محسوبيات..سوق سوداء...غش..ازدحام بكازيات دمشق..والمواطن يلجأ للبسكليت
الاقتصاد اليوم ـ صحف:
يعاني سكان دمشق وريفها من أزمة مرور خانقة تعد الأولى منذ بداية عام 2015، وذلك بسبب أزمة الوقود التي نتجت عنها طوابير السيارات على محطات الوقود، وامتدت عشرات الامتار في الطرقات، مسببة أزمة خانقة في المناطق التي تتواجد فيها "الكازيات"، إضافةً إلى التشديد الأمني في المدينة، ولعل السبب الأساسي في هذه الازمة، فقدان الوقود من الكازيات بعد رفع سعرها قبل أيام.
ولم تقتصر أزمة المواصلات في سورية على ارتفاع اجور النقل، أو الاختناقات المرورية التي اعتادها المواطن السوري خلال الاشهر الماضية، بل أصبحت المشكلة الاكبر هي صعوبة الحصول على هذه المحروقات، من مازوت وبنزين، وبالتالي إنعكاس هذه المشكلة سلبيا على السائقين وأصحاب سيارات الاجرة، الذي فضلوا إيقاف سياراتهم عن العمل على الانتظار لساعات في طوابير الكازيات.
ففي محطة الأزبكية الواقعة في شارع بغداد وسط دمشق، تقف عشرات السيارات في طابور يمتد لعشرات الأمتار، ويلتف نحو الطرق الفرعية منعا لعرقلة السير، وذات المشهد يتكرر أمام محطة المهايني في شارع خالد بن الوليد، وكذلك كازية زغلولة في منطقة الدويلعة، والتي أدى الازدحام عليها، إلى عرقلة السير، وإغلاق الطريق العام بشكل كامل، وتحويل خط السرافيس إلى الطرق الفرعية، أو إلى طريق المطار للوصول إلى مدينة جرمانا.
وحول أزمة الطلب على الوقود، فقد أكد أحد المواطنين لـ "كفاح العمال الاشتراكي"، "أقف على الدور لأحصل على بنزين لسيارتي، منذ مايقارب الساعتين ونصف"، مشيرا إلى أن "هذه الازمة لم تكن على البال في الوقت الحالي، ولكن هناك شيء ما، دفع لإحداثها، وأن ما يجري اليوم، يعيد إلى الأذهان الكابوس الذي عانى منه سائقو السيارات، والمواطنين مرات عدة في بداية الازمة السورية، بسبب نقص تزويد المحطات العامة والخاصة بمادة البنزين".
وقال علي، "سائق تكسي"، "عمال الكازية هم من يسببون الاختناقات على الكازيات، من خلال تسيير أمور أشخاص يعرفونهم، على حساب وقت المواطن، مضيفا "انتظر يوميا هنا حوالي الثلاث ساعات والنصف، لكي املئ سيارتي بالوقود، فأنا مضطر للوقوف هنا بشكل يومي، لأن طبيعة عملي تتطلب مني ذلك".
وأضاف علي، "عمال الكازيات يتحكمون بالسائقين وكأنهم عبيد عندهم، ويطالبون السائقين بدفع مبلغ 100 ليرة أو 200 إجبارية، تضاف على التسعيرة، وإلا يرفض تزويدهم بالوقود، ويطالبهم بالخروج من الكازية"، لافتا إلى أنه "في حال انقطعت من البنزين ووقفت سيارتي، واضطريت للتعبئة عن طريق الغالون، فهنا احتاج إلى واسطة كبيرة، أو دفع مبلغ إضافي للعامل (رشوة)، كي يرضى عني، ويعطف علي".
أما أبو خالد، "مدرس"، فقد أكد "اضطررت إلى العودة أمس لمنزلي بعد أن انتظرت لمدة ساعتين أمام محطة الجلاء في منطقة المزة، دون أن أتمكن من التزوّد بالوقود".
التلاعب بالعداد والرقابة في سبات
إبراهيم، أحد سكان مدينة دويلعة، قال "ذهبت يوم الجمعة إلى الكازية الموجودة في الحي بيدي الغالون، وذلك بسبب توقف سيارتي عن العمل لنفاذ وقودها، وحين دخلت إلى الكازية رفضت أحد العمال تعبئة الغالون، وقال ممنوع أن ابيع بالغالون بأكثر من ألف ليرة".
