هبط سعر الصرف ولم تنخفض الأسعار..فمن يواجه حجج التجار؟
الاقتصاد اليوم:
هل لدى أسواقنا أبجدية واحدة لا تعلم غيرها، وهي لغة الارتفاع فقط دون الانخفاض في الأسعار؟..يسأل مستهلكون، وهل الانخفاض الكبير في سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، بات ذريعة البائعين في التفاوت الكبير الحاصل في الأسعار بين بائع وأخر حتى وصل لبعض السلع لأكثر من 200 ليرة.؟..أيضا يسأل مستهلكون.؟. ومتى ستستجيب الأسواق لهذا الانخفاض ولماذا تعانده؟..
غرفة تجارة دمشق أوضحت على لسان نائب رئيسها عمار البردان، أن هبوط الدولار خلال أقل من أسبوع كان له آثار مختلفة على النشاط التجاري وتسبب بخلخلة في الأسواق ويمكن أن يخلق أوضاع منافسة شديدة في أسعار المواد والسلع المعروضة، حيث إن هناك الكثير من التجار ممن ورد بضائعه بدولار 650 سيكون هؤلاء في وضع منافسة في الأسعار مع القسم الأخر من التجار الذين استوردوا بدولار 500 ليرة او اقل من هذا المبلغ حيث سجل السوق السوداء سعراً منافساً للمركزي، لافتا إلى أن هذا السعر للدولار خلق تباينات في الأسعار في السوق حتى بين تاجر نصف الجملة ومورده من تجار الجملة نتيجة قيامه بتوريد بضاعة له قبل أسبوع بسعر وهو الآن يورد له نفس البضاعة بسعر اقل بكثير وتاجر نصف الجملة بذلك سوف يبقى متشبثاً بالبيع بأسعار مرتفعة بذريعة عدم قدرته على تصريف بضاعته المعروضة برأسمال مرتفع قياسا إلى سعر الدولار المرتفع، أي إن الهبوط المفاجئ خلق تفاوتاً كبيراً بين التجار وزبائنهم ومع أقرانهم الآخرين.
حجج البائعين واهية
هذا ما أكده أيضا أحد الباحثين الاقتصاديين الذي أكد أن انخفاض أسعار السلع حاليا يحتاج لبعض الوقت ولكنه بدأ وبشكل تدريجي، مشيرا إلى أن الأسواق في سورية باتت حساسة لدرجة كبيرة لجهة الارتفاع، أما لجهة الانخفاض فهي بطيئة الاستجابة وهذا الأمر يعتبر غير طبيعي في مفهوم التعامل التجاري، لأن العمل التجاري يقوم على تحديد نسب الإنتاج والتكاليف ومن ثم تحديد هامش الربح، فإذا كانت الأسعار متذبذبة خلال فترات زمنية قصيرة جدا، فإن ذلك من شأنه أن يضع التاجر في حيرة من أمره، ولكن ومع كل ما يقال عن أن التاجر لا يستطيع أن يبيع إلا بسعر مرتفع، فهي حجة واهية، لأن الارتفاع في سعر الصرف لم يدم طويلا، وانخفاضه أيضا لم يستغرق وقتا طويلا، أي أن ما تم إنتاجه محليا، وفق سعر صرف مرتفع لا يمكن أن يغطي كل احتياجات السوق لذا لا يمكن تسعيره على سعر صرف مرتفع، كما أن ما تم استيراده خلال هذه الفترة لا اعتقد أنه وصل إلى سورية، فعمليات الاستيراد تستغرق وقتا كبيرا وحتى الحصول على إجازات استيراد تحتاج لأكثر من هذا الوقت الذي شهد فيه سعر الصرف ارتفاعا ومن ثم انخفاضا سريعا، أي أن الأسواق وفق ما أعتقد “والكلام للباحث” لم تحتضن سلعا صنعت أو استوردت على سعر صرف مرتفع، فلا يجب على التاجر أن يحتفظ بسعره المرتفع، بل يجب أن يخفضه وبشكل فوري، ولكن دون أن يعرض نفسه لخسائر، أي دون أن يخفض السعر لدون رأس المال، لأن ذلك من شأنه أن يغبن البائع.
وأكد الباحث على أن ما يقوله البائعون حاليا بأنهم قاموا بشراء السلع على سعر صرف مرتفع هو أمر غير منطقي أبدا، ويجب على الجهات الرقابية التحرك السريع لكبح جماح الأسعار، وإيقاف هذه المهزلة، وعليها أن تركز على مراكز الجملة والشركات المصنعة والمستوردة وليس على بائعي المفرق لأن بائعي المفرق يشترون ويضعون سعرهم وفق ما اشتروه من مراكز الجملة والتي تفرض عليهم سعرا مرتفعا كنوع من التحوط وعدم تعرضهم لخسائر في حال ارتفع سعر الصرف.
