الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

زياد غصن: مستقبل الاعلام الاقتصادي مرهون بتراجع الحرب.. وبدور حقيقي للدولة

الاقتصاد اليوم:

اعتبر الصحفي زياد غصن أن صعوبة الحصول على المعلومة الاقتصادية خلال سنوات الحرب وانحسار الحراك الاقتصادي على الصعيد المحلي، إضافة إلى ارتفاع التكاليف وضعف مصادر التمويل كلها عوامل أدت إلى تراجع الإعلام الاقتصادي المحلي خلال سنوات الحرب بمختلف وسائله، بحيث توقف المطبوعات الاقتصادية الخاصة عن الصدور، وتراجعت مساحة الشأن الاقتصادي في وسائل الإعلام الرسمية.

وفي محاضرة له بدعوة من جمعية العلوم الاقتصادية قال غصن إن مستقبل الإعلام الاقتصادي السوري، وإن كان مرهون بتراجع الحرب وتأثيراتها، إلا أن الدولة لها دور فاعل ومؤثر في إعادة إحياء وتطوير الإعلام الاقتصادي لاسيما وأن المرحلة القادمة اقتصادية بامتياز، مشيراً إلى أن دور الدولة المطلوب له عدة أوجه بدءاً من توسيع مساحة تناول الشأن الاقتصادي من قبل وسائل الإعلام المحلية وإصدار مطبوعات اقتصادية إلى تقديم الدعم للوسائل الخاصة ماديا ومهنيا، فضلاً عن مسؤولية القطاع الخاص الذي يجب أن تكون له مساهمة جادة وحقيقية في بناء وتأسيس إعلام اقتصادي يعبر عن تطلعات المواطنين وطموحاتهم.

وأضاف غصن أن السنوات القليلة الماضية شهدت فورة في وسائل الإعلام الجديد مقابل تعرض وسائل التقليدية لبعض الوهن، مبيناً أن التكلفة المنخفضة والزهيدة، وما توفره التقنية من سرعة وسهولة في نشر المعلومات، رجحا كفة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على غيرها من وسائل الإعلام بنوعيها التقليدي والجديد، وحولاها تدريجياً إلى صانعة رأي عام ضاغط ومؤثر محلياً في العديد من القضايا والمسائل المحلية، تصدرتها بلا أدنى شك الأوضاع المعيشية للمواطنين، والشؤون الاقتصادية والخدمية العامة، وشجون العمل الحكومي والخاص.

وأوضح أن ظهور صفحات ناجحة وجماهيرية، وإن كانت بحاجة لدعم مهني، لا يلغي وجود نقاط ضعف عديدة أبرزها: اتسمت بالخصائص التالية: غياب المهنية، شيوع ظاهرة التزوير والتزييف للحقائق والمعطيات المتعلقة بالشأن الداخلي، أسهمت ميزة التفاعلية المباشرة، الى إشاعة لغة تقوم على الشتم والكراهية والحقد والتحريض وتوجيه الاتهامات، انتهى تكريس حقيقة أن مفهوم "الإعلام ناقل للحقيقة" لتحل مكانه "التراكمية " واستثمارها لتصفية حسابات وتحقيق غايات وأهداف لا تمت إلى العمل الصحفي بأي صلة، والتعرض للحياة الشخصية للأفراد وبثّ معلومات غير صحيحة ومشوهة.

وفي استعراضه لمسيرة الإعلام الاقتصادي في سورية اعتبر غصن أن الفترة الممتدة من العام 2000 وحتى مطلع العام 2011 مثلت ما يمكن تسميته بالسنوات الذهبية للإعلام الاقتصادي السوري، وذلك بالنظر إلى حضوره المؤثر والفاعل على المستويين الشعبي والرسمي، وسيطرته المتزايدة على مضمون الرسالة الإعلامية لمختلف وسائل الإعلام المحلية. وقد أسهمت عدة عوامل رئيسية في تألق الإعلام الاقتصادي خلال هذه الفترة، منها ما يلي:

-تصدر الملف الاقتصادي اهتمامات المشهد المحلي، نتيجة ثلاثة متغيرات أساسية هي: الإصلاحات الاقتصادية الواسعة، التي نفذتها سورية خلال تلك الفترة، رفع الحظر الرسمي المفروض على تناول ملفات اقتصادية هامة، كانت تعتبر لعدة عقود ملفات حساسة يمنع تناولها إعلامياً، كالحديث عن الإنتاج النفطي، انتشار الفقر وتوزعه الجغرافي، البيانات والأرقام الإحصائية المتعلقة بالمؤشرات الاقتصادية الكلية والجزئية وغيرها. أما المتغير الثالث، فيمتثل في الاهتمام الرسمي بمناقشة الأوضاع المعيشية للمواطن السوري وتحسين الخدمات التي تقدم له. وقد تبلور هذا بوضوح في الحيز الذي شغلته الأوضاع المعيشية في كلمات وخطابات السيد رئيس الجمهورية وتوجيهاته للحكومة ولمؤسساتها. وكان من الطبيعي أن ينعكس ذلك الاهتمام على أولويات العمل الإعلامي المحلي، صدور مؤشرات رسمية عن وجود رغبة حكومية بمكافحة ظاهرة الفساد في مؤسسات الدولة وجهاتها العامة، وقد تجلت هذه الرغبة في الإعلام بتوسيع هامش الحرية المتاح للصحفيين في تناول هذه الظاهرة ومناقشتها، ونشر تحقيقات صحفية جريئة، قادت إلى إجراءات حكومية مباشرة، النقاشات والحوارات المجتمعية التي تناولت الوضع الاقتصادي بسقف مفتوح، كالجلسات الأسبوعية لندوة الثلاثاء الاقتصادية، والمؤتمرات والندوات البحثية والعلمية وغيرها، السماح للقطاع الخاص بتأسيس وإصدار وسائل إعلام، إضافة إلى الاهتمام الرسمي والمجتمعي المباشر بالإعلام الاقتصادي، فعلى الصعيد الرسمي توج هذا الاهتمام باستقبال السيد رئيس الجمهورية للصحفيين العاملين في حقل الإعلام الاقتصادي في العام 2003، فضلاً عن انفتاح رئاسة مجلس الوزراء والوزراء على الصحفيين، وتزويدهم بالمعلومات، وهناك كذلك الجهود المتميزة والكبيرة التي بذلها الصحفيون العاملون في الإعلام الاقتصادي خلال تلك الفترة لجهة مضمون الرسالة الإعلامية، طريقة صياغتها وعرضها، ملامستها لهموم المواطنين العاديين، وجرأتها وموضوعيتها في النقد. مؤكداً أن هناك تحقيقات هامة أجراها الزملاء وفرت على الدولة مليارات الليرات أو كشفت عن معلومات قادت الجهات الرقابية إلى كشف ملفات فساد كبرى.

وتناولت المداخلات التي قدمت من الحضور محاور عديدة أبرزها أهمية إعادة تأهيل الكادر البشري للانتقال بالإعلام الاقتصادي إلى مرحلة البحث والتحليل والمعالجة، وضرورة وضع استراتيجية للنهوض بهذا الاعلام في ظل ما فرضته الحرب من أوضاع سلبية، وكذلك منح الإعلام الاقتصادي هامشاً أوسع من الحرية ومنحه حق الوصول إلى المعلومة بعيداً عن العوائق والصعوبات الإدارية والبيروقراطية وغيرها.

سيرياستيبس

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك