرجاء، فيضحك قائلاً: إذا برجل عرجاء أمر جيد، فاليوم قياساً بما مر فيه يفترض أن يكون كسيحاً، فلو تعرض اقتصاد بلد آخر لهذا الدمار لما استطاع المقاومة.

التجربة السورية ستدرس

ويبدي السواح تفاؤله بالقادمات من الأيام، فاليوم حركة بسيطة, حسب قوله, خلال معرض «سيرمود»، ومعرض دمشق الدولي أدى إلى فتح آفاق كبيرة اعتماداً على الإمكانات المتوافرة، سواء من المواد الأولية المميزة والكوادر الخبيرة حتى لو هاجر قسم منها، ورجال أعمال حاذقين وجالية كبيرة فاعلة، إضافة إلى العلاقات الكبيرة مع دول الجوار والبحر المتوسط، لذا سيكون واقع الاقتصاد أفضل في حال عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد، وبقاء الدعم الحكومي والشراكة مع القطاع الخاص على هذه الوتيرة، علماً أن التجربة السورية ستدرس لاحقاً في العالم نظراً لمقدرة سورية على الخروج من أزمتها في زمن قياسي، مشيراً إلى أنه، رغم ما حصل، لا يزال مكان البضاعة السورية شاغراً في كل الأسواق العالمية لنوعيتها الجيدة وسعرها المنافس، حيث يحاول من انقطع عن التعامل معها الرجوع وخاصة بعد تحسن الأوضاع وكسر حالة الوهم والحصار الاقتصادي.

تشرين

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك