موسم التخفيضات..المستهلك بين الحقيقة وبين الشك والريبة!
الاقتصاد اليوم:
مددت مؤخرا وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك موسم التخفيضات على الألبسة الشتوية والأحذية للمحال التجارية مؤخرا، وأثير كثير من الشك حول مدى مصداقية هذه التخفيضات وواقعيتها، حيث يرى فئة من المستهلكين أن هذه التخفيضات عبارة عن “مصيدة” يقوم بها البائع لتصريف بضائعه بسعر “مخفض وهمي”، في حين ترى فئة أخرى من المستهلكين أن هذه التخفيضات عبارة عن “فرصة” تغتنم لشراء حاجيات الشتاء مع قدوم فصل الصيف بأسعار مخفضة.
توخي الحذر
أوضح أمين سر "جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها" "جمال السطل" ، أنه على المواطن أن لا يثق كثيرا بما يتم إعلانه من تخفيضات على الألبسة والأحذية، مشيرا إلى أنها “غير حقيقية”، متسائلا: “عندما يقوم البائع بتخفيض سعر الألبسة بنسبة 60% فما هي نسبة الربح التي كان يربحها قبل التخفيض؟”.
ونوه السطل وفقا لما نشره موقع "سينسيريا" الالكتروني إلى أن هناك بعض المحال التجارية يقومون برفع أسعارهم ومن ثم يعلنون عن التخفيضات لكي لا يتقلص هامش ربحهم، وهذه هي جهة الجهات الرقابية فعليها التحقق من ذلك.
التخفيضات حقيقية
بائع ألبسة في سوق مساكن برزة، نفى ما يتم تداوله عن كون التخفيضات الموسمية عبارة عن “مصيدة أو أنها وهمية”، مشيرا إلى أن البائع من مصلحته أن يقوم بتصريف بضائعه وإعادة تدوير رأس المالي الذي يملكه وخاصة بما يتعلق بسلعتي الألبسة والأحذية، مشيرا إلى أنه ليس من مصلحة البائع أن تتراكم لديه البضائع في محله، لأن ذلك سيؤدي بطبيعة الحال إلى خسارة وخاصة إذا ما علمنا أن الألبسة لا يمكن تخزينها كثيرا لأنها تعتمد على ذوق المستهلك ومحاكاة الموديلات المطروحة في السوق وذلك على عكس المواد الغذائية التي في حال تم تخزينها فإن ربحها مؤكد لأن أسعارها ترتفع أكثر مع الأيام.
ولفت البائع أنه عندما يتم الإعلان عن التخفيضات فإن معظمها حقيقية كون النسب التي يعلنها البائع في هذه التخفيضات تأخذ من هامش أرباحه، وطبعا نسبة تخفيض 70% يعني أن البائع يريد أن يحصل على رأس ماله فقط، دون أي ربح يحققه من التخفيض، مؤكدا على أن موسم التخفيضات من شأنه أن يحرك ركود الأسواق وخاصة أن معظم الأسعار حاليا مرتفعة مع الإشارة إلى أن أسعار الشتاء القادم ستكون الأسعار أكثر ارتفاعا في حال استمرار عوامل الأزمة، لذا فإن المستهلك يجب أن يعتبر موسم التخفيضات “فرصة” له، وليس “مصيدة” وعليه أن يكون حذرا بنفس الوقت من بعض البائعين الذين يتحايلون بعرض سعر وهمي على القطعة “غير حقيقي” وذلك من خلال البحث في أكثر من محل تجاري لمعرفة السعر الحقيقي للبضائع المعروضة.
ونوه إلى أن تاجر الألبسة المفرق يعاني حاليا من قلة البضائع في أسواق الجملة وفي المعامل حيث أن الإنتاج منخفض والأسعار مرتفعة كثيرا، وبالتالي اضطر التاجر لتخفيض نسب أرباحه لكي يجعل من سعر السلعة تتلائم مع دخل المستهلك، مشيرا إلى أن صناعة الألبسة حاليا تعتمد على بعض مناطق ريف دمشق، كما أن معظم الأقمشة أصبحت مستوردة وبالتالي تعتمد على سعر الصرف مما يجعل أسعار الألبسة تتأرجح وفقا لتأرجح سعر الصرف، فلا يوجد أقمشة مصنعة محليا للأسف بعد توقف الكثير من معامل الغزل والنسيج العامة.
وأكد البائع مرة أخرى على أن التخفيضات المعلنة هي حقيقية لأن التاجر لن يستطيع التلاعب بها، على عكس الرائج بين المستهلكين حيث أن من مصلحة التاجر أن يرفع أرقام مبيعاته لتدوير رأس ماله وعدم إبقاء البضائع لمواسم أخرى لأنها ستفقد قيمتها وخاصة أن لا يوجد استقرار في الأسعار سواء من حيث التكلفة أو من حيث الإنتاج.
حركة الأسواق عادية
مصدر في وزارة التجارة وحماية المستهلك أوضح ، أن أي تخفيضات ضمن الأسواق لم يتم التصريح عنها في مديريات التجارة الداخلية ضمن المحافظات تعتبر تخفيضات مخالفة ونسير دوريات بشكل يومي على الأسواق للتأكد من ذلك، مشيرا إلى أنه يتوجب على التاجر قبل أن يعلن عن أي تخفيض أن يحصل على موافقة من مديرية التجارة وبعد دراسة تكاليف السلع وفق الفواتير التي يبرزها وبعد التأكد من صحتها يتم تحديد نسب التخفيض وهامش الربح للتاجر.
