منشآت سياحية ضخمة متوارية عن سجلات المالية..وأخرى مسكوت عنها!!
الاقتصاد اليوم:
الحديث عن التهرّب الضريبي هذه المرة له طعم آخر… ولاسيما بعد أن نظّمت مديرية مالية دمشق أكبر ضبطي تهرّب ضريبي بحق إحدى المنشآت السياحية الضخمة، إضافة إلى كشف الغطاء عن منشآت كانت متوارية عن سجلات المالية وتسمّى بالعرف الضريبي “منشآت مكتومة” وذلك خلال أقل من عام واحد..!.
ثلاث نقاط استوقفتنا في هذا الضبط نعتقد أنها تستحقّ الإضاءة عليها…
أولاها.. إذا ما علمنا أن قيمة المخالفة والتهرّب تتجاوز الـ1.738 مليار ليرة سورية وهي من منشأة واحدة فقط، فلنا عندئذ أن نتصوّر حجم التهرّب الضريبي وعدد المخالفات “المسكوت عنها” –إن صح التعبير- في العديد من المطارح الضريبية..!.
ثانيتها.. المتهرّب هنا هو منشأة سياحية من مستوى خمس نجوم، وبالتالي فإنها دون أدنى شك واضحة للقاصي والداني، ويفترض أن تتربّع على عرش أولويات التحصيل، لأنها ذات إيراد جيد إن لم يكن ممتازاً، ولاسيما أن وزارة السياحة تتغنّى بين الفينة والأخرى بملاءة المنشآت سياحياً، وبأن نسبة الإشغال وفق تقاريرها في دمشق والمنطقة الساحلية تتراوح بين 70 – 90% من جهة، ولا تقع في منطقة نائية أو بعيدة عن الأنظار من جهة ثانية..!.
ثالثها.. المتهرّب هنا من شريحة كبار المكلفين، وبالتالي فإن مجريات التحصيل منه تشي بأن قسم كبار المكلفين لم يحقّق الهدف المرجوّ من إحداثه، وتحديداً من جهة تعزيز فكرة الالتزام الطوعي لدى المكلفين بدفع ما يترتب عليهم من ضرائب، ما يعني بالمحصلة انعدام ما راهنت عليه الهيئة العامة للضرائب والرسوم بأن يحدث القسم ثقة متبادلة بين المكلف والإدارة الضريبية..!.
ما سبق يشي بأن ثقافة الالتزام الضريبي لا تزال شبه معدومة في بلدنا لأسباب تتعلق بعدم انعكاس الضريبة بالمستوى المطلوب على الخدمات المقدّمة لدافعيها، إلى جانب قصور التشريعات والأنظمة النافذة عن ضبط هذه الظاهرة، ناهيك عن عدم تحقيق العدالة الضريبية بين المكلفين بدليل تفاوت المعدلات الضريبية المفروضة على الرواتب والأجور من جهة، وتلك المفروضة على الأرباح الحقيقية للقطاع الخاص من جهة ثانية.
ولعل العامل الأهم والكفيل بترسيخ الالتزام الضريبي هو قناعة المكلف بدفع الضريبة، وتقع مسؤولية هذا الأمر على عدة جهات معنية بالإضافة إلى وزارة المالي، إذ من المعروف عالمياً وجود صلة وثيقة بين التهرّب الضريبي وعدم قناعة المكلف بدفع الضريبة وخاصة في الدول المتقدّمة، على اعتبار أن المكلف غالباً ما يكون على ثقة تامة بأن ما يدفعه من ضرائب سيرى انعكاسه على مستوى الخدمات المقدمة إليه، لذلك يعتبر التهرّب الضريبي جريمة كبرى في تلك الدول، ويُنظر إلى المتهرّب بازدراء لأنه يتخلى عن المساهمة في تحسين بلده والارتقاء بالخدمات المقدّمة للمصلحة العامة، أما المكلف غير الواثق بسبل وأقنية ما سيدفعه فلن يعدم الوسيلة التي تقيه شرّ الضريبة.
“جريدة البعث”
تعليقات الزوار
|
|