الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

كتب الباحث المستشار غسان وديع العيد: الإدارة الرشيدة وتطبيقاتها

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

تحتل الإدارة الرشيدة (الحوكمة) أهمية كبيرة على مستوى العالم وقد زاد الحديث مؤخراً عن الحوكمة ودورها في التنمية من حيث تحسين الأداء الاقتصادي والاستثماري والمالي وبرزت ضرورة تطبيقها ومتابعة أنظمتها في الإدارات لضمان حقوق المستثمرين والمجتمع وتلعب دور العامل على التقدم الاقتصادي من خلال زيادة تدفق رؤوس الأموال.

والحوكمة تعني النظام العام أي وجود نظم تحكم العلاقات بين الأطراف الأساسية التي تؤثر في الأداء كما تشمل مقومات تقوية المؤسسة على المدى البعيد وتحديد المسؤول عن التصرفات الإدارية والمالية غير الصحيحة مع تحميل المسؤولية لكل من ألحق ضرر بالمصلحة العامة، وبمعنى آخر فإن الحوكمة هي مجموعة القوانين والنظم والقرارات التي تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز في الأداء الإداري عن طريق اختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق خطط وأهداف التنمية في أي عمل منظم سواء في وحدات القطاع العام أو في وحدات القطاع الخاص من خلال ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة (الحوكمة)، حيث أن مصطلح الحوكمة هو الترجمة المختصرة التي راجت لمصطلح Corporate Government أما الترجمة العلمية لهذا المصطلح والمتفق عليها فهي (أسلوب ممارسة سلطات الإدارة الرشيدة).

لقد تعددت التعريفات المقدمة لهذا المصطلح بحيث يدل كل مصطلح على وجهة النظر التي يتبناها مقدم هذا التعريف وتُعرف مؤسسة التمويل الدولية الحوكمة بأنها النظام الذي يتم من خلاله إدارة الشركات والتحكم في إعمالها.

وتعرفها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنها مجموعة من العلاقات فيما بين القائمين على إدارة الشركة ومجلس الإدارة وحملة الأسهم وغيرهم من المساهمين كما أنها تبين الآلية التي توضح من خلالها أهداف المؤسسة والوسائل الممكنة لتحقيق تلك الأهداف ومراقبة تحقيقها, وبالتالي فإن الحوكمة الجيدة هي التي توفر لكل من المجلس والإدارة التنفيذية الحوافز المناسبة للوصول إلى الأهداف التي تصب في مصلحة المؤسسة وتسهل إيجاد عملية مراقبة فاعلة وبالتالي تساعد المؤسسة على استغلال مواردها بكفاءة.

وتتشابه حوكمة القطاع العام مع حوكمة الشركات من حيث الإدارة والإشراف والعلاقة مع أصحاب المصالح والتدقيق, وتتمحور حول إدارة ومراقبة الشركات بشكل يخدم كافة أصحاب المصالح, والجدير بالذكر هو أن هذه الحقيقة لا تغلب وجود مسائل أخرى يتفرد بها القطاع العام كتأثره بالسياسة الحكومية واتسامه بالطبيعة غير الربحية وهدفه الجوهري والأساسي هو المصلحة العامة وهذا لا يمنع أن تتجه حوكمة القطاع العام من إعداد السياسات وإدارة الأزمات إلى المزيد من تحسين نظام الإدارة الرشيدة والمزيد من الشفافية, وفي القطاع الخاص يعتبر مجلس إدارة أي شركة المحرك الأساسي لنظام حوكمة الشركات باعتبار أن مجلس الإدارة يهتم أساساً برسم السياسات العليا لأنشطة الشركة وبالتالي حماية حقوق المساهمين, حيث أن مجلس الإدارة له السلطة العليا في شكل ومحتوى وتفاصيل التقرير السنوي للشركة وكلما كان مفصلاً أكثر زادت شفافية المعلومات عن الشركة وبالتالي زاد مستوى حوكمتها.

("دعنا نتفاوض خارج خوفنا ولكن دعنا نخاف أبداً من التفاوض"... جون كيندي)

أما في القطاع العام فإن مفهوم الحوكمة ونطاق عملها والمسؤوليات هو اتجاه السلطة التنفيذية للحكومة واتجاه تعيين أعضاء مجالس الإدارة في المؤسسات العامة والمديرين العامين في الوزارات وتحمل مسؤوليات الإدارة من كافة الموظفين في الجهاز الإداري العام للدولة.

وتحتاج مطالب مثلي الشعب والرأي العام إلى منهجية واضحة للعمل المالي والإداري من ناحية الإفصاح والشفافية وتقييم الأداء وصولاً إلى كيفية إعداد التقارير السنوية التي تتناول كافة أعمال الجهات الحكومية وذلك بهدف تحديد المسؤوليات ورسم السياسة المستقبلية, ما يتطلب شرح الأسس والقواعد والإجراءات الواجب تطبيقها وتحديد المعايير والمبادئ والمحددات التي تحكمها.

وجاءت أهمية الإدارة الرشيدة (الحوكمة) من الموضوعات الهامة في كافة الإدارات والمؤسسات والمنظمات المحلية والإقليمية والدولية العامة والخاصة خصوصاً بعد سلسلة الأزمات المالية المختلفة التي وقعت في الكثير من المؤسسات العالمية مثل الانهيارات المالية التي حدثت في دول شرق أسيا وأمريكا اللاتينية عام 1997 وقيام شركة Enron الأمريكية للطاقة بالتلاعب بأرباحها وإظهار أرباح وهمية عام 2001 للحفاظ على سمعتها ولرفع أسعار أسهمها وقد أدى كشف الحقيقة إلى إفلاس الشركة وفرض العقوبات والغرامات على أكبر شركة محاسبة في العالم Arthur Anderson لسكوتها عن هذا التضليل, بالإضافة إلى ذلك فإن أسباب انهيار الوحدات الاقتصادية هو أدائها بشكل فردي وافتقار إدارتها إلى الممارسة السليمة في الشفافية والرقابة والإشراف ونقص الخبرة والمهارة وكذلك اختلال التمويل يضاف إلى ذلك نقص الشفافية وعدم الاهتمام بتطبيق المبادئ المحاسبية التي تحقق الإفصاح المناسب, إلى جانب عدم إظهار المعلومات المحاسبية الحقيقية للأوضاع المالية للشركة, وقد انعكس ذلك في مجموعة من الآثار السلبية أهمها فقدان الثقة في التقارير والبيانات المالية لهذه الوحدات.

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك