هل سنشهد ارتفاعاً جديداً على أسعار الأدوية حتى تتوفر في أسواقنا المحلية؟
الاقتصاد اليوم:
قضية الدواء عادت لتتصدر الأخبار المحلية مؤخرا، فتارة نسمع عن أدوية خطرة تؤدي إلى الوفاة وتارة عن انخفاض في إنتاج الدواء المحلي رغم رفع سعره، وهذا ما أكده "نقيب صيادلة سورية" "محمود الحسن" في أحدى تصريحاته التي نوه خلالها إلى أن إنتاج الدواء انخفض إلى اقل من 80% منذ رفع سعر الدواء 50% العام الماضي، أي بعبارة أخرى يمكن القول بأن معامل الأدوية وبعد أن حصلت على ما تريده من أرباح مضاعفة على جميع الزمر الدوائية إلا أنها لم تلتزم بتوفير الأدوية والذي كان توفيرها هو مسوغ رفع أسعارها لهذا الحد!!…وهنا لا بد من سؤال: هل تنصلت معامل الأدوية من توفير الأدوية بعد رفع سعرها؟..وما هي أسباب انخفاض الإنتاج طالما أن ما تريده تحقق من حيث الأسعار؟..
الشيء الغريب وفق ما ذكره أمين سر "نقابة صيادلة سورية" الدكتور "طلالي عجلاني" أن قرار رفع الأدوية جاء بشكل سريع تخطى بعض الدراسات حيث كان يحتاج إلى دراسات بعض الزمر الدوائية وتحديد الزمر التي تحتاج إلى رفع لأسعارها، إلا أنّ القرار صدر بشكل سريع شاملاً في رفع الأسعار جميع الزمر الدوائية، لافتا “أن القرار لم ينجح في تأمين كافة الأدوية” نظراً لارتفاع أسعار حوامل الطاقة والمكونات الأساسية التي تحتاجها معامل الأدوية في الإنتاج.
أي أن "نقابة صيادلة سورية" عادت لتدور حول نفس الأسباب بعدم نجاح قرار تأمين كافة أنواع الأدوية، ألا وهي رفع أسعار حوامل الطاقة والمكونات الأساسية..أي أنها تعرج على نفس الأسباب الماضية التي دفعت الحكومة لرفع أسعار الأدوية بنسبة 50%..وهنا لا بد من طرح سؤال جوهري: هل سنشهد قرارا جديدا لرفع أسعار الأدوية حتى تتوفر الأدوية في أسواقنا المحلية وتلتزم معامل الأدوية بما تم الاتفاق عليه خلال العام الماضي؟…الشيء الغريب أيضا أن أسعار حوامل الطاقة لم تتغير منذ رفع أسعار الأدوية العام الماضي..ولكن لا يمكن أن ننكر أن بعض مكونات الدواء الأساسية ارتفع سعرها بنسب معينة بسبب تذبذب سعر صرف الليرة، ولكن هذا التذبذب لم يصل إلى حد 50% وهي النسبة التي رفعت بها سعر الدواء..أي لا حجة أطلاقا على عدم التزام معامل وشركات الأدوية بالاتفاق القائم على توفير الأدوية في السوق المحلية..فلماذا لم تلتزم؟..
ولا ننسى أن رفع سعر الأدوية شمل كل أنواع الزمر الدوائية أي أن القرار كان مستعجلا كما ذكر أمين سر صيادلة سورية فكان يجب أن يشمل أنواعا محددة من الأدوية التي تكلفتها عالية، ولكن هذا لم يحدث بل طال الارتفاع حتى “المحارم المعطرة” التي لا علاقة لها بالدواء!!..والأغرب من ذلك حتى أغذية الأطفال طالها ارتفاع مخيف مثل الأرز المطحون أو السيرلاك أو ما شابه.
بالطبع التسعير مزاجي في الصيدليات..والكثير من علب الأدوية أصبحت مليئة “بالتشطيب” والتسعير فوق التسعيرة، فمثلا إحدى علب الأدوية مشطوب على سعرها مرتين ومسعرة مرة ثالثة!! هذا ما شاهدناه في إحدى الصيدليات، والأكثر مأساوية هو أن المواطن يشتري الدواء دون علبة في أكثر الأحيان فلا يعرف ما هي تأثيرات الدواء ولا يعرف العدد المحدد الذي يجب أن يحتويه الدواء من المضغوطات، أي بات الدواء بالمختصر عبارة عن سلعة يتاجر بها مثلها مثل التفاح والبرتقال وحتى الفروج..فلا ضابط لبيعه أو تحديد سعره..والمزاجية هي من تحكم سوقه..وطبعا هذه الظاهرة “عدم وضع الدواء في علب وتزويده براشيتة توضح مكوناته أو التحذيرات الخاصة به أو طريقة استعماله أو عدد مضغوطاته” لا تزال موجودة إلى الآن رغم رفع سعر الدواء 50% أي أن معامل الأدوية لم تكلف خاطرها وتضع الدواء في علب كرتونية رغم أنها حققت هدفها برفع سعر الدواء 50%، وما نجده في حقيقة الأمر أن الـ50% ذهب إلى جيوب معامل الأدوية فقط، ولم تنعكس على الأسواق والدليل كما ذكرنا هو ما أكده نقيب صيادلة سورية محمود الحسن بانخفاض إنتاج الدواء إلى أقل من 80%، مع الإشارة إلى أن عدد كبير من معامل الأدوية عاد إلى الإنتاج ولكن أين هو إنتاجها وماذا تنتج..هل تنتج الأدوية التي تحقق ربحية أكثر؟؟..ولكن ماذا عن الأدوية النوعية والمفقودة في السوق المحلية والتي يجب توفيرها كما تعهدت به معامل الأدوية؟..
حاليا وفق ما ذكره نقيب صيادلة سورية أن تغطية النقص يتم عن طريق الاستيراد..أي لم تكسب الحكومة ولا المواطن شيئا من رفع سعر الدواء 50%، فالحكومة تستورد الدواء المفقود وهذا يكلفها القطع الأجنبي، والمواطن بات حائرا فالدواء أصبح سلعة يتاجر بها، فهي ليست مضمونة من حيث المواصفات وخاصة أن الأدوية المزورة بات من الممكن أن تصل إلى أسواقنا في ظل هذه الظروف وفق قول نقيب الصيادلة، وهي تعتبر خطيرة جدا، كونها قد تحوي موادا مغايرة للتركيبة الخاصة بها، وفي هذا السياق تسعى نقابة الصيادلة لإصدار “اللصاقة الصيدلانية” التي ستمنع من تزوير الدواء، وعدم تناول الأدوية المزورة من قبل المريض، فهي الحلّ الوحيد لمنع التزوير أو التلاعب بالمواد الدوائية، ولكن للأسف ما زال هذا المشروع على الورق وفق قول نقيب الصيادلة، مشيرا إلى أنه يجب على الحكومة التخفيف من الروتين في هذا القرار، وإصداره بأسرع وقت ممكن.
ما نود الإشارة إليه في نهاية حديثنا إلى أن المريض كان هو الضحية في قرار رفع سعر الدواء..فلم يحصل على الأدوية المفقودة والتي قد أصبح يشتريها من بعض الدول المجاورة بأسعار مضاعفة وعدم موثوقية من حيث الجودة والصلاحية..وهو أيضا دفع فاتورة رفع سعر الدواء من جيبه..وأيضا لم يحصل على ما يريده من الدواء المحلي الذي بات بعيدا كل البعد عن محددات وشروط بيعه وتداوله ضمن الصيدليات.
تعليقات الزوار
|
|