الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

كتب نزار سعد الدين: تصريف سعر الصرف

الاقتصاد اليوم:

يعتقد البعض أن ارتفاع سعر أي منتج أو سلعة، سببه الرئيس تلاعب التجار، أو التصدير إلى خارج القطر، أو ربما من المنتج نفسه.

ولكي نجيب على أسئلة المواطن، يجب أن نكون حذرين، وألا نقدم أي تحليل خاطئ يضر به، أو أقل ما يقال أنه تلاعب بمشاعره أو استخفافا بفكره، أو حتى ربما إبعاده عن الحقيقة ليعيش هذا الواقع مرغماً. جميعنا يعلم أن لكل منتج في هذا الكون دورة إنتاج، وهذه الدورة إما أن تكون مكلفة، أو متوسطة التكاليف أو منخفضة، وقبل الخوض في هذه العناصر يجب ألا ننسى أن سورية ومنذ خمس سنوات قيدت اقتصادياً بما تسمى العقوبات الاقتصادية الغربية أو حتى من العرب أنفسهم، وهذا كلف المواطن فاتورة تحمل هذا العبء الثقيل.

اليوم، نرى أن ما يتحكم بدورة الإنتاج بشكل عام، هو سعر الصرف بالدرجة الثانية بعد العقوبات التي منعت المنتجين من تأمين مستلزمات الإنتاج، وحتى نكون على وضوح أكثر، ذهب البعض ليطبق مقولة، إسألني كم التكلفة أقول لك ما سعر الصرف…

في الحقيقة إن تكلفة تأمين مستلزمات الإنتاج أصبحت لها فاتورتها الخاصة، ناهيكم عن نفقات أخرى كالنقل واليد العاملة، والرسوم والضرائب وغيرها، واليوم من يتحكم بتحديد هذه الأعباء هو التذبذب الحاصل في سعر صرف الليرة أمام الدولار، وبالتالي قد يدفع سعر الصرف بين لحظة وأخرى إلى تغيير معادلة التكلفة أكثر من مرة، وأخيراً نجد أنفسنا أمام قائمة من الأسعار لا تنتهي.
فالمواطن يريد سلعة رخيصة، والتاجر لا يرضى بخسارة رأسماله، والمنتج يريد سلته بلا عنب كما يقال، وهذه معادلة معقدة يصعب حلها، ولكننا نرى أن المواطن هو الخاسر الوحيد لأنه يتحمل وزر فاتورة المنتج، والتاجر معاً، ولكن ما الحل..؟

في الحقيقة لا يوجد حل ناجع لهذه المعادلة التي لا أرى أنها صعبة للغاية سوى بتوطين صناعات نستوردها اليوم، ولكننا قادرون على إنتاجها، فلننظر إلى فاتورة المستوردات السنوية، هل هي عادلة، وكم تكلف الدولة من قطع أجنبي، وكيف يضغط هذا القطع على ميزان الصرف، ويجعل حفنة من المتاجرين بعملتهم يتحكمون أحساناً بالعرض والطلب..

نحن اليوم لا ننادي بوقف الاستيراد، ولكننا نطالب بمراقبة المهربين، فليكن الاستيراد لخدمة المواطن وتلبية لاحتياجات معيشته بما يتناسب مع متطلبات الواقع الراهن، وهذا الأمر لا نراه اليوم، مازلنا نرى في الأسواق الكيوي والكستناء والألبسة التركية، وحتى
أجهزة الخليوي الممنوعة من الاستيراد، كيف أتت ومن ساهم بإدخالها إلى السوق..؟

إن معنى توطين صناعات جديدة، لا يمكن آن ينجز في ليلة وضحاها، نحن نملك المال، ولكننا لا نملك الجرأة على اتخاذ قرار استراتيجي بإقامة معمل للمعكرونة على سبيل المثال، ولكننا نملك الجرأة والإرادة على تبذير موارد القطع بين هنا وهناك، من أجل استيراد مادة يمكننا صناعتها، هل تعلمون أن نصف فاتورة المستوردات قادرة على إنشاء معمل لصناعة بعض المستلزمات الطبية، وهل تدركون أن إقامة معمل للعصائر يساعد على دعم منتجي الحمضيات في تصريف منتجاتهم بدلاً من تلف جزء كبير منها
سنوياً..؟

وهل تعلمون أن لدينا الخبرات لإنتاج مواد إولية للصناعات، والقدرة على استصلاح أراض جديدة يمكن زراعتها بمحاصيل نقوم باستيرادها..؟

نعم إن خياراتنا كثيرة ومضمونة النجاح، ولكننا دائماً نخاف المبادرة، ونحيد عن تحمل مسؤولية اتخاذ أي قرار، دعونا نبدأ بمعمل صغير ونرى النتائج.

أقل ما يمكن تخطيه في هذه الخطوة هو أننا نبتعد عن زج سعر الصرف بمخرجات الإنتاج، وعندها لن نضطر إلى رفع الأسعار في كل مرة يرتفع فيه سعر الصرف، فالاستيراد يستنفذ طاقاتنا، ويعجل في إضعافنا، بينما الإنتاج يقوينا، خاصة وأننا أصبحنا نمتلك مقومات الصناعة، فلماذا نخاف إذاً…؟

المصدر: موقع اتحاد المصدرين السوري

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك