كتب الدكتور إيهاب أبو الشامات: أقساط المدارس الخاصة... بين القانون والغموض
الاقتصاد اليوم ـ خاص:
بقلم: د. إيهاب أبو الشامات – محامٍ وأستاذ قانون
أقساط المدارس الخاصة... بين القانون والغموض
في كل عام دراسي جديد، يتكرر نفس المشهد: مدارس خاصة تُعلن عن "دفعة تثبيت" للتسجيل – قد تصل إلى ألف دولار – دون الإفصاح عن القسط السنوي الكامل، أو حتى نية رفعه. هذه الممارسة ليست فقط مزعجة لآلاف الأهالي، بل تُثير تساؤلات قانونية مهمة: هل هذا الإجراء قانوني؟ وهل يمكن للمدرسة أن تطلب المال قبل أن تُعلن القسط؟
أولاً: القانون واضح وصريح
القانون رقم 55 لعام 2004، الناظم لعمل المؤسسات التعليمية الخاصة، ينص في المادة 38 على ما يلي:
"لا يجوز تعديل شروط الترخيص، ولا سيما ما يتعلق بالأقساط، إلا بموافقة الوزارة المسبقة والخطية."
بمعنى أن المدرسة لا تستطيع قانوناً تغيير القسط أو زيادته من تلقاء نفسها، ولا يمكنها المطالبة بأي مبلغ دون توضيح المعتمد من الوزارة.
كذلك، المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2012 أعطى وزارة التربية صلاحية تنظيم وضبط الأقساط عبر تعليمات تنفيذية، وفعلاً أصدرت الوزارة تعليمات تنص على:
"وجوب إعلان القسط المعتمد في مكان واضح في المدرسة، ومنع استيفاء أي دفعة دون الإفصاح الكامل عن القسط السنوي."
ثانياً: العلاقة تعاقدية لكنها مُنظمة
من وجهة نظر قانونية، العلاقة بين المدرسة الخاصة وولي الأمر تُعتبر عقداً مدنياً ذا طبيعة إدارية، وبالتالي تُطبق عليه أحكام القانون المدني السوري، الذي ينص في المادة 148 على:
"إذا لم يكن محل الالتزام معلوماً بصورة كافية، لا يقوم الالتزام."
فهل يمكن اعتبار دفعة التثبيت التزاماً واضحاً إذا لم يُعرف القسط النهائي؟ بالطبع لا، وبالتالي فإن العقد بين الطرفين يكون باطلاً أو قابلاً للإبطال بسبب الجهالة.
ثالثاً: ولي الأمر محمي بقانون حماية المستهلك
ولي الأمر، باعتباره متلقياً لخدمة تعليمية، يتمتع بالحماية القانونية بموجب قانون حماية المستهلك رقم 14 لعام 2015، الذي ينص في المادة 3 على:
"للمستهلك الحق في الحصول على معلومات صحيحة وواضحة عن السلعة أو الخدمة، وخاصة سعرها الكامل."
وعليه، من حق الأهل معرفة القسط السنوي كاملاً قبل دفع أي مبلغ، وأي تصرف من المدرسة خلافاً لذلك يُعد مخالفة واضحة.
رابعاً: عهد المحسوبيات انتهى
لسنوات، كانت بعض المدارس تتصرف وكأنها "فوق القانون"، مستفيدة من علاقات ومحسوبيات جعلتها تُفلت من الرقابة. أما اليوم، وفي ظل التغير السياسي والمؤسساتي في سوريا، فإننا أمام مرحلة جديدة تقوم على الشفافية والمحاسبة.
وزارة التربية في هذه المرحلة مطالبة بتطبيق القانون بحزم، وعدم السماح بأي تجاوزات مالية تُرهق المواطنين وتُشوه العملية التعليمية.
خامساً: ما الذي يمكنكم فعله؟
1. لا تدفع أي مبلغ قبل الحصول على نسخة رسمية من القسط السنوي المعتمد من الوزارة.
2. اطلب توضيحاً كتابياً من المدرسة لأي دفعة تطلبها.
3. قدّم شكوى إلى مديرية التربية المختصة إذا شعرت بوجود مخالفة.
4. احتفظ بإيصالات الدفع وأي مراسلات، فقد تكون دليلاً في حال الحاجة للمطالبة القضائية.
في الختام
لا يجوز لأي مدرسة خاصة أن تتعامل مع الأهل وكأنهم "زبائن في سوق مفتوح". التعليم رسالة، والقانون يحمي المواطن من الاستغلال والغموض. دعونا نطالب بحقوقنا بهدوء، وبالقانون، لأن أبناءنا يستحقون تعليمًا نظيفاً وواضحاً، لا يشوبه غموض ولا استغلال.
الاقتصاد اليوم
تعليقات الزوار
|
|