ورأى المصدر أن التخفيضات الموسمية عبارة عن تصفيات للمواسم، مؤكدا أن وزارة التجارة الداخلية لا تدع التاجر يرفع ويخفض السعر وفق مزاجه الفردي، بل هناك شروط محددة لهذه العملية.
وسأل المصدر: التاجر الذي اعلن عن نسب تخفيض تصل إلى 50%، ماهي نسب ارباحه التي كان يجنيها قبل أن يعلن التخفيض؟..
وعن حركة الأسواق في موسم التخفيضات قال المصدر: “يمكن القول بأن الحركة على الأسواق تعتبر عادية جدا خاصة أن البضائع التي أعلن التخفيض عنها هي بضائع راكدة منذ المواسم السابقة، حيث لا يوجد بضائع جديدة، وقد تشهد الأسواق حركة في الأيام الأولى من موسم التخفيض ولكن ستعود إلى وضعها الحالي بعد أيام”.
حقيقي ولكن قد يواجه بالركود..
باحث اقتصادي لفت بحسب ما نشره موقع "سينسيريا"، أن قيام التجار بالإعلان عن التخفيضات يعود إلى الفترة الزمنية والانتقال الفصلي بين الشتاء والصيف، لافتا إلى أن بعض التخفيضات ضمن الأسواق تعتبر حقيقية كون الهدف من التخفيض هو تصريف للبضائع من أجل تدوير رأس المال وليس من مصلحة التاجر أن يبقي البضائع على رفوف محله التجاري دون أن يصرفها أو أن يبقيها ضمن مستودعاته لأن ذلك قد يعرضه لخسائر كبيرة.
ورأى الخبير الاقتصادي، أن ضعف حركة الأسواق بسبب ضعف القدرة الشرائية لدى المستهلكين يعتبر عاملا أخر للإعلان عن مواسم للتخفيض، حيث أصبحت الألبسة والأحذية من الكماليات لدى المستهلك وخاصة أنه توجه إلى شراء الأساسيات من المواد الغذائية والتي شهدت ارتفاعات كبيرة في اسعارها وبالتالي لم يعد لدى المستهلك قدرة على شراء أي سلعة أخرى حتى انه أضطر لاستهلاك مدخراته، وقد يكون موسم التخفيض فرصة للمستهلك وخاصة ذوي الدخل المحدود لكي يشتري بأسعار أقل ولكن عليه الحذر بأن لا يتعرض للغبن من قبل التجار.
وأكد الباحث الاقتصادي أن بعض التجار قد يضطرون لتخفيض أسعار بضائعهم لنحو 90% بسبب التزامات مالية عليهم ولو كانت هذه التخفيضات ستعرضهم للخسائر، مع الإشارة إلى أن التاجر قدر الإمكان لدى إعلانه عن أي تخفيض على أي سلعة فإنه يحافظ على رأس ماله ولا يعرض نفسه للخسارة كما أن البضائع السابقة التي باعها قبل موسم التخفيض قد توازن بين معدلات الربح والخسارة، كما لا ننسى أن التجار ونتيجة فرق سعر الصرف فإنهم استطاعوا أن يحققوا أرباحا ليست بقليلة حيث كانت لديهم بضائع مخزنة في المستودعات قبل الأزمة وتم بيعها بأسعار مضاعفة كثيرا مما حقق لهم أرباح مضاعفة، ولكن في حال أراد التاجر أن يشتر بضائع جديدة فإنه سيشتريها بسعر مرتفع ولكن بنفس الوقت سيغير نسب أرباحه وفق السعر الجديد وكذلك سيحدد نسب تخفيض وفقا للسعر أيضا.
وأشار إلى أنه يوجد بعض التلاعب من قبل بعض التجار بالنسبة لقضية التخفيضات، حيث قد يعمل على رفع السعر بشكل مضاعف ويضع نسبة تخفيض تصل إلى 60% وبالتالي فهو لم يخفض شيئا وإنما عاد إلى السعر الحقيقي للسلعة، لافتا إلى أن ذلك سيؤثر بالدرجة الأولى على مبيعات التاجر لأن المستهلك وخاصة ذوي الدخل المحدود سيلمس ارتفاعا في أسعاره وبالتالي لن يشتري ولكن هذا الأسلوب في الأحتيال موجه إلى المستهلكين ذوي الدخل المرتفع لأنهم قد ينغرون بهذه النسب في التخفيض التي تعتبر وهمية.
وأكد الباحث الاقتصادي على أهمية أن تقوم جمعية حماية المستهلك ووزارة التجارة الداخلية على توعية المستهلك حيال هذه الأمور وخاصة في قضايا الاستهلاك وتعزيز ثقافة الشكاوى لديه في حال وجد أي تلاعب بالأسعار أو أي غبن تعرض له من قبل أي بائع.
ووجد الباحث أن موسم التخفيضات هذا العام لن يكون كباقي المواسم الأخرى، حيث أن القدرة الشرائية لدى المستهلكين انخفضت كثيرا، وبالتالي السوق يعاني من ركود واضح ومعظم الألبسة في الأسواق هي بضائع راكدة منذ زمن.
تعليقات الزوار
|
|