وتابع إبراهيم، "قلت له موافق، وقبل أن يصل المؤشر إلى 1000 ليرة توقف عن التعبئة، ونظر لي العامل نظرة تشير إلى أن الباقي "بقشيش"، وبعد أن انتهيت، وخرجت من الكازية ذهبت إلى أحد المحال التجارية بالقرب من الكازية، وطلبت منه ان يزن لي الكمية، وبعد الحساب، تبين أن الكمية التي تمت تعبئتها هي 4 ليترات فقط، وهذا ما يشير إلى التلاعب بالعدادات، وغياب الرقابة بشكل تام"، مضيفا "نصحني صاحب المحل ألا افاتش العامل بالنقص، لأن غيري الكثير تعرض لنفس الموقف، وكان الخاسر، لأن صاحب الكازية لديه من العلاقات ما يكفي ليحميه".
وسائل نقل جديدة وليدة الازمة
وكما هي العادة، فالمواطن السوري يقف دائما في وجه الازمات، من خلال ابتكار أساليب جديدة لتخفيف الاثار السلبية التي تعود عليه من هذه الازمات، لذلك كان للدراجات الهوائية الدور الأكبر في التغلب على أزمة المواصلات، وتحكم سائقي السرافيس بالاسعار وطول الخط، ففي هذا السياق قالت آلاء "طالبة جامعية"، "كنت أعاني أثناء توجهي من منزلي صباح كل يوم من منطقة جرمانا، إلى منطقة المزة من صعوبة المواصلات، وتحكم السائقين في المواقف التي يصلون إليها".
وتابعت آلاء، "غالبية السائقين يحددون مكان يصلون إليه، وهو اقل من نصف الخط المقرر لهم، ولذلك كنت اضطر للوقوف ساعات طويلة لكي اتمكن من الركوب، أما اليوم فقد لجأت إلى حل بديل وهو الدراجة الهوائية (البسكليت)، والتي وفرت عليَ مصروف المواصات وتحكم السائقين إضافة إلى أنها اسرع، ولا أضطر للوقوف وانتظار الازدحامات المرورية حتى تنفرج".
وهذا ما أكد عليه عصام، "موظف"، "اعتمد اليوم على البسكليت كوسيلة نقل، فلم أعد أعاني من الحشر داخل الباص كالمخلل، ولا حتى من الاسعار التي ترتفع حسب السائق، أو حجة مافي فراطة".
"السوق السوداء" والعلاقة مع عمال الكازيات
وخلال جولة ميدانية في العاصمة، واستطلاع آراء المواطنين حول أزمة الوقود وارتفاع اسعارها، استوقفا احد سائقي السرافيس بشكوى حول ما يسمى "تجار السوق السوداء"، الذين يستغلون حاجة السائقين للعمل، في ظل المخصصات الحكومية التي لا تكفي لعمل يومين او ثلاثة، من خلال رفع سعر ليتر المازوت الواحد حوالي 50 ليرة سورية على التسعيرة الاساسية، مبررا بذلك رفع أجور النقل".
وتابع "في ظل نقص الوقود الحاصل بالكازيات، أتيحت الفرصة لتجار السوق السوداء، الذين تتوفر لديهم المحروقات بكثرة في هذه الاماكن، وذلك من خلال تعامل التجار في السوق السوداء، مع أصحاب الكازيات، او أحد العمال فيها، الذي يوفر له كميات كبيرة من الوقود، مقابل حصوله على نسبة من العائد، الذي ينتج عن بيع هذه المواد بأسعار مضاعفة".
واتهم علاء، اصحاب الكازيات، "بمساعدة تجار السوق السوداء على استغلال حاجة السائقين، من خلال الامتناع عن البيع بالكازية للمواطن، وبيعه بكميات كبيرة إلى السيارات الجوالة، التي تبيعه إلى السائقين بأسعار مضاعفة، وفي الغالب تقف هذه السيارات أمام الكازية، في ظل غياب واضح للرقابة".
رفع سعر المازوت مسلم به وتوفر المادة واجب
وحول إصدر الحكومة قرار برفع سعر ليتر المازوت، أكد أنور "رب أسرة"، "ليس المهم أن يتم رفع سعر الليتر، لأننا تعودنا على رفع الاسعار ولا نملك حيلة للاعتراض، ولكن مايهمنا اليوم هو توفره عند حاجتنا إليه"، مشيرا إلى أن "الشتاء على الابواب، واعتمادنا في التدفئة سيكون على المازوت أغلب الاوقات، لأن الكهرباء تنقطع لساعات طويلة، إضافة إلى تكاليفها العالية".
وأشار شادي، إلى أنه "سجلنا في العام الماضي للحصول على مخصصاتنا من المازوت، وكان دوري ليس ببعيد، ولكن بسبب الوسائط والمحسوبيات، لم أحصل على المازت لمنتصف فصل الصيف"، مضيفا "يجب أن يكون هناك آلية للتوزيع، وان يكون هناك عدل، وبذل جهود كبيرة لسد حاجة المواطن قبل انتهاء الشتاء".
المصدر: جريدة كفاح العمال الاشتراكي
أحمد إبراهيم إسماعيل
تعليقات الزوار
|
|