الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

كتب الباحث المستشار غسان وديع العيد: نشوء فكرة حماية المستهلك وتطورها

الاقتصاد اليوم ـ خاص:

لقد مرّت فكرة حماية المستهلك بمراحل تاريخية عديدة حيث ظهرت قواعد تنظم العلاقة بين البائع والمشتري في شريعة حمورابي لدى البابليين وكذلك في القانون الروماني، كما عالجت المجتمعات الإسلامية هذا الموضوع من خلال مؤسسة الحسبة التي كانت تطبق الشريعة الإسلامية والأعراف المهنية.

بالإضافة إلى ما ورد في الأحكام العامة المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة المبادئ المرتبطة برفع الضرر، ومن أقوال الرسول صلى الله عليه و سلم ( لا ضرر ولا ضرار ) وعن مسألة الغش ( من غشنا ليس منا).

وعن مسألة التعامل وتسهيل المعاملات التبادلية بين البائع والمشتري (المؤمن سمحاً اذا باع سمحاً إذا اشترى)، وعن مسألة الكيل والميزان (ويل للمطففين الذين اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم وزنوهم يخسرون). كما ينهي الفكر المسيحي عن الكسب الحرام وعن الكذب والسرقة والاحتكار والغش والاستغلال وغيره.

ظهرت حركة مفهوم حماية المستهلك في العالم الغربي في فترة الثورة الصناعية وما نتج عنها من تطورات الاقتصاد العالمي وبشكلٍ دقيق ظهرت في السوق الأميركي عام 1900، وكان السبب الحقيقي هو ارتفاع أسعار السلع والخدمات وخاصة في أسواق اللحوم، وكان الظهور الثاني في منتصف عام 1930 عقب الأزمة الاقتصادية العالمية التي ابرزت الضعف الكبير للمستهلكين حيال اشباع حاجاتهم من السلع والخدمات لضعف قدرتهم الشرائية، وزاد ذلك بعد الحرب العالمية الثانية في معاناة المستهلكين نظراً لصعوبة الحصول على السلع والخدمات.

لقد أدى نشوء النظام الرأسمالي إلى تأسيس مفهوم ان قانون العرض والطلب يحقق التوازن والعمل بمبدأ سلطان الإرادة والعقد شريعة المتعاقدين مع التأكيد على عدم تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي، ولا حاجة لقوانين حماية المستهلك إلى ان بدأت تظهر المخالفات التي تحولت في كثير من الأحيان إلى جرائم مما دعى إلى قيام المشرع الفرنسي بإصدار قانون منع التدليس والغش في الأول من آب عام 1905 و يتبع ذلك صدور القوانين والتشريعات لحماية المستهلك.

وفي عام 1962 تأسست المنظمة الدولية لحماية المستهلك ومقرها الحالي في لندن، وصدر في بريطانيا قانون الأوصاف التجارية في عام 1968 و قانون الائتمان الاستهلاكي عام 1974 و قانون الشروط التعاقدية غير العادلة عام 1977 و قانون حماية المستهلك عام 1987، وفي عام 1962 وضع الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي أربعة حقوق للمستهلك هي: 1– حق الأمان، 2– حقه  في الحصول على المعلومات، 3– حقه في الاختيار، 4– حقه في إسماع رأيه، وفي عام 1985 أضافت الأمم المتحدة اربعة حقوق جديدة هي 5 – حق المستهلك في إشباع حاجاته الأساسية (الفيزيولوجية)، 6 – حق المستهلك في الحصول على تعويض ملائم عن الضرر الذي لحق به، 7 – حق المستهلك في التثقيف المناسب لحقوقه و واجباته، 8 – حق المستهلك في الحياة في بيئة نظيفة صحية وسليمة وسنأتي على تفصيلها لاحقاً.

وفي ألمانيا أسست منظمة لحماية المستهلك عام 1935 وهي قائمة حتى اليوم وفي عام 1950 اسست جمعية حماية المستهلك في برلين, كما تم تأسيس مؤسسة لفحص السلع في برلين عام 1964 وهي منظمة غير حكومية وإنما تعمل وفق القانون المدني حيث تقوم بفحص السلع والخدمات وتحليل الأسعار ونشر النتائج في الصحف والمجلات للمنتجات والخدمات من حيث الجودة والأسعار، وفي عام 2000 تم اعادة تأسيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك في ألمانيا وهو عضو في الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية لحماية المستهلك، ونظراً لأهمية التجربة الألمانية في منظمة فحص السلع نقدم فيما يلي نبذة عنها.

("إرضاء العميل هو استجابة سريعة أكثر من التقاء حاجات المستهلك"... لايو يرب جونسون)

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك