هل نتّجه نحو استيراد البيض والفروج
الاقتصاد اليوم:
المشكلة الرئيسة التي تواجه لقطاع الدواجن في سورية، تتمثل بتكاليف مستلزمات العملية الإنتاجية فيه، والتي تعتبر مادة العلف العنصر الرئيس فيها، حيث تشكل 80% من هذه التكلفة، وما يعتري تأمين هذه المادة من مشاكل وصعوبات مزمنة.
هذا القطاع يئنّ منذ سنوات جرّاء السياسات المعمول بها، حيث أدى جشع التجار ومنتجي الأعلاف إلى توجيه ضربات متتالية لهذا القطاع، طمعاً بالمزيد من الأرباح في جيوبهم على حساب المربين والمنتجين، كما على حساب المستهلكين بالنتيجة، وصولاً إلى التكاليف المرتفعة الحالية التي أوصلت أسعار البيض والفروج وأجزائه إلى ما وصلت إليه حالياً من ارتفاع أدى إلى انخفاض معدلات الاستهلاك نظراً لعدم توافقها مع القدرة الشرائية لدى المواطنين، وما تبعها من توقف للكثير من المربين عن عملهم، وخروج منشآتهم عن العمل بشكل نهائي.
فالمؤسسة العامة للأعلاف، التي كان لها دور فاعل على مستوى زيادة وفاعلية وتوسع وانتشار هذا القطاع خلال مراحل سابقة، لم تعد تقوم بدورها السابق، تاركة المجال أمام حيتان التجارة والاستيراد، تماشياً مع السياسات الحكومية المحابية لهؤلاء ومصالحهم على حساب مصالح بقية الشرائح الاجتماعية.
ولعل المثال على ذلك، هو ما توصلت إليه الحكومة بهذا الشأن مؤخراً، فمن صفحة الحكومة بتاريخ 9/7/2020: «طلب مجلس الوزراء من وزارتي الزراعة والاقتصاد التنسيق المشترك، واتخاذ الإجراءات المناسبة لزيادة دعم قطاع الدواجن بما يحتاجه من المستلزمات والأعلاف بالطرق الممكنة كافة، وزيادة أعداد مستوردي الأعلاف لتأمين احتياجات السوق من اللحوم والبيض وتحقيق الاكتفاء المحلي».
فالطلب أعلاه، تحت عنوان «زيادة دعم قطاع الدواجن»، فيه الكثير من الوضوح على مستوى تحييد دور مؤسسة الأعلاف، والحفاظ على دور ومصالح المستوردين بالنتيجة، بل والمخيف في الأمر هو تمرير عبارة: «تأمين احتياجات السوق من اللحوم والبيض وتحقيق الاكتفاء المحلي» في متن الطلب!
مصالح حيتان الاستيراد والفساد
قطاع الدواجن من القطاعات المنتجة، على ذلك قد لا يكون بعيداً عن الاستهداف بغاية الإضعاف والتصفية، حاله كحال القطاعات المنتجة جميعها، زراعية أو صناعية أو حرفية، بغاية إخلاء الساحة الاقتصادية لعمليات الاستيراد على حسابها، وبما يحقق مصالح حيتان الاستيراد والفساد المحميين بالسياسات الحكومية المحابية لهم على طول الخط.
فالمتتبع لواقع ومآل قطاع الدواجن، وما يتعرض له من صعوبات متراكبة ومتراكمة، وخاصة خلال السنوات القليلة الماضية، وصولاً إلى تقلصه وانكماشه وتوقف الكثير من منشآته عن العمل، بالتوازي مع تراجع دور الدولة على مستوى الدعم الحقيقي له، بالإضافة إلى إضعاف دور مؤسسة الأعلاف، ربما يصل إلى الاستنتاج: أن بعض الحيتان والفاسدين الكبار من مصلحتهم ضرب وتوقيف هذا القطاع الإنتاجي الكبير عن العمل أيضاً بغاية توسيع قاعدة عملهم، عبر استكمال استيراد الاحتياجات الغذائية للمواطنين، من البيض والفروج وأجزائه، من أجل الاستحواذ على المزيد من هوامش الربح لمصلحتهم، وهي لا شك كبيرة جداً ومغرية، ولو كان ذلك على حساب المواطن المستهلك، أو على حساب الأمن الغذائي، بل وحتى
المصلحة الوطنية.
وإلّا فما الذي يمنع مثلاً من إنتاج الأعلاف محلياً؟
وما الذي يمنع من إعادة الاعتبار لمؤسسة الأعلاف عبر تأمين الأعلاف عن طريقها، بالكمية الكافية والمواصفة اللازمة والمواعيد المطلوبة والسعر المناسب، كما هو مفترض ومُناط بها من مسؤوليات؟
وأين دور الحكومة العملي من كل ذلك، بعيداً عن الكلام الإنشائي والوعود الخُلّبية حتى الآن؟
صحيفة قاسيون
تعليقات الزوار
|
|