الاقتصاد اليوم ـ تغطية شاملة للأخبار الاقتصادية على مدار اليوم

 

هل استبدال الليرة السورية خطوة ضرورية للإصلاح الاقتصادي

الاقتصاد اليوم:

بعد سنوات من الصراع والانقسام الاقتصادي الذي شهدته سوريا، يبرز تساؤل محوري حول مستقبل العملة المحلية وإمكانية استبدالها، خاصة مع تصاعد الحديث عن المرحلة الجديدة التي تلت سقوط نظام بشار الأسد.

وفي ظل التراجع الحاد لقيمة الليرة السورية وظهور عملات بديلة في بعض المناطق، تتجه الأنظار إلى الخيارات المطروحة لاستبدال العملة، وما قد يترتب عليها من تحديات اقتصادية وسياسية أمام الإدارة السورية في مساعيها لإعادة هيكلة النظام المالي.

فمنذ اندلاع الثورة عام 2011، فقدت الليرة السورية أكثر من 98% من قيمتها أمام الدولار، مع وصول سعر الصرف إلى مستويات غير مسبوقة. هذا الانهيار دفع العديد من المناطق، لا سيما في الشمال، إلى الاعتماد على الليرة التركية أو الدولار في التعاملات اليومية، مما أدى إلى تراجع مركزية العملة المحلية في الاقتصاد السوري.

ومع سقوط النظام في ديسمبر/كانون الأول 2024، تعالت الأصوات من الداخل والخارج مطالبةً باستبدال العملة كجزء من خطة الإصلاح الاقتصادي، بهدف استعادة الثقة بالنظام المالي والنقدي ووضع أسس جديدة للاستقرار الاقتصادي في البلاد.

ويعزو دعاة استبدال العملة القيام بذلك لعدة أسباب من أبرزها:

    وجود أموال بالليرة داخل وخارج البلاد.
    سرقة أموال الدولة على يد مسؤولين ومتهمين بجرائم.
    تدهور العملة وانخفاض قيمة الليرة.
    وجود صور رموز النظام السابق على العملة كصور عائلة الأسد.

سعر الليرة

أكّد الخبير الاقتصادي السوري أسامة قاضي أن استبدال العملة الورقية أمر لا مفر منه "عاجلًا أم آجلًا" مشيراً إلى أن هذا يتطلب أولًا معرفة القيمة الحقيقية لليرة بالسوق ضمن بيئة استثمارية نشطة يدخل من خلالها مليارات الدولارات، مما ينعكس على تحريك عجلة الاقتصاد ويُفعّل آليات العرض والطلب بشكل واضح.

وقال قاضي إن المصرف المركزي بحاجة إلى هذا المشهد الاقتصادي المستقر لتحديد السعر الواقعي لليرة، مما يدفعه للتريث في اتخاذ خطوة طباعة عملة جديدة، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بتكاليف الطباعة العالية، والتقنيات المتطورة اللازمة لمنع التزوير.

وأضاف أنه قدّم مقترحاً رسمياً إلى "المركزي" ووزارة الاقتصاد لطباعة فئة جديدة قيمتها 5 آلاف ليرة، كإجراء إسعافي يهدف إلى وقف التزوير، والحد من المضاربات، ومكافحة غسل الأموال، وبيّن أن هذه الخطوة من شأنها أن تُفقد العملات المهربة إلى خارج البلاد قيمتها.

وأشار قاضي إلى أن عملية الاستبدال ستتيح للمصرف المركزي تتبّع مصادر الأموال ومعرفة إن كان أصحابها يغطّون على عمليات غسل أموال أم يملكون أنشطة اقتصادية حقيقية.

وفيما يخص تمويل الطباعة، كشف قاضي أن ثمة دولا عرضت تغطية التكاليف على 3 دفعات، مرجحًا أن إحدى الدول العربية الشقيقة قد تتبنى تمويل الدفعة الأولى، غير أن المقترح لم يُعتمد رسمياً حتى الآن.

استعادة الثقة

في المقابل، يحذر آخرون من أن التسرع في الإقدام على الخطوة -قبل تحقيق حالة استقرار اقتصادي وسياسي- يجعل الخطوة بلا جدوى.

ويتطلب استبدال العملة السورية شروطا أساسية يجب أن تتحقق على المدى الطويل، وفق المحلل الاقتصادي فراس شعبو، مشيراً إلى من أبرزها:

    تحقيق استقرار سياسي مستدام.
    إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة.
    شفافية تامة في إدارة الشؤون المالية.

وشدد المحلل الاقتصادي على أن استبدال العملة يجب أن يتم فقط بعد استعادة الثقة بها، لافتاً إلى أن أي تغيير شكلي لن يؤدي إلى تحسن حقيقي في قيمة العملة أو في الوضع الاقتصادي بشكل عام.

وحسب شعبو، فإن تكلفة طباعة عملة جديدة أكبر من قيمة الليرة نفسها، وهو تحد كبير في حد ذاته للحكومة.

وأشار إلى أن أي خطة إصلاح اقتصادي يجب أن تشمل إعادة هيكلة القطاعات المصرفية، مع العمل على الحد من التضخم المزمن الذي يعاني منه الاقتصاد السوري، فضلًا عن إيجاد بيئة مناسبة لجذب الاستثمارات.

المصدر : الجزيرة

تعليقات الزوار
  1. تعليقك
  2. أخبرنا قليلاً عن نفسك