ولفت إلى أهمية أن تتبع الحكومة سياسة تثبيت سعر الصرف بعد إيصاله إلى حد مقبول، وأن يتم تثبيه لمدة لا تقل عن 6 أشهر وهي المدة الكافية لتصنيع أو استيراد المواد وطرحها في الأسواق ووصولها إلى جميع منافذ البيع، مؤكدا على أهمية تثبيت سعر الصرف، وعلى أهمية ضبط الأسواق، وتداول الفواتير.
غير صحي ويحتاج لسيولة
بالمقابل رأى عضو في غرفة تجارة دمشق فضل عدم ذكر اسمه أن السبب وراء عدم انخفاض الأسعار بسرعة في حين أنها ترتفع بسرعة عندما يرتفع سعر الصرف، هو أن السيولة تفقد في الأسواق وبالتالي لا يكون في السوق أي عمليات تجارية “بيع أو شراء”، وفي حال قام التاجر بطلب عرض سعر لسلعة ما فإن الصناعي أو التاجر يمنحه عرضا أكثر من ممتاز ولكن شرط التسديد الفوري وهذا ما لا يحصل حاليا، وقد شهد السوق حاليا توقف التعاقدات والبيع ونرى المستهلك محجم عن الشراء أيضا، ولكن في حال وجدت السيولة في أيدي معظم الحلقات بدءا من التاجر وصولا إلى المستهلك فإن الأسعار ستنخفض بسرعة لأن التاجر تتوفر لديه السيولة من المستهلك وليس من “الفضاء” فقلة الطلب هو السبب في عدم تراجع الأسعار بشكل طبيعي فلو أن المستهلك لديه سيولة لكان الوضع أفضل بكثير، أما في حال عدم وجود سيولة و لمدة أكثر من أسبوع أو أسبوعين فستجد أن الأسعار ستنخفض بتسارع رهيب، والقضية الأهم أن الاستقرار أفضل من التذبذب و للأسف حتى الحكومة تظن أن هذا الانخفاض المتسارع هو صحي بينما أن أجد انه غير صحي.
وعن ما يقوله البائعون بأنهم قاموا بشراء السلع بأسعار مرتفعة ولن يقوموا بتخفيضها إلا بعد أن يشتروا السلع بسعر منخفض قال عضو غرفة تجارة دمشق: “المشكلة الأولى ان بعض من يمارس التجارة في سورية ليس لديه ثقافة حقيقية حول موضوع البيع و الشراء و كيفية المحافظة على رأس المال و كيفية الاستفادة من الفرصة المتاحة، و هذا الجهل و للأسف هو أحد الأسباب في عدم انخفاض الأسعار في مراكز البيع، ثانيا: انخفاض أسعار السلع يحتاج لأسبوع أو أسبوعين حتى يكون هناك ثبات إلى حد ما و حتى يتبين أن هذا الانخفاض هو حقيقي و ليس صوري، و لهذا أقول لك هذا الانخفاض الكبير هو غير صحي، بينما المعالجة المتأنية لهذه الأمور تعطي انطباع أفضل لدى الجميع، أما الأمر الثالث، فهل خفضت الجمارك و المالية من رسومها المرتفعة جدا و التي تتقاضاها من التاجر؟ و الأمر الرابع هو عدم وجود سيولة سورية بين أيدي المستهلكين مما تؤدي إلى تحريك الأسواق و لو بشكل ضئيل مما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الأسعار، طبعا هناك أمور أخرى في هذه المعادلة منها موضوع الثقة بين جميع الأطراف”.
الأمر معقد جداً
وعن كون رفع الأجور والرواتب لتوفير السيولة بيد المستهلكين يعتبر حلا لزيادة الطلب على السلع وبالتالي انخفاض أسعارها، قال التاجر: “للأسف نسبة الفقراء زادت كثيرا في الآونة الأخيرة و أصبح أكثر من 85 % من الشعب يعيش تحت خط الفقر حسب ما نقرأ و حسب ما نشاهد أيضا، بالطبع زيادة الرواتب تؤدي إلى زيادة الإنفاق و هذا هو المطلوب، و لكن الأمر معقد جدا وفق الظروف الحالية حيث أن الحكومة مرهقة بالإنفاق من أجل مكافحة الإرهاب الذي ضربنا في كافة نواحي الحياة و بالتالي، نتمنى أن يكون هناك حل سريع وتستطيع الحكومة زيادة الرواتب، كما أن هناك مشكلة أخرى أن العديد فقدوا وظائفهم في القطاع الخاص و بالتالي انخفض الدخل…للأسف وضع معقد بحاجة إلى تدخل إلهي فقط لا غير”.
المصدر: سينسيريا
تعليقات الزوار
